حسين حمودة

الرواية والفيلم

الجمعة، 02 أغسطس 2024 11:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

عملت لعدة سنوات في النصف الأول من ثمانينيات القرن الماضي بالصحافة الثقافية، كتبت خلالها عن الأدب والعمارة والسينما والمسرح والفن التشكيلي مقالات يمكن القول إنها عابرة للتخصص، وأجريت خلالها أيضا حوارات مطوّلة مع المبدعين الذين ينتمون إلى هذه المجالات المتنوعة، كان من بينهم في مجال السينما المخرجون: صلاح أبو سيف، ويوسف شاهين، ومحمد خان.. وقد حرصت في أسئلة هذه الحوارات مع هؤلاء المخرجين أن يكون هناك سؤال واحد مشترك، مرتبط بقضية العلاقة بين الفيلم السينمائي والرواية الأدبية التي يعالجها..

تنوعت إجابات هؤلاء المخرجين عن السؤال.. صلاح أبو سيف أكد ضرورة التزام الفيلم بالعناصر والوقائع والخطوط الأساسية في الرواية، ورأى هذا الالتزام نوعاً من "الأمانة".. وفي وجهة أخرى ذهب يوسف شاهين، منطلقاً في إجابته من تصور أن المخرج السينمائي "صاحب رؤية"، وأنه في حالة تعامله مع نص روائي يركز على ما يتناسب من هذا النص مع هذه الرؤية.. أما محمد خان فقد ذهب إلى مدى أبعد في تأكيد أهمية "رؤية المخرج" التي يصوغها في تحرر كامل من عالم الرواية التي يتعامل معها سينمائياً، في حالة تقديمه فيلماً سينطلق من معالجة رواية من الروايات.

عرفت تصور نجيب محفوظ للقضية نفسها؛ العلاقة بين الرواية والفيلم، ليس من خلال الحوار معه (فقد أجريت معه في التسعينيات حوارين مطولين، لم أطرح فيهما هذا السؤال)، وإنما من خلال مواقفه المعروفة من الأفلام التي تعاملت مع رواياته وقصصه، وأيضاً من خلال إجاباته اللاحقة عن السؤال نفسه مع محاورين آخرين.. وخلاصة رأي الأستاذ نجيب محفوظ أن الكاتب الروائي مسؤول فقط عن الرواية التي يكتبها، وأن الفيلم السينمائي المأخوذ عن رواية من الروايات، أو قصة من القصص، هو مسؤولية مشتركة بين المبدعين السينمائيين: المخرج والسيناريست وبقية الفنانين الذين يشاركون في الفيلم، وتأسيساً على هذا التصور لم يتدخل نجيب محفوظ في أي فيلم عالج رواية أو قصة من أعماله، ولم يكتب أي سيناريو (وهو كاتب سيناريو مجيد، كما نعرف جميعاً)، لأي رواية أو قصة من رواياته وقصصه التي تحولت إلى أفلام.

هذه التطورات المتنوعة للعلاقة بين الرواية والفيلم، التي يمكن اختصارها في تصورين أساسيين وإن تنوعت المستويات والأبعاد في كل منهما، تؤكد تعدد إمكانات النظر لهذه القضية، وتباين الآراء فيها، كما تؤكد استقلال كل من الفن السينمائي، من جهة، والأدب الروائي والقصص، من جهة أخرى، بلغة وتقنيات وجماليات خاصة، حتى وإن تفاعلت وتداخلت معا هذه اللغة والتقنيات والجماليات في حالات كثيرة.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة