سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 15 يوليو 1840.. توقيع الحلفاء الأوروبيين على معاهدة لندن لإجبار محمد على باشا على الخروج من بلاد الشام.. وإنجلترا تدبر المؤامرات ضد الحكم المصرى

الإثنين، 15 يوليو 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 15 يوليو 1840.. توقيع الحلفاء الأوروبيين على معاهدة لندن لإجبار محمد على باشا على الخروج من بلاد الشام.. وإنجلترا تدبر المؤامرات ضد الحكم المصرى محمد على باشا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

انتصر الجيش المصرى بقيادة إبراهيم باشا على جيش الدولة العثمانية فى معركة «نصيبين» يوم 24 يونيو 1839، فأصبحت مسألة التوازن الأوروبى موضع بحث ونظر، حسبما يذكر عبدالرحمن الرافعى فى كتابه «عصر محمد على»، مؤكدا أن انتصارات إبراهيم باشا فى الشام وخضوعها لحكم محمد على، وانتصاراته المتوالية على الجيش العثمانى حتى أصبح قريبا من الآستانة هز كيان التوازن الأوروبى هزا، فسارعت أطرافه المؤثرة إلى البحث عن حل لهذه المعضلة.


يتناول «الرافعى» مواقف الدول الأوروبية الكبرى وقتئذ، قائلا إن روسيا انتهزت الفرصة لبسط حمايتها الفعلية على تركيا بحجة الدفاع عنها، وإنجلترا جاهرت بعدائها لمصر، وأعلنت وجوب المحافظة على كيان السلطة العثمانية برد سوريا إلى تركيا، وإخضاع محمد على بالقوة، وأخذت تؤلب عليه الدول الأخرى لتشترك معها فى إخضاعه، أما النمسا فكان وزيرها المشهور مترنيخ يميل إلى تعزيز مركز تركيا، وكانت بروسيا تميل إلى المحافظة على السلم اتقاء للأخطار التى تنجم عن حرب، وكانت فرنسا تميل إلى إبقاء سوريا وجزيرة العرب تحت سيطرة محمد على.


يضيف الرافعى، أن هذه الدول رأت ألا تترك تركيا تتصرف بمفردها مع محمد على خوفا من أن تعترف له باستقلال مصر، وإقرار سلطته فى سوريا وجزيرة العرب، وعلى هذا الأساس قدم سفراء هذه الدول مذكرة إلى الباب العالى فى 27 يوليو 1839 يطلبون فيها ألا يبرم أمرا فى شأن المسألة المصرية إلا بإطلاعهم واتفاقهم، ويؤكد الرافعى: «كانت هذه المذكرة بمثابة إلغاء لنتائج معركة نصيبين، وكانت من هذه الناحية انتصارا لوجهة نظر إنجلترا، أما تركيا فوضعتها المذكرة تحت وصاية الدول الأوروبية، ففقدت بذلك استقلالها الفعلى، وانقضت أشهر للتوفيق بين آراء الدول الأوروبية، ودارت المفاوضات التى أسفرت على توقيع معاهدة لندن فى 15 يوليو، مثل هذا اليوم، 1840، بين إنجلترا وروسيا والنمسا وبروسيا وتركيا، وللمعاهدة ملحق يتضمن الامتيازات التى تعهد السلطان بتخويلها محمد على، ويعتبر هذا الملحق جزءا من المعاهدة.


يذكر «الرافعى» خلاصة شروط هذه المعاهدة والملحق، وهى، أولا: أن يخول محمد على وخلفاؤه حكم مصر الوراثى، ويكون له مدة حياته حكم المنطقة الجنوبية من سوريا المعروفة بولاية عكا «فلسطين» بما فيها مدينة عكا ذاتها وقلعتها بشرط أن يقبل ذلك فى مدة لا تتجاوز عشرة أيام من تاريخ تبليغه هذا القرار، وأن يشفع قبوله بإخلاء جنوده جزيرة كريت وبلاد العرب وإقليم أدنه وسائر البلاد العثمانية عدا ولاية عكا، وأن يعيد إلى تركيا أسطولها.


ثانيا: إذا لم يقبل هذا القرار فى مدة عشرة أيام يحرم الحكم على ولاية عكا، ويمهل عشرة أيام أخرى لقبول الحكم الوراثى لمصر وسحب جنوده من جميع البلاد العثمانية وإرجاع الأسطول العثمانى، فإذا انقضت هذه المهلة دون قبول تلك الشروط كان السلطان فى حل من حرمانه ولاية مصر، ثالثا: يدفع محمد على باشا جزية سنوية للباب العالى تتبع فى نسبتها البلاد التى تعهد إليه إدارتها.


رابعا: تسرى فى مصر وفى ولاية عكا المعاهدة التى أبرمتها السلطنة العثمانية وقوانينها الأساسية، ويتولى محمد على وخلفاؤه جباية الضرائب باسم السلطان على أن يؤدوا الجزية، ويتولون الأنفاق على الإدارات العسكرية والمدنية فى البلاد التى يحكمونها، خامسا: تعد قوات مصر البرية والبحرية جزءا من قوات السلطنة العثمانية ومعدة لخدمتها.


سادسا: يتكفل الحلفاء فى حالة رفض محمد على باشا لتلك الشروط أن يلجأوا إلى وسائل القوة لتنفيذها، وتتعهد إنجلترا والنمسا فى خلال ذلك أن تتخذ باسم الحلفاء بناء على طلب السلطان كل الوسائل لقطع المواصلات بين مصر وسوريا ومنع وصول المدد من إحداهما للأخرى، وتعضيد الرعايا العثمانيين الذى يريدون خلع طاعة الحكومة المصرية والرجوع إلى الحكم العثمانى وإمدادهم بكل ما لديهم من المساعدات.


ونص البند السابع على: «إذا لم يذعن محمد على للشروط المتقدمة وجرد قواته البرية والبحرية على الآستانة، فيتعهد الحلفاء بأن يتخذوا بناء على طلب السلطان كل الوسائل لحماية عرشه، وجعل الآستانة بالبواغيز بمأمن من كل اعتداء».


أبرمت هذه المعاهدة دون علم مصر وفرنسا، فتوترت علاقة فرنسا بإنجلترا، وكادت تقع الحرب بينهما، وحرضت فرنسا محمد على لكنها أدركت فى النهاية أنها لن تغير شيئا من مواقف أطراف هذه المعاهدة، وفقا للرافعى، مضيفا أن إنجلترا كانت تدبر المؤامرات لتضع محمد على أمام الأمر الواقع، بتحريضها لسكان لبنان وسوريا على الثورة ضد الحكم المصرى قبل التوقيع على المعاهدة، وأرسلت جواسيس يتقنون اللغة العربية لإثارة الفتنة بين السكان، بالإضافة لإجراءات أخرى أدت إلى نشوب حرب أجبرت محمد على فى نهايتها على خروجه من الشام فى فبراير 1841.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة