اللواء طارق نصير

مصر والسلام فى المنطقة.. رسائل متكررة وجهود مضنية

الثلاثاء، 06 أغسطس 2024 11:25 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تشتعل منطقة الشرق الأوسط بالعديد من الصراعات والحروب والأزمات، بعضها داخلى والبعض الآخر بسبب التدخلات الخارجية فى شؤون دول المنطقة.

وفى خضم هذا، يأتى دائما الدور المصرى الذى يحمل رسالة سلام للجميع، سواء على مستوى علاقاتها مع مختلف دول المنطقة رغم ما يشوب هذه العلاقات من توترات أو تباينات، إلا أن مصر كانت حريصة دوما على ألا تتحول هذه التوترات أو تلك الاختلافات إلى صراعات وحروب، الأمر ذاته ينطبق على رؤيتها بشأن مختلف الصراعات والحروب التى تشهدها المنطقة، فالقراءة المتأنية للسياسة المصرية حيال الأزمات المختلفة فى إقليم الشرق الأوسط تكشف عن ثابتين رئيسيين يحكمان هذه السياسة، الأول، ضرورة الاحتكام إلى الحوار والدبلوماسية كأدوات لإدارة التباينات او الاختلافات فى الرؤى بين كل الأطراف، ورفض اللجوء إلى الأداة العسكرية لإدارة هذه الاختلافات انطلاقا من رؤيتها العميقة بأن الأداة العسكرية لن تجدى نفعا بقدر ما تزيد مساحة الاختلاف والتباين بما يعمق من الصراع ويوسع دائرته ونطاقه.

أما الثابت الثانى فيتمثل فى أهمية الامتثال فى حالة إذا ما وقع الصراع إلى القواعد الأممية الناظمة لإدارة هذا الصراع، فهناك قواعد القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة كضوابط لمنع أيضا توسع هذا الصراع، وتمدده بما يزيد من كلفته البشرية والمادية معا، بل وتمتد تأثيراته أيضا إلى الجوار الجغرافى لأطراف الصراع، ولعل ما يجرى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة منذ 7 من أكتوبر 2023 وحتى اليوم يؤكد على صحة الرؤية المصرية، إذ شهد العدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى خروقا كاملا لقواعد القانون الدولى ولميثاق الأمم المتحدة، ولعل ما عبرت عنه المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية يؤكد على وقوع هذه الخروقات من الجانب الإسرائيلى، أضف إلى ذلك ما جرى مؤخرا بشأن الجنوب اللبنانى الذى شهد اعتداء إسرائيليا عليه، فى إطار محاولة لتوسيع دائرة الصراع والحرب فى المنطقة، بل مما زاد الطين بلة الخطوة الأخيرة التى أقدمت عليها إسرائيل باستشهاد رئيس حركة حماس إسماعيل هنية فى الأراضى الإيرانية، الأمر الذى يؤدى إلى توسيع مساحة الصراع وامتداده إلى طرف إقليمى آخر وهو إيران، رغم ما يكشفه الواقع عن وجود صراع إسرائيلى إيرانى بالمنطقة، فى إطار التنافس الإقليمى بينهما على كسب مزيد من مناطق النفوذ، وهو ما يمثل تهديدا حقيقيا للأمن والاستقرار الإقليمى، وقد عبر عن ذلك بجلاء بيان وزارة الخارجية المصرية الذى صدر عقب أحداث الجولان ورد الفعل الإسرائيلى، حيث عبر البيان عن القلق المصرى البالغ تجاه استمرار التصعيد المتبادل بين إسرائيل وإيران، مطالبا جميع الأطراف بضرورة الالتزام بأقصى درجات ضبط النفس، مع الامتثال الكامل لقواعد القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة، محذرا بذلك من عواقب اتساع رقعة الصراع وعدم الاستقرار فى المنطقة، وآثارها الخطيرة على أمن وسلامة شعوبها، مؤكدا فى الوقت ذاته على استمرار الدور المصرى فى تكثيف اتصالاته مع جميع الأطراف المعنية والمؤثرة من أجل احتواء التوتر والتصعيد المتزايد.

والحقيقة أن ما عبر عنه بيان وزارة الخارجية المصرية، بشأن هذه الأحداث المتصاعدة فى ملف الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية، يوضح بجلاء توجهات السياسة المصرية حيال مختلف أزمات المنطقة وقضاياها، بدءا من القضية العراقية مرورا بالقضية السورية واللبنانية واليمنية والصومالية وصولا إلى القضية السودانية، التى تشهد هى الأخرى تصعيدا واسع المدى، رغم الجهود الدولية والإقليمية المبذولة التى يتسق أغلبها مع توجهات السياسة المصرية فى معالجة مثل هذه القضايا والملفات، إذ تحرص مصر على التواصل المستمر مع أطراف الأزمة ذاتها، وكذلك مع الأطراف الدولية والإقليمية المعنية فى محاولات جادة وحقيقية، للتوصل إلى بناء تفاهمات بين مختلف الأطراف كخطوة رئيسية فى سبيل تهدئة الأوضاع والدخول فى مفاوضات للتوصل إلى حلول لمثل هذه الأزمات المتشابكة، التى تجمع بين رصيد من الماضى وتفاعلات من الحاضر وغياب لرؤى المستقبل، بما يجعل أطراف الأزمة تدور فى حلقة مفرغة من التباين والاختلاف، تؤدى بدورها إلى استمرار الصراع وتوسيع نطاقه.

وعليه، يصبح من الأهمية أن ينظر الجميع إلى الدور المصرى وموقفه حيال مختلف صراعات المنطقة وحروبها، إذ يظل الموقف المصرى هو الموقف الذى يحظى بإجماع الأطراف كافة، سواء تلك المنغمسة فى الصراع أو المتدخلة فيه، لأن الموقف المصرى ينطلق من حيادية كاملة فى النظر إلى الأزمة وأبعادها، ويسعى إلى وضع الحلول التى تتناسب معها دون النظر إلى مصالح هذا الطرف أو ذاك بقدر النظر إلى المصلحة الوطنية لشعوب المنطقة التى تدفع الثمن الأغلى من حياتها وأمنها واستقرارها ومستقبل أبنائها.

ملخص القول: إن مصر كانت ولا تزال بل ستظل واحة السلام فى المنطقة وحاملة شعلة السلام والاستقرار، وداعية للأمن والأمان لمختلف الأمم والشعوب، ليس فقط فى منطقة الشرق الأوسط وإنما فى العالم بأسره، وذلك إدراكا منها أن العنف والقتل لن يولد سوى المزيد من العنف والقتل، فى حين أن الانخراط فى مفاوضات للسلام وحوارات الاستقرار هما السبيلان الأكثر حفاظا على مصالح الجميع، هناك أطراف متصارعة، وأطراف متدخلة، وجوار إقليمى تدفع ثمنا لهذه الصراعات، ومن ثم يبحث الجميع عمن يملك تلك الرؤية السديدة والحصيفة لعودة الأمن والاستقرار، فتتجه كل الأنظار إلى مصر ودورها الذى استعادته فى ظل ما تحقق فى الداخل من إنجازات ونجاحات حافظت على مستوى معيشة المواطنين، فى ظل ما يشهده العالم بأسره من أزمات وحروب وصراعات تركت تأثيراتها على حيوات شعوبها ومستقبلهم، لتتمكن مصر اليوم بفضل قائدها الحكيم، الرئيس عبدالفتاح السيسى، من أن تعبر العديد من الأزمات، وأن تقدم العديد من المعالجات لمختلف الأزمات، شريطة أن ينصت الجميع إلى الصوت المصرى الحامل للسلام والأمن والاستقرار.. حفظ الله مصر وقيادتها وشعبها الأبى.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة