من المنتظر أن يفقد المؤتمر الوطني الأفريقي الذي يتولى السلطة لمدة ثلاثين عامًا في جنوب أفريقيا أغلبيته في الجمعية الوطنية،وفي هذه الحالة سيضطر الحزب للدخول في تشكيل حكومة ائتلافية .
وذكر "راديو فرنسا الدولي" في نشرته الإفريقية- أنه بعد ثلاثين عامًا في السلطة،يتجه حزب المؤتمر الوطني الأفريقي نحو هزيمة تاريخية في الانتخابات التشريعية بفقدانه الأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية الأمر الذي يلزمه تشكيل حكومة ائتلافية.
وفقًا للجنة الانتخابية فقد حصل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي حتى الآن على 41.12٪ فقط من الأصوات التي تم فرزها،بعيدًا عن نسبة الـ 57٪ التي تم الحصول عليها في الانتخابات التشريعية الأخيرة في عام 2019،وذكرت اللجنة أنه من المقرر إعلان النتائج الرسمية للانتخابات مساء اليوم "الأحد".
ويأتي بعد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي،أول حزب معارض (التحالف الديمقراطي الوسط الليبرالي) في المرتبة الثانية بنسبة 21.95٪ من الأصوات،فيما سيحقق الحزب الشعبوي الأخير بقيادة الرئيس السابق جاكوب زوما،طفرة بحصوله على نسبة 13.5٪، في حين أن المتطرفين اليساريين من أجل الحرية الاقتصادية ظل ثابتا عند 9.4٪.
وفي دولة متأثرة بتفشي البطالة والفقر المتزايد والجريمة القياسية،أظهر مواطنو جنوب إفريقيا اهتمامًا أقل بهذه الانتخابات،فقد صوت 58.47٪ فقط من المسجلين،مقارنة بـ 66٪ في الانتخابات السابقة لاختيار حوالي 400 نائب هم يتولون اختيار الرئيس المقبل للبلاد.
ومنذ بدء التصويت مساء "الأربعاء" الماضي عكست النتائج الجزئية توقعات الخبراء واستطلاعات الرأي في الأسابيع الأخيرة، والتي منحت ما بين 40٪ و47٪ من عدد الأصوات لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، ويبدو أن مواطني جنوب أفريقيا قد تغلبوا على الولاء الثابت للحزب الذي حرر البلاد من سياسة الفصل العنصري.
وفي نظر العديد من الناخبين، لم يتمكن حزب المؤتمر الأفريقي الذي جسد منذ فترة طويلة حلم أمة تتمتع بإمكانية الوصول إلى التعليم والإسكان والخدمات الأساسية من الوفاء بالوعود التى كان قد قطعها على نفسه،فقدت صارت الحياة اليومية أكثر قتامة بسبب الانقطاعات المتكررة لمياه الشرب والكهرباء،وتسببت فضائح الفساد المتكررة التي تورط فيها شخصيات كبيرة في الحزب في فقدان الثقة فيهم.
وإذا كان حزب المؤتمر يأسف فإن هذا الحزب التاريخي، الذي يشغل نوابه حاليًا 230 مقعدًا (57.5٪)، يجب أن يظل أكبر حزب سياسي في الجمعية الوطنية،لكن بعد أن اصابه الوهن سيتعين عليه أن يعقد العزم على تشكيل تحالفات وإجراء مفاوضات بشأن تشكيل حكومة ائتلافية.
ولا يزال الخبراء والمراقبون يواجهون صعوبة في التنبؤ بما قد تكون عليه صيغة الائتلاف،لكن قادة الحزب عبروا بالفعل عن آرائهم،وقال نهلامولو ندليلا المتحدث باسم حزب /رمح الأمة/:"لن ندخل في مناقشات مع حزب المؤتمر الوطني الافريقي بزعامة سيريل رامافوزا ،وسوف نتواصل مع حزب المؤتمر الوطني الأفريقي ولكن ليس مع حزب المؤتمر الوطني الأفريقي بقيادة سيريل رامافوزا »،ومع ذلك،لا يمكن استبعاد إبرام اتفاق بين الطرفين،لكن الفجوة بين جاكوب زوما، المعلن أنه غير مؤهل، وسيريل رامافوزا، ستجعل المناقشات صعبة، كما يتوقع الخبراء.
لذلك يجب على حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الاختيار بين تقديم تنازلات مع التحالف الديمقراطي /دي .ايه/، الذي تعهد بـإنقاذ جنوب إفريقيا من خلال الخصخصة وإلغاء القيود،أو المخاطرة بالتقارب مع حزب "مقاتلي الحرية الإقتصادية"ومطالبه المثيرة للجدل،مثل إعادة توزيع الأراضي على السود وتأميم القطاعات الاقتصادية الرئيسية.
يذكر ان حزب / رمح الأمة / بصدد الفوز بمقاطعة الزولو (الشرق)،المعقل التقليدي للحزب الحاكم والمقاطعة الأساسية التي تجمع أكثر من 20٪ من الناخبين،لقد تقدم بما يقرب من 45.5٪ من الأصوات مقابل ما يزيد قليلاً عن 18٪ لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي.
وسيكون الانتصار الواضح للحزب الصغير في المنطقة بمثابة ضربة أخرى لرامافوزا البالغ من العمر 71 عامًا، والذي يتوق إلى الفوز بفترة ولاية ثانية،ولكن قد يتعرض بقاؤه للخطر إذا تم تأكيد هذه النتائج المخيبة للآمال لحزبه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة