خلال الفترة من فبراير إلى يونيو 2024، تشرفت بالمشاركة فى البعثة المشتركة لتوثيق شهادات جرحى العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة فى جولات شملت 24 زيارة لنحو 900 جريح ومريض فلسطينى فى 22 مستشفى عبر 11 محافظة مصرية، وعلى مدار 39 يوما وقرابة 14 أسبوعا من العمل شبه المتواصل، كان من اللافت أن أتلقى اتصالات متتابعة من منسقى الأخبار بالشركة المتحدة لتنسيق مشاركة الطواقم الإخبارية فى تغطية كل المهام التى تضطلع بها البعثة، وبما يشمل ساعات التحرك والوصول، ومعاناة تأكيد التصاريح والولوج لأماكن الزيارة.
لم يكن الاهتمام الكبير وبالغ الجدية من قنوات القاهرة الإخبارية وإكسترا نيوز بجديد، علينا فى ظل ما نتابعه جميعا من نشاط حثيث لهما داخل البلاد، وفى كثير من الأحيان خارج البلاد أيضا، لكنه كان فى هذه التجربة المتعلقة بالشعب الفلسطينى الشقيق اهتماما يفوق كل التوقعات، فاهتمام الطواقم وهمهم المشترك- أمام وخلف الكاميرات- دار حول فعالية عملنا وتحقيق النتائج المرجوة التى تساهم فى جلب الجناة للعدالة ووقف العدوان والفظاعات التى تقع بحق الشعب الفلسطينى، وأكدت التغطيات المنشورة أن الأمر كما هو محل اهتمام شخصى من العاملين بحسهم الوطنى الجياش، فهو أيضا محل الاهتمام المؤسسى كما بينته كثافة التغطيات لمهام البعثة نوعا وكما.
وقبل هذه البعثة، فقد لمست مع أقرانى من الحقوقيين اهتماما من القناتين الإخباريتين المذكورتين، وكذا من الصحف والمواقع التابعة للشركة المتحدة، بطرح نقاشات وحوارات جريئة حول قضايا حقوق الإنسان المصرى بجدية وحرية لافتة ونادرة، وهو اهتمام جاء خارج كل الأطر التقليدية السائدة.
ورغم أنه اهتمام تواكب مع مسار إعداد وتبنى الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، لكن بالتدريج كان واضحا أن ما توافر من إرادة سياسية إيجابية خلال السنوات الثلاثة الماضية، لم يجد الطريق الأمثل لترجمته واقعا ملموسا فى الفضاء الإعلامى سوى عبر الوسائل التى تديرها الشركة المتحدة، وفى وقت تردد فيه آخرون فى إدراك جدية الإرادة والتوجه.
وإذا وسعنا المنظور قليلا، سنجد أن هذه التطورات الإيجابية التى تثير تفاؤلنا بالمستقبل لم تأت دون رؤية ذكية وخطة سرعان ما انتقلت من الكم إلى الكيف، فمن المسلسلات التى نحظى بمشاهدتها، خاصة فى شهر رمضان المعظم، وتقدم لنا مزيجا متنوعا من الترفيه والتثقيف إلى رسائل الخدمة العامة، التى تبثها القنوات المتنوعة للتعريف بالمنجزات فى المناحى المختلفة كوسيلة ناجحة لجسر الفجوة، التى تحول دون اطلاع الناس على ما حققوه بجلدهم وتضحياتهم إلى التبجيل المستحق لهذا الشعب، باعتباره صاحب المنجزات المحققة وصانعها، وأنه فى ذاته هدف هذه المنجزات وما يستند عليها فى المستقبل، دون أن نغفل أهمية التقدير لمجريات التطوير والإصلاح الذاتى المتواصلة فى بعض الوقائع، التى أثارت اهتمام الرأى العام المحلى فى الشأن الرياضى، وهى السياسة التى عكست شجاعة الاعتراف بالأخطاء وعدم التردد فى معالجتها.
طوال أكثر من ربع قرن مضى، تصاعدت أصوات مثقفينا ومفكرينا بأهمية مواكبة التطور التكنولوجى وثورة الاتصال والارتقاء لتحديات عصر المعلومات، وكان مؤسفا أن نفتقد الأدوات اللازمة لذلك لنحو عقدين، غير أنه يسعنا اليوم أن نقول إن المتحدة باتت تنهض بدور القاطرة التى يمكن معها أن تفصح بجلاء أننا نقترب من استعادة زمام المبادرة والارتقاء نحو التفوق والتغلب على سقطة التراجع، التى كادت أن تنال من قوة بلادنا الناعمة فى سباق معاصر بات ضاريا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة