يفرض تغير المناخ على دول العالم إجراءات متنوعة، خاصة فيما يتعلق باستهلاك وتنظيم الطاقة، حيث تضاعف موجات الحر والجفاف من حاجات الدول إلى الكهرباء والمياه، واضطرت الدول لإعادة ترتيب خططها لمواجهة تداعيات الموجات الحارة، بعد خروج محطات توليد كهرباء عن الخدمة بجانب زيادة معدلات استهلاك الغاز والوقود عموما لتشغيل محطات توليد الكهرباء.
لم تكن مصر بعيدة عن هذه التأثيرات، حيث فرضت موجات الحر تحولات في محطات الكهرباء واستهلاك احتياطيات الوقود، وهو ما انعكس في زيادة زمن الانقطاعات لتصل إلى 3 ساعات بدلا من ساعتين، مع عدم توزيع الانقطاعات، وجاء هذا في ظل امتحانات الثانوية العامة، وهو ما أثار غضبا مشروعا لدى المواطنين الذين طرحوا تساؤلات وانتقادات للحكومة، وتقدم أعضاء مجلس النواب بطلبات إحاطة واسئلة للحكومة، وانتقدوا التقاعس، وعدم وجود خطط تتعامل مع الارتفاعات الكبيرة في درجات الحرارة، حتى لو كانت بالفعل قد استنفدت احتياطيات الوقود بسبب تضاعف كميات الغاز والوقود المطلوبة للتشغيل.
الرئيس عبد الفتاح السيسي تابع الأزمة، ووجه الحكومة بالعمل الفوري لاتخاذ الإجراءات اللازمة، للحد من فترات الانقطاع والتوزيع العادل لهذه الانقطاعات، مع التركيز على إنهاء الأزمة تماما. الحكومة من جانبها تحركت وصارحت المواطنين بالحقائق، واعتذر رئيس الوزراء والوزراء للمصريين لأكثر من مرة، وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، إنه يتلقى شكاوى وانتقادات المواطنين ومعاناتهم، مؤكدا أنه تم وضع خطة لتخفيض فترة انقطاع الكهرباء، وتجاوز الأزمة في الصيف بتكلفة مليار دولار. موضحا أن شهر يونيو شهد 3 موجات حارة غير مسبوقة رفعت الاستهلاك من الكهرباء الى 36 جيجا ، خاصة وأن مصر توقفت عن التصدير منذ 3 سنوات بسبب حجم الاستهلاك المتزايد.وخرج حقل غاز من دول موردة لنا عن الخدمة ما أدى لنقص في الغاز. ووعد مدبولي بإنهاء أزمة الكهرباء بالكامل بنهاية العام الجاري، حيث لا يوجد أزمة توليد طاقة ولا نقل ولكنها أزمة تدبير الوقود".
حديث رئيس الوزراء واهتمام الحكومة وما سبقه من اجتماع الحكومة لوضع حل نهائي، يبدأ بتخفيض فترة تخفيف الأحمال، والتوصل إلى حلول جذرية للأزمة، بحضور كل من الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والمهندس طارق الملا، وزير البترول ورؤساء شركات الكهرباء والغازات.
رئيس الوزراء قال إن الحكومة تدرك أبعاد الأزمة وتعمل على حلها، وهى خطوة مهمة، لكنها ترتب تعاملا مختلفا مع الازمة، حيث ينتظر المواطنون جداول زمنية يمكن من خلالها ترتيب الحلول والإجراءات، بجانب تنفيذ قرارات الحكومة فيما يتعلق بإغلاق المحلات والمولات في العاشرة مساءا، وهى خطوات وخطط مطروحة من سنوات ويجب تفعيلها صيفا وشتاءا، وهى خطط معمول بها في كل دول العالم التي تغلق في الثامنة، وبالتالي ترفع الأحمال عن شبكات الكهرباء، بجانب أهمية السير في خطط طويلة ومتوسطة المدى للتعامل مع تضاعف استهلاك الكهرباء، ومنها نشر وتخفيض تكنولوجيا الطاقة الجديدة والمتجددة الشمسية والهوائية والتي يمكن في حال توطينها ان تقلل ما يقرب من ثلث الاستهلاك من الكهرباء على الأقل. خاصة وان هذا يخفف من حرارة الأجواء بامتصاص الطاقة الشمسية، وغيرها.
الأزمة الحالية في الكهرباء وغيرها من الأزمات، تعيد التأكيد بضرورة أن تتعامل الحكومة مع التوقعات والتقارير العلمية المتعلقة بالمناخ أو ارتفاعات الحرارة باعتبارها أمرا واقعا، التغير المناخي أصبح واقعا، وموجات الحر والجفاف أيضا واقع، تفرض حلولا عاجلة بترتيب الأولويات والتعامل باعتبار تغير المناخ واقعا، وتضاعف استهلاك الكهرباء أيضا، حيث لم يكن مناخ مصر في الماضي يتطلب كل هذا الكم من التكييفات، مثلما هو الآن، حيث تضاعف استهلاك مصر من الكهرباء مئات المرات خلال السنوات الأخيرة، وهو ما يفرض إجراءات عاجلة بتوفير احتياطيات الغاز والوقود، ومتوسطة بسياسة ترشيد كاملة تفرض الإغلاق في ساعات محددة للمولات والمحلات مثلما في دول العالم. ولا يمكن الاستهانة بضرورة التوسع في الطاقة الجديدة والمتجددة، بما يوفر نسبة من الاستهلاك وهذا يتطلب تشجيع المواطنين على التعامل مع هذه التكنولوجيا والصناعات.
الشاهد أنه يجب التعامل منع أزمات الكهرباء بدون تهوين او تهويل، وتقبل مطالب وشكاوى المواطنين والتعامل معها في الكهرباء وغيرها بشكل حاسم وسريع، وعدم تركها للظروف، وفى المقابل فإن المواطن يمكن ان يتفهم طالما الحكومة تتعامل بشفافية ومسئولية مع كل المشكلات ويكون لديها توقعات وكيفية التعامل مع الازمات الطارئة والمزمنة.ومحاسبة الحكومة على وعودها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة