عصام محمد عبد القادر

الأزهر المعطاء أبد الدهر

الخميس، 22 أغسطس 2024 07:48 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

إن مؤسسة الأزهر بتاريخها المشرف ورسالتها السامية عبر تاريخ الألف عام ويزيد، اهتمت وما زالت بمجموع ما يقره المجتمع المصري من مبادئ ومعايير شكلت في كليتها صورة المعتقد الوسطي ولبنة التفكير المعزز ببنى معرفية صحيحة، لا يشوبها تطرف أو إنحراف؛ فصارت موجهة للسلوك الإيجابي الذي يحض على قيام الفرد بواجباته ويتحمل مسئولياته، ويدرك ما يحيط به وبمجتمعه ومعتقده من مخاطر تستهدف النيل منه، ومن كل ما يسهم أو يؤدي لإعمار وازدهار وتقدم ورقي للوطن في شتى مناحي الحياة ومجالاتها المتنوعة.


ويقدس الأزهر الحرية لكن في ثيابها المسئول الذي يؤكد على الإنسان حقوقه المشروعة ومسئولياته المعلومة في مناحي وأبعاد الحياة الاجتماعية والتعليمية والسياسية والقانونية والثقافية والاقتصادية والبيئية والعسكرية والصحية؛ لنحصد جراء ذلك نسقًا قيميًا يشكل معارف ووجدان وسلوك مواطن يقدر بلده، ويعلى من قدر رموزها، ويحيي ثقافته، ويحافظ على ملامح حضارته ويصونها، ولا يتزحزح قيد أنملة عن هويته وقوميته؛ فالتضحية بالنسبة له من قبيل الشهادة التي يتمناها، بل ويسعى لنيلها في سبيل إعلاء كلمة الحق ونصرة وحماية بلاده؛ فأمن وأمان واستقرار الوطن من مقاصده الرئيسة دون مواربة.


وسر نجاح الأزهر يكمن في منهجه الوسطي المعتدل الذي لم يتحول، أو يتغير، أو يتبدل، منذ أن وضعت لبنته في أرض المحروسة، والمتبحر في مكنون منهج مؤسسة الأزهر يطالع أصل بناء الإنسان؛ حيث يرصد منظومة القيم الحميدة التي يتبناها في تشكيل جيل من شباب الأمة قادر على تحقيق النهضة غير المسبوقة في الكثير من مجالات الحياة العلمية والعملية والعقدية، وفق سلسلة من الخبرات النوعية التي تجعله قادر على الإنجاز والعطاء المستدام ما دامت نبض الحياة في عروقه.
ويعظم الأزهر كافة المسارات التي تؤدي إلى الابتكار، الذي يحقق النفع للأمة والعالم بأسره؛ لكنه يتفرد في توجيهه المقصود لأن يصبغه بنسق قيمي يقي الإنسان الوقوع في براثن الاحتكار والاستغلال والتمسك بالنفعية في صورتها المحضة؛ حيث إن رسالة الإنسان في الأرض واضحة لا لبس ولا جدال حولها وهي الإعمار، ومن ثم تراعي مؤسسات الأزهر المتعددة ومن يقومون على إدارة شئونها العمل على غرس بُنىً فكريةً قويمةً تُعد سياج أمنٍ وأمانٍ، وخبرات متنوعة تضمن تحقيق الغاية الحميدة.


وعندما نرصد حالة من ضعف التمسك بالنسق القيمي المصري النبيل، وعندما نشاهد أن السلوكيات في جلها استمالت للتقليد الأعمى لثقافات مستوردة؛ فإننا نتوجه لأن نعقد الشراكات الفاعلة مع سفينة النجاة المتمثلة في مؤسسة الأزهر الشريف؛ كي نحافظ على جيل تلو آخر ونكسبه المنهج الوسطي المعتدل، ونعمل على تنمية الوعي الصحيح لديه؛ لنقيه من الفكر الضال، أو المنحرف، أو المتطرف بصوره المختلفة، ومن ثم نضمن تعزيز قيم نبيلة يأتي في مقدمتها السماحة والسلام والتعايش السلمي ومحبة الوطن والولاء والانتماء لثقافته وصون مقدراته والحفاظ على أمنه القومي بأبعاده المختلفة.


ومن قبيل الإنصاف لا التحيز واعترافًا بقيمة وقدر ومقدار المؤسسة الأزهرية ورسالتها المجيدة، نرى أن الأزهر الشريف قبلة العالم بأسره، ليس كونه مؤسسة دينية؛ لكن كونه مرجعية للوسطية التي لا تشوبها شائبة؛ فوسطية الأزهر تعني في عمقها ماهية الإعمار وفق فكرة الاستخلاف في الأرض التي تحميها مقاصد شرعية تصون الإنسان وتعلى من قدره وتحرم وتجرم من يحاول النيل منها؛ لأغراض تحكمها مآرب خبيثة وتنفذها أجندات لأصحاب نفوس لا توصف إلا بالمريضة، كما أن الأزهر في دعوته الجامعة يؤكد على العمل وضرورة اتقانه باعتباره من مقومات العقيدة الصحيحة.


ستظل مؤسسة الأزهر سباقة في عطائها المستدام؛ فنرى أن التجديد في المنهجية الأزهرية يقوم على الصدع بالحق ومقاومة وبتر الأباطيل؛ فهذا دون شك قائم على مسلمة يعترف بها أصحاب العقول الراجحة والقلوب النقية والوجدان الراقي، وهي أن الصحيح ما تستحسنه النفس ويؤلفه القلب؛ لذا نوقن بأن الخطاب المتجدد الذي يتبناه الأزهر يقوم على فلسفة الترغيب في ضوء الموعظة الحسنة والفهم العميق والصحيح، مع الحفاظ على الثوابت التي لا تنفك عن مقاصد الشريعة.


إن استدامة العطاء من قبل الأزهر قائمة أبد الدهر، ولن ينثني، أو ينحني، أو ينحرف عنها بفضل الله وكرمه وبرجال أخذو على عاتقهم العمل على تربية جيل يعتز بذاته وببلاده ويصطف خلف وطنه ومؤسساته وقيادته، لا يقبل الخنوع والخضوع والاستسلام والمذلة، ويثابر في أن يحافظ على هويته وقوميته وكينونته الطبيعية التي خلقه الله عليها.


ونثمن ما تقوم به وزارات الدولة المصرية من عقد شراكات مع مؤسسة الأزهر، كونه يمتلك أدوات التجديد، ويدرك ضوابطه، وتجتهد مؤسساته فيما يستدعي الاجتهاد والتطوير ويفي بمتطلبات العصر؛ فغاية الدولة المصرية التي أعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسي تكمن في تعضيد ماهية العزة والكرامة والحرية المسئولة ونبذ القبيح وحب الفضيلة والسماحة، والأخذ بسبل الحكمة والموعظة الحسنة التي يتقبلها العقل ويخفق لها الفؤاد ويذعن لها الوجدان؛ لنصل إلى النهضة في صورتها المكتملة التي نتطلع إليها.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة