كعادته كل يوم يتوجه يحيى مؤمن أقدم "ماكنجي حليجي" بالدرب الأحمر إلى ورشته العتيقة، التي لا تتجاوز مساحتها المتر في متر، يبدأ يومه في تمام الساعة الثامنة صباحًا، يصنع أبوابًا خشبية، ويتفنن في تشكيل كل القوالب الخشبية التي تظهر جمال الأبواب وتضفى عليها الذوق الرفيع وفخامة الشكل، المهنة التي عاش بين جدرانها منذ ستين عامًا.
وجد يحيى صاحب الـ72 عامًا فرصة لالتقاط أنفاسه ليقول: "من صغري وانا ماكنجي، اشتغلت في الصنعة دي من وانا عندي 10 سنين، كنت اهرب من المدرسة واروح الورشة عشان آخر النهار آخد تعريفة ارجع البيت بيها وافرح أمي".
عمل شاق يقوم به عم يحيى، دون كلل أو ملل، محافظًا على حرفته اليدوية التي تحتاج إلى يقظة ذهنية ومهارة فنية وقوة عضلية كبيرة: "بصنع أبواب، وكساتير حلية، وبسن صفائح منشار، بعمل كل كساتير الحلايا الخشبية على المكن، ومنها بعمل حلايا الباب الخشب السادة والمحفورة بأشكال وتصميمات مختلفة تناسب كل الأذواق، والكستير الواحد ممكن ياخد ساعتين أو ثلاثة تصنيع، معتمدًا على ماكينات سن صفائح المنشار، والمنجلة، والجلخ".
خطى يحيى مسيرته بعزيمة وكفاح لكسب لقمة عيش حلال، وجد نفسه أمام واقع صعب بعد أن فقد أصابع يده اليمنى في حادث أثناء عمله على ماكينة الحلية وواصل مسيرته بقلب كبير وصلب يتحمل كل ضربات الدنيا وصعوبات الحياة: "بعد 30 سنة شغل في السعودية رجعت مصر واشتغلت في ورشة في باب الخلق وفيها فقدت صوابعي الخمسة وانا شغال على المكنة، أجريت عملية جراحية لزراعة الأصابع بعد قطعها وكملت شغلي عادي في ورشة والدي، رغم إن إيدي اتأثرت والحادثة تسببت في تلف الأعصاب".
لم يكن الحادث الذي تعرض له عم يحيى حاجزًا أمام مواصلة عمله الذي يمثل مصدر رزقه الوحيد، واصل عمله بين ماكينات الحلية يشكل كساتير ويصنع أبوابًا خشبية بكل مهارة وحرفية، محافظًا على اسمه في الدرب الأحمر: "عمري ما اتأثرت بالحادثة اللي حصلتلي، بالعكس كانت دافع قوى إني أكمل في مهنتي اللي فنيت عمري فيها وكبرت منها أولادي راندا، وأمنية، وسمر، وطاهر"، مؤكدًا أنه سيظل يكافح لآخر نفس في حياته ولن يتخلى يومًا عن حرفته".
يحيى مؤمن صانع أبواب خشبية بالدرب الأحمر
يحيى مؤمن صانع حلايا الأبواب الخشبية بالدرب الأحمر
مراحل عمل يحيى مؤمن
صانع حلايا الأبواب بالدرب الأحمر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة