غسان كنفاني في ذكرى رحيله.. ما قالته عنه رضوى عاشور

الإثنين، 08 يوليو 2024 08:00 م
غسان كنفاني في ذكرى رحيله.. ما قالته عنه رضوى عاشور غسان كنفاني
أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تمر اليوم ذكرى رحيل الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني، الذي يعد أحد أبرز كتاب فلسطين، وقد كتبت المبدعة الراحلة رضوى عاشور عنه في واحد من كتبها المهمة "الطريق إلى الخيمة الأخرى.. دراسة في أعمال غسان كنفاني".

وقالت رضوى عاشور في تمهيد الكتاب

لم يكن غسان كنفاني كاتبا فقط بل كان أيضا مناضلا ثوريا انتهت حياته بالاستشهاد.

ويصعب، بطبيعة الحال، أن نتعامل مع مجموع كتاباته التي جاءت مرتبطة ارتباطا عضويا بتاريخ فلسطين المعاصر وبالقضية التي أعطى لها عمره بالموضوعية الهادئة التي قد نتعامل بها مع كاتب تفصلنا عنه قرون عدة واختلاف في الاهتمامات والشواغل.

ولم يكن غسان كنفاني مناضلًا فقط، بل كان كاتبا مبدعا له إنجازاته الفنية الجديرة بالدراسة ولا يمكن التعامل مع أعماله الفنية من منطلق أن مكانته بكونه مناضلا وشهيدا تجعل لزاما علينا تمجيد كتاباته. إن احترامنا للرجل يجعل من الضروري أن نعطي أعماله حقها بوصفها إنجازات فنية أساسا، وأن نرى مدى ما حققه في هذا المجال بوصفه كاتبا مبدعا وبصرف النظر عن أي اعتبارات أخرى.

ومن هنا كانت صعوبة مهمتي. لقد حاولت أن أكون على قدر من الموضوعية في هذه الدراسة، ولكن ذلك بدا لي صعبا شديد الصعوبة. وعلي أن أعترف أن تقييمي لأعمال غسان كنفاني لم يكن مقصورا على التحليل الهادئ، بل أسهم في تشكيله عاملان أساسيان: أولهما انفعالي الخاص بحياة الرجل وباستشهاده، وارتباطي بما يمثله؛ فإن الهموم الحياتية لغسان والتي عبر عنها في كتاباته تظل ذات الهموم التي يحملها أبناء جيلي وبناته. وثانيهما هو اقتناعي بالدور الريادي الذي قام به غسان في كتابة القصة القصيرة والرواية الفلسطينية، وذلك من وجهة نظر أكثر تقدما ومستوى فني أرقى من كل ما كان مطروحا في ساحة الثقافة الفلسطينية قبله.

لقد كانت حياة غسان كنفاني دائرة مشرقة من التكامل الإنساني.. وجاء استشهاده صدمة أخرى من هذه الصدمات الكثيرة التي تواجهنا بفقد خير من فينا أثناء عملية التصدي للنضال من أجل التحرر.. وكانت أعماله الفنية لبنات أساسية في صرح الأدب القومي الفلسطيني، ولم يكن بإمكاني تجاوز هذين العاملين.

الطريق إلى الخيمة الأخرى .. دراسة في أعمال غسان كنفاني
الطريق إلى الخيمة الأخرى .. دراسة في أعمال غسان كنفاني

كان هدفي من وراء هذه الدراسة تقديم تحليل وتقييم لكتابات غسان الإبداعية تسهم، ولو بشكل متواضع، في الاقتراب أكثر من لب هذه الكتابات. ولم تكن زاوية تناولي في أي وقت هي اعتبار العمل الفني قائما بذاته ولذاته كعالم منفصل عن كل ما عداه، بل كان تركيزي الأساسي

على العلاقة بين العمل والواقع التاريخي الذي أنتجه ومن هنا جاءت دراستي للعلاقات الداخلية في هذه الرواية أو تلك، ولما فيها من إنجاز في البناء أو النسيج، وسيلة للوصول إلى فهم أكبر لمدى قدرة الكاتب على تجسيد واقع ما بأمانة وبشكل فني راق. بمعنى آخر لم يكن الشكل هو القضية المطروحة أولا وأساسا، رغم أن تناول الشكل كان ضروريا بطبيعة الحال وفي كل الأوقات بما أننا نتعامل مع كتابات إبداعية.

في الفصل الأول "ابن عكا يذهب إلى المخيم" قمت بتقديم لمحة سريعة لحياة غسان كنفاني، أردت منها أن تكون مدخلا وخلفية لعالمه القصصي والروائي. ولقد بدا لي هذا المدخل ضروريا حيث إنه في حالة هذا الكاتب بالذات يوجد تداخل مستمر بين دوره بوصفه فنانا وواقعه السياسي ومواقفه من هذا الواقع.

في الفصل الثاني: "ولادة الأسود الصغير"، تناولت بالتحليل عددا من القصص القصيرة التي اخترتها على أساس تميزها أولا، واعتقادي بأنها تحتوي على بذور سوف تنمو بعد ذلك في كتابات غسان اللاحقة. وهذه القصص هي: "أرض البرتقال الحزين"، "الصبي يذهب إلى المخيم"، "كعك على الرصيف"، "المنزلق"، "الأخضر والأحمر".

في الفصل الثالث: "الرحلة"، قدمت عرضا وتحليلا لروايتي "رجال في الشمس" و "ما تبقى لكم"، ولقد تناولت هذين العملين في الفصل نفسه ليس فقط للتقارب الزمني بينهما ولكن أيضا لأن كلا منهما يصور رحلة فلسطينية واحدة تقود للهلاك، والأخرى، على ما تواجه من مشاق هي بداية الطريق للخلاص.

في الفصل الرابع: عن العشق القديم والجديد، ناقشت قصة «العروس» ومجموعة عن الرجال والبنادق.. ومن خلال هذين العملين تناولت مفهوم غسان كنفاني للتاريخ ومفهومه للعلاقة بين الفلسطيني من ناحية والأرض والسلاح من ناحية أخرى.

في الفصل الخامس: الوصول إلى الخيمة الأخرى، تناولت بالدراسة روايتي «أم سعد» وعائد إلى حيفا» اللتين تعبران عن موقف غسان من الجماهير الكادحة في المخيمات (أم سعد)، وموقفه من الطبقة الوسطى الفلسطينية (عائد إلى حيفا).

في الفصل السادس: معجزة المعذبين في الأرض»، ناقشت مسرحية «الباب» ورواية «الأعمى والأطرش»، التي استشهد غسان قبل أن يتمها، وإن كان قد أنجز منها جزءا كبيرا. ومن خلال هذين العملين عرضت لموقف الكاتب من التمرد الميتافيزيقي من ناحية، والثورة التي تعني ضمن أشياء أخرى، تمردا ميتافيزيقيا.

أما في الفصل السابع والأخير: وصار ندا»، فقد قمت بتقديم خلاصة ما توصلت إليه في هذه الدراسة.
قبل استشهاد غسان كنفاني كنت قد قرأت عددا من أعماله وأحببت بعضها، ولكن لم تتح لي فرصة قراءة نتاجه الفني ككل إلا بعد استشهاده وصدور المجلد الأول ثم المجلد الثاني من آثاره الكاملة. وكانت قراءتي للأعمال الكاملة رحلة أغنتني إلى حد الرغبة الملحة في توصيل ما اغتنيت به إلى الآخرين.. وبدأت الكتابة.

لم تكن رغبتي إذن هي إنجاز بحث أكاديمي يتناول هذه النقطة أو تلك أو زاوية دون غيرها بالتمحيص والتدقيق، بل كان هدفي الأساسي تقديم قراءة نقدية لأعمال غسان كنفاني الإبداعية تساعد القراء على الاقتراب أكثر من عالمه الفني والاغتناء بما فيه من عطاء ومعنى.


 







مشاركة



الموضوعات المتعلقة


لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة