خالد عزب

الثقافة المصرية .. رؤى للمستقبل (4 – 7)

الثلاثاء، 10 سبتمبر 2024 03:29 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يقر دستور جمهورية مصر أن اللغة العربية هى اللغة الوطنية، ترتبط اللغة ارتباطا وثيقا (بهوية الوطن) فاللغة أكبر من مجرد معناها التقني المحدد وأوسع من كونها (مشكلة لغوية) فهى فى التحليل النهائى رمز للمجتمع المصرى، وأداة تفاعل وتواصل، وطريقة فى التعبير والتفكير، ونمط من الجمال، وفوق كل هذا هى قضية اجتماعية حضارية ذات علاقة وثيقة بكل من هوية الوطن وشخصية المواطن وتمايزها، ومن ثم فهى عامل حاكم فى تقوية الولاء والانتماء لدى المواطن.

وعليه فإن عدم احترام اللغة الوطنية على أصعدة متعددة بدءا من الخطابات الرسمية إلى الاهمال فى وسائل الاعلام يؤدى إلى خلل فى الشخصية الوطنية، حتى صار هناك إهمال شائع لكلمات عربية واستخدام البديل الأجنبى خاصة من اللغة الإنجليزية، بل أدت الدراما التركية إلى انتشار أسماء تركية خاصة للفتيات، وهو ما يعكس استلاب ثقافى لم يكن يتخيله أحد فى مصر فى الحقبة التى تلت ثورة 1919 م والتى أسس فيها مجمع اللغة العربية كأداة لتقوية اللغة الوطنية وتفاعلها مع مقتضيات العصر، الآن الشباب يكتب بحروف لاتنية لغة ممزوجة من كلمات عربية وأخرى إنجليزية.

وهذا يعنى أن لغتهم هذه من الممكن مستقبلا فى ظل حالة الاستسلام الحالية ستحل محل اللغة العربية، لذا فإن استعادة العربية مرة أخرى أمرا بات ملحا، يقتضى إيقاظ مجمع اللغة العربية من غفوته، بنقل تبعيته من وزارة التعليم العالى لوزارة الثقافة، مع وضع برامج لرقمنة كل إنتاجه وبناء فضاء رقمى يتفاعل به مع مستخدمى اللغة العربية، وبناء شهادة فى اللغة العربية معتمدة منه، حيث أن الاقبال على تعلم العربية تزايد فى العقود الأخيرة، والتالى فإن وضع خطة ممنهجة لاستقطاب الراغبين فى تعلم العربية عبر مناهج معتمدة من المجمع سيضيف لمصر قوة إلى قوتها الناعمة.

إن الكارثة الوطنية هى ضعف تعليم اللغة العربية فى المدارس حتى أن العديد من تلاميذ المدارس لا يجيدون الكتابة والقراءة، فمنظومة تعليم اللغة العربية تقوم على التلقين لا تذوق اللغة العربية وجماليتها أولا، وعليه فإننا يجب ان نقر أن مناهج تعليم اللغة العربية تحتاج إلى إعادة بناء من جديد بصورة شاملة، ويجب التركيز على معلمى اللغة العربية والحقيقة المرة التى يجب أن نعترف بها أن الأكفاء من مدرسى اللغة العربية سرعان ما يغادرون مصر، كما أن إيقاف تعيين أوائل كليات دار العلوم واللغة العربية والتربية كمدرسين أولا بأول يدفع بهذه القدرات إما إلى ترك مصر أو الإحباط، وبالتالى يصبح من لديه ملكة حب اللغة العربية مدفوعا منذ سن مبكره إلى العزوف عن الانخراط بها كعمل، فإذا فصلنا من لديه الملكة عن التدريس يصبح المعلم يؤدى وظيفة، ولا يقوم بتذوق اللغة ونقل جمالياتها إلى الأطفال، أضف إلى هذا أن برامج الكرتون التفاعلى للأطفال والكرتون ثلاثى الأبعاد على اليوتيوب ذات الصبغة المصرية على اليوتيوب تكاد تكون محدودة العدد والتأثير، وهو جانب من المفترض أن تهتم به وزار ة الثقافة عبر أنشطة الطفل التى هى محصورة إلى الآن داخل المبانى، فيجب إطلاق مشروعات لتمويل إنتاج مصرى للأطفال ينمى لغتهم العربية وهويتهم فى ذات الوقت، هذا تحول نوعى فى طبيعة دور وزارة الثقافة المصرية يخرجها من الغرف المغلقة إلى الفضاء الرقمى .
إن إلغاء حصص الخط العربى وكراسات الخط العربى من المدارس أحد أسباب غياب إدراك اللغة العربية عبر جمالياتها، لذا فعودة هذه الحصص بمعدل حصتين أسبوعيا على الأقل إلى المدارس جانب هام من جوانب رعاية اللغة الوطنية ولابد أن يواكبه اهتمام بمدارس تحسين الخطوط التابعة لوزارة التربية والتعليم.


 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة