أكد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية رئيس قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة السفير سعيد أبو علي، أن المجتمع الدولي بدوله الفاعلة ومنظماته وهيئاته مطالب بتحمل مسؤولياته وتجاوز حالة عجزه المزمنة ومعاييره المزدوجة التي شجعت الاحتلال على التمادي في ارتكاب المجازر المروعة وذلك باتخاذ موقف حاسم وإجراءات عملية لإنهاء هذا العدوان والتحرك فورا لإطلاق عملية سياسية في إطار زمني محدد يفضي إلى معالجة جذور وأسباب حلقات الصراع المستمرة منذ أكثر من سبعة عقود بتطبيق حل الدولتين وإقامة الدول الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفقا لقرارات الشرعية الدولية وما نصت عليه مبادرة السلام العربية، مشيرا إلى أن ذلك هو السبيل الوحيد لإنهاء الاحتلال وتحقيق أمن واستقرار المنطقة والعالم بأسره.
وترحم الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، خلال كلمته أمام الدورة 111 لمؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة، على أرواح شهداء العدوان الإسرائيلي المتواصل على أبناء الشعب الفلسطيني الذين ضربوا أروع الأمثلة في الإباء والصمود والبسالة أمام أبشع جرائم حرب الإبادة الجماعية الذي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي.
وقال "يعقد اجتماعنا اليوم وقضيتنا المركزية، قضية فلسطين تجتاز أخطر المراحل، والتحديات منذ النكبة الفلسطينية عام 1948، وذلك مع تواصل العدوان الإسرائيلي غير المسبوق للشهر الثامن في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية".
وأشار إلى أن العدوان الإسرائيلي المتواصل في الضفة الغربية وقطاع غزة أسفر منذ مطلع السابع من أكتوبر 2023 عن تدمير ممنهج لكافة مقومات الحياة في قطاع غزة جراء حرب إبادة جماعية هي الأكثر همجية في سجلات التاريخ الحديث أدت إلى أكثر من 130 ألفا بين شهيد وجريح ومفقود، واعتقال أكثر من 5 آلاف، ونزوح مليوني شخص داخليا مع تدمير أكثر من 70% من المبان السكنية و80% من المرافق التجارية و155 منشأة صحية و 3 كنائس و 239 مسجدا بشكل كلي، وارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 3500 مجزرة مروعة واستخدام 77 ألف طن من المتفجرات .
وقال إنه بحسب التقديرات الأولية فإن الخسائر الاقتصادية المباشرة لحرب الإبادة الجماعية حتى الآن قد بلغت 33 مليار دولار، وأن الاقتصاد الفلسطيني يخسر يوميا 20 مليون دولار، بالإضافة إلى ما يتعرض له سكان القطاع من تجويع قاتل بسياسة إسرائيلية ممنهجة لفرض التهجير القسري الذي يرفضه أبناء غزة رفضا مطلقا بكل قوة وعنفوان مهما بلغ حجم التضحيات والمعاناة ويسطرون ملحمة الصمود والبقاء الفلسطينية.
وأكد أن الوضع في الضفة الغربية لا يقل خطورة عما يجري في قطاع غزة من حيث الاستهداف واستغلال سلطة الاحتلال الإسرائيلي، انشغال العالم وتركيزه على مجريات العدوان الهمجي على القطاع ليواصل الاحتلال التصعيد في تنفيذ سياساته العدوانية في الضفة الغربية، على القدس وكافة المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية؛ ما أسفر عن استشهاد حوالي خمسمائة مواطن واعتقال حوالي تسعة آلاف مع تدمير ممنهج للبنية التحتية، في نفس الوقت الذي تواصل فيه عصابات المستوطنين المسلحة وبدعم مباشر من جيش الاحتلال، ممارسة الإرهاب والاعتداءات المتواصلة في إطار سياسة الاحتلال الرسمية الممنهجة من حرق واقتلاع وتدمير للممتلكات وفرض العزل والإغلاقات إلى تنفيذ الإعدامات الميدانية والتوسع الاستيطاني والتهويد والتمييز العنصري والتطهير العرقي والتهجير القسري، بالإضافة للحصار والاستهداف المتصاعد للسلطة الوطنية الفلسطينية ومحاولات تقويضها بشتى السبل السياسية والمالية والاقتصادية بما يشمل سلب أموال المقاصة ومحاولات عزل البنوك الفلسطينية.
وقال إن الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي خلال هذا العدوان والتي ترقى إلى جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية لا يمكن تمريرها دون مساءلة ومحاسبة وإنه على آليات العدالة الدولية القيام بدورها في ملاحقة الجناة ووضع حد لحالة الإفلات من العقاب.
ووجه التحية والتقدير للدول التي انتصرت للإنسانية وللعدالة الدولية لجنوب إفريقيا وللدول التي انضمت لها في دعواها أمام محكمة العدل الدولية، كما أعرب عن الشكر والتقدير للدول التي أعلنت مؤخرا الاعتراف بالدولة الفلسطينية، داعيا الدول التي لم تعترف بعد إلى اتخاذ هذه الخطوة المهمة لتعزيز فرص السلام.
وعبر عن عميق التقدير لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة لمنظمة الأمم المتحدة (الأونروا) ولمفوضها العام وكافة العاملين فيها لجهودهم الكبيرة أثناء هذا العدوان الإسرائيلي المتواصل والذي استهدف منذ اللحظة الأولى بصورة متعمدة وكالة الأونروا ومنشآتها وموظفيها؛ ما أدى إلى استشهاد 191 من العاملين بالوكالة وتوجيه الاتهامات دون دليل لحياديتها ونزاهتها بهدف إنهاء دورها ووجودها، وقد كانت آخر تلك المحاولات إقرار الكنيست الإسرائيلي قبل أيام بالقراءة التمهيدية لمشروع قرار يهدف إلى قطع العلاقات مع الأونروا وتصنيفها زورا كمنظمة إرهابية وهو الأمر البالغ الخطورة الذي يتطلب تكثيف الجهد المنسق للمواجهة بكل الإمكانات المتاحة .
ونوه في هذا السياق بأن الأمين العام للجامعة العربية السيد أحمد أبو الغيط وجه لبعثات الجامعة بسرعة التحرك بالتنسيق مع مجالس السفراء العرب لمواجهة مخططات حكومة الاحتلال في هذا الخصوص، تأكيدا على الموقف العربي الراسخ والثابت بدعم الأونروا كعنوان للالتزام الدولي تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين، ووجه التحية إلى الدول المانحة التي صوبت مواقفها برفض الاتهامات والتحريض الإسرائيلي ضد الأونروا وإعلان استئناف تمويلها كما وجه تحية أيضا لمبادرة الالتزامات المشتركة التي أطلقتها كل من الأردن والكويت وسلوفينيا لدعم الأونروا.
وشدد على أن هذا العدوان الإسرائيلي لن يفت من عضد وصمود الشعب الفلسطيني وتشبثه بأرضه وإيمانه بعدالة قضيته وحقه المشروع في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية بدعم وإسناد من أمته العربية والإسلامية ومن كافة أحرار العالم، الذين توجه لهم تحية التقدير والاحترام.
وقال إننا نشهد تصاعد الحراك ضد حرب التدمير والإبادة ومن أجل العدالة لفلسطين وحريتها واستقلالها في كافة دول العالم وخاصة من طلاب الجامعات في أمريكا وأوروبا وشتى أنحاء العالم.
واختتم كلمته بالتأكيد أن أمام هذا الاجتماع المهم جدول أعمال حافل بالقضايا والموضوعات التي تواكب مستجدات الوضع الفلسطيني واحتياجاته، وانني على ثقة بأن مشاركتكم الفعالة في إعداد التوصيات سوف تسهم بخروج الاجتماع بنتائج واضحة وفعالة لخدمة مجتمع اللاجئين الفلسطينيين بوجه خاص وخدمة القضية الفلسطينية بوجه عام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة