لم يكن نور الشريف مجرد فنان عادى، فقد تميز بعمق ثقافته ومدى تأثير ذلك على شخصيته وعلى الشخصيات التى كان يقدمها فى عالم الفن، لذلك من الطبيعى أن نبحث عن مكتبته الخاصة لنتعرف أكثر على نوعية الكتب التى كان يقرأها.
ومكتبة نور الشريف تعد جزءًا من قسم المكتبات الخاصة فى مكتبة الإسكندرية، وقد تناولنا فى سلسلتنا "زيارة إلى مكتبة فلان" بعض المكتبات الموجودة فى هذا القسم، ومنها مكتبة نور الشريف التى تحتوى على 6000 كتاب، أهديت إلى مكتبة الإسكندرية فى مايو عام 2016، وهو ما يعكس شغف نور الشريف بالقراءة والمعرفة.
لقد كان نور الشريف يقرأ فى مجالات متنوعة تشمل السياسة، والأدب، والدين، وعلم النفس، والسينما، والمسرح، والتاريخ، وكان يهتم بمقتنياته بشكل ملحوظ، حيث كان يعيد تجليد الكتب التى يعتبرها نادرة وقيمة، ويكتب اسمه عليها بعد التجليد، وكان يتعامل مع مكتبة معينة لتجليد الكتب، ويطلب لونًا محددًا لكل كتاب يجلد.
كما كان نور الشريف يدون ملاحظاته فى الهوامش، ما يعكس تفاعله العميق مع النصوص التى يقرأها، على سبيل المثال، فى كتاب "تفسير الأحلام" لابن سيرين، كان يكتب تعليقات على الهامش بجانب بعض الأسطر التى تتناول رؤى الملائكة، والأنبياء، والأسماء التى تحمل دلالات فى الأحلام، وفى أحد هوامش الكتاب، كتب تعليقا يبرز تأمله فى موقف عمر بن الخطاب رضى الله عنه، حين كان يأخذ بالأحلام، ما يدل على مدى تأثره بما يقرأ ومحاولته فهم النصوص فى سياقاتها المختلفة.
وفى رواية "الرابح يبقى وحيدا" لباولو كويلو، اتخذ نور الشريف أسلوبا مختلفا فى تعامله مع النص، حيث بدأ بتوثيق تواريخ القراءة، فكتب «بدأت القراءة يوم 20/8/2012، وانتهيت منها يوم الخميس 23/8/2012».
بعد ذلك، شرع فى تدوين ملاحظاته على بعض المشاهد والمواقف فى الرواية، مثل تعليقه على أحد المشاهد: «يصاغ مشهد جيد بين المرأة، والزوج الأول، والثانى»، كما أشار إلى بعض الصفحات بكلمات مختصرة تحمل دلالات مهمة، مثل «أداء، حوار مهم، مشهد آخر للشخصية، حوار مهم جدا لرجل أعمال يفكّر فلسفيا فى الحياة، من حيل الإبقاء على النجومية، تعبير عن الشر المطلق».
أما فى كتاب «أسس الإخراج فى المسرح»، فقد اتخذ مسارا خاصا فى تدوين ملاحظاته، حيث بدأ بتوثيق تاريخ ومكان القراءة: «نور الشريف 31/ديسمبر/1993 فى طائرة مصر للطيران المتجهة إلى باريس». ثم تابع بكتابة بعض الكلمات والملاحظات التى اعتبرها مهمة لعمله كمخرج وممثل.
من بين تلك الملاحظات: «ملحوظة مهمة جدا للهواة، هذا فى أمريكا، وملاحظات تقرأ للهواة، والتعبير بالوجه والجسم»، وأيضا: «ملاحظة مهمة للممثل فى نص واقعى، وتقسيمات أوضاع المسرح.. هذا التقسيم صحيح من الصالة، ومهم جدا فى الحركة بين أكثر من ممثل، ومهم جدا جدا للممثل المحترف».
وفى كتاب «من مأثوراتنا الشعبية» للدكتور أحمد مرسى، اتبع نور الشريف نمطا مشابها لما اعتاد عليه، حيث كتب فى البداية: «بدأت القراءة فى يوم الجمعة 17/5/2013، وانتهيت يوم الثلاثاء 21/5/2013 فى نجع حمّادى أثناء تصوير مسلسل خلف الله».
ثم غمر نفسه فى القراءة، معلقا على بعض الأجزاء بعبارات مثل «موال رائع» تعليقا على بعض المواويل، و«مثل» تعليقا على أحد الأمثال الشعبية، و«فوازير»، وأيضا «قراءة هذه السير» تعليقا على ذكر الكاتب لبعض السير الشعبية.
فى كتاب «عمرو بن العاص» للكاتب عباس محمود العقاد، الذى يرجّح أن نور الشريف استعان به فى تجسيد شخصية الصحابى عمرو بن العاص فى مسلسل «رجل الأقدار»، بدأ بتوثيق تاريخ قراءته: «نور الشريف يونيو 2002»، ثم علّق على الأجزاء التى استفاد منها فى تمثيله للشخصية.
على سبيل المثال، كتب تعليقا عند الآية الأخيرة من سورة الكوثر: «نزلت فى العاص»، وأشار إلى وصف خلقة عمرو بن العاص بقوله: «مهم جدا»، فى قصة والدته، كتب: «مهم جدا أم عمرو»، وتحت عنوان «صفات شخصية» الذى كتبه بيده، أضاف ملاحظات مثل «مهم جدا تجسيد هذا» فى قصة هشام بن العاص، وتعليقا على قلة مال عمرو، كتب: «تفسير قلّة مال عمرو»، وأبدى اقتراحا حول التكوين الجسدى لعمرو: «هل يمكن إحضار ممثلين أطول لتجسيد هذا؟» حيث ذكر العقاد أن عمرو كان قصير القامة.
هناك أيضا كتب أخرى دوّن فيها تواريخ بدايته ونهايته للقراءة، مثل كتاب «أساطير من الشرق» لسليمان مظهر، حيث كتب: «بدأت القراءة يوم الخميس 22/12/2011، وانتهيت يوم 25/12/2011».
أحد الكتب التى لها مكانة خاصة عند نور الشريف كان «وجدت فى عكرا» لباولو كويلو، الذى أهدته له ابنته سارة، كتب فى ملاحظاته: «بدأت القراءة يوم 1/6/2013، وتوقفت فترة طويلة ثم عدت إلى إكماله يوم 9/9/2013، وانتهيت منه فى ثانى يوم 10/9/2013، هذا الكتاب إهداء من سارة».
بالإضافة إلى ذلك، تلقى نور الشريف العديد من الإهداءات من أصدقائه وزملائه، ومن بين تلك الإهداءات:
إبراهيم عابدين: "أنا والأمريكان.. مذكرات مراسل"، مع إهداء: "بكل المحبة والتقدير.. أهدى كتابى إلى الفنان الكبير الرائع نور الشريف.. إبراهيم عابدين".
سعيد عبدالمحسن، «لغة الصورة فى السينما المعاصرة» مع إهداء: «الفنان الكبير الأستاذ نور الشريف «الشهير بالحاج متولى» يسعدنى أن أهدى لكم هذا الكتاب، تقديرا لمسيرتكم الفنية الحافلة بالروائع، التى كان من بينها أفلام تعد من كلاسيكيات السينما المصرية.. مع أصدق الأمنيات بدوام التوفيق.. سعيد».
د. جمعة قاجا وبشار إبراهيم: «عبدالناصر والسينما»، مع إهداء: «الأستاذ الفنان نور الشريف.. مع كل التحية والتقدير.. 31/3/2001 بشار إبراهيم.. دمشق».
جلال الشرقاوى: «كواليس وكوابيس قصة مسرح الفن»، الذى أهداه له قائلا: «الزميل العزيز الفنان الكبير الأستاذ نور الشريف.. مهما كبرت عمرا، واسما، وفنا لا أدرى لماذا أحسست دائما وأحسّ أنك تامر أو عبير، أدعو الله لك دعاء الأب لابنه.. عفا الله عنك وعافاك، وأتمّ نعمته عليك وشفاك! آمين.. آمين، وحبى دائما.. 19/5/2014».
د. نصر حامد أبوزيد: «الإمام الشافعى وتأسيس الأيدلوجية الوسطية» مع إهداء: «إلى الفنان المبدع نور الشريف.. نسعى جميعا لغاية واحدة».
د. محمد شحرور: «الدولة والمجتمع» مع إهداء: «السيد نور الشريف المحترم.. مع أطيب التمنيات بالنجاح والتوفيق فى فنك الرفيع وفائق الاحترام.. د.م محمد شحرور دمشق 26/10/1996».
تظهر هذه الإهداءات والتعليقات الشخصية مدى تقدير الأصدقاء والزملاء لنور الشريف، ومدى تأثره بالكتب التى قرأها، وتأثيرها فى تشكيل رؤيته الفنية والفكرية.
كتاب أسس الإخراج المسرحي
كلمات الفنان الراحل
الزميلة إسراء إسماعيل فى مكتبة نور الشريف
إهداء من سارة ابنة الفنان
تدوينات
مكتبة نور الشريف
ملاحظات نور الشريف
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة