جميلات في المدبح.. هويدا "إمبراطورة اللحمة الجملى" 50 سنة في المهنة وبتوزن الجمل بالنظر.. المعلمة بوسي أصغر جزارة في مصر بتشتغل بإيديها وتشفى وتقطع اللحمة .. وهبة قصة كفاح اختارت مهنتها وتحدت الظروف

الثلاثاء، 18 يونيو 2024 09:19 م
جميلات في المدبح.. هويدا "إمبراطورة اللحمة الجملى" 50 سنة في المهنة وبتوزن الجمل بالنظر.. المعلمة بوسي أصغر جزارة في مصر  بتشتغل بإيديها وتشفى وتقطع اللحمة .. وهبة قصة كفاح اختارت مهنتها وتحدت الظروف المعلمة هويدا
كتبت - منة الله حمدى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

طوال التاريخ، كانت للمرأة المصرية مكانة خاصة، ولعبت دورًا بارزًا أثبتت من خلاله جدارتها للجميع، هى أم وأخت وصديقة وزوجة، وامرأة عاملة ناضجة، على الرغم من اعتلائها أعلى المراكز المرموقة التى تتميز بالرفاهية، نجدها أيضًا قد اقتحمت مهن الرجال الشاقة وأثبتت فيها جدارتها، ورغم رقتها فإنها تمتلك قوة تجبر الجميع على احترامها، وتتحمل المسئولية مهما كان الحمل ثقيلًا.


وبمناسبة عيد الأضحى المبارك، نتعرف فى السطور التالية على ثلاث نساء أثبتن جدارتهن فى مجال الجزارة، تحمل رحلات حياتهن العديد من المحطات السهلة والصعبة، المضحكة والمبكية، فى النهاية، هى محطات تجبرنا على الإنصات لهن لنتعلم حكمة الحياة.

هويدا «إمبراطورة اللحمة الجملى» دخلت السوق وعمرها 10 سنين

البداية مع «إمبراطورة اللحمة الجملى» هويدا حسنى ابنة حى البساتين، على الرغم أن لها أربعة من الأخوة الشباب إلا أنها كانت يد والدها اليمنى، بحكم أنها تكبرهم سنًا، تقول «هويدا» لم أنل حظى من التعليم رغم أننى ذكية وأستوعب ما يحدث جيدًا، ولكن عوضنى الله عز وجل بمهنة أحبها وتفوقت فيها، كان والدى يعتمد على فى الحسابات والبيع والشراء.

المعلمة هويدا (3)
المعلمة هويدا 


«الجمال ما بتتوزنش، أبص للجمل أعرف كام كيلو من نظرة العين» كانت ابنة العشرة سنوات تذهب إلى أسواق الجمال بصحبة والدها حتى تعلمت أصول المهنة من صغرها، تقول هويدا الجزارة والتى تبلغ من العمر الآن 60 عامًا: «رغم صغر سنى كنت أنظر إلى الجمل فأعرف وزنه وجودته، دخلت مزادات كثيرة على الجمال واشتريت وكسبت، والجمال التى نعمل فيها تسمى جمال «العلف والذبيح» التى يجب ألا تكون سمينة وأن تكون عريضة جدًا، كما علمنى أن عمر الجمل يُعرف من أسنانه، والأفضل للذبيح الجمل الذى يتراوح عمره من 3 إلى 5 سنوات، ويتراوح عمر الجمل فى العموم ما بين 30 إلى 40 سنة، ويشتهر الجمل أنه لا يأكل أى شىء، إلا التبن والردة فقط، لذلك تجد لحمة الجمل نظيفة ولذيذة جدًا، وعن سعر كيلو اللحمة الجملى يباع بـ 300 جنيه.

المعلمة هويدا (1)
المعلمة هويدا 

كانت «هويدا» فتاة جميلة ممشوقة القوام بيضاء البشرة، عيناها جميلتان تشبه عيون المها، حظيت بجمال كانت تحسد عليه، ولكن كل هذا الجمال نحته جانبًا بل طمسته لكى تستطيع أن تكون يد والدها اليمنى، تقول «أنا ماعشتش حياتى ولا أنوثتى، شغلى خلانى قوية صوتى عالى لبسى زى الولاد عشان بتعامل بطريقتهم، كنت وسطهم ولد زى زيهم».


تتذكر الفتاة حين اشتد عودها أحبت أن تضع الكحل فى عينيها وتساوى الحاجب، وحين رآها والدها ضربها بسير ماكينة الفرم، من يومها لم تفكر فى ذلك مرة ثانية حتى تزوجت. «أنا باكل من تحت إيد الزبون مش هو اللى بياكل من تحت إيدى» حكمة تعلمتها من والدها كما تقول «هويدا» لذلك لا بد أن تعطى الزبون ما يطلبه وأن تكون بيعتها بلا رجعة، تتابع «الجزارة» حديثها لـ«اليوم السابع» قائلة «أنا ماشية بطريقة جدودى فى الجزارة الحاجة الحلوة بتجيب زبونها، لازم تكون لحمتى حلوة ونضيفة ومسكرة، عشان الزبون يرجع لى تانى».

لم تخرج «إمبراطورية الجملى» عن الطرق الشرعية فى ذبيح الجمل، لا بد أن يذبح فى المدبح كى يقوم الطبيب البيطرى بالكشف عليه ويعطيه الختم لضمان جودة اللحمة.


ظلت الفتاة فى عملها مع والدها حتى تزوجت فى سن السابعة عشر عامًا من عامل مبلط، تقول «هويدا»: لم أعرفه قبل الزواج رغم أنه ابن صديق والدى ومن الحى الذى أعيش فيه، ولكنى أحببته جدًا بعد الزواج لقد أحسن العشرة، لم يهنى ولا يغضبنى أبدًا، أنجبت بنتين وولدين ولدى 13 حفيدا، فى بداية زواجنا طلب منى أترك العمل، ولكن لأنه كان يعمل فى السعودية وأنا هنا بمفردى، طلبت منه أن أنزل للعمل فوافق بعد إلحاح منى.

المعلمة بسمة أصغر جزارة فى مصر.. بنت الإسكندرية بتشفى وتقطع اللحمة

كانت البداية فى سن الـ 7 سنوات، حين كانت الطفلة تذهب مع والدها إلى محل الجزارة الخاص به لتقوم بتصوير اللحوم وتنشر صورها عبر موقع التواصل الاجتماعى الـ«فيسبوك» كإعلان، ولكن جذبتها المهنة فبادرت بطلب تعلمها من والدها وتكون يده اليمنى، فوافق بشرط ألا يؤثر ذلك على دراستها وتحقيق حلمه أن تكون طبيبة، فبدأت تتعلم تدريجيًا حتى تعلمت تقطيع اللحوم وبعدها التشفية، حتى عرفت وذاع صيتها فى الإسكندرية ولقبت بـ«المعلمة بوسى»  أصغر جزارة فى مصر.


بسمة عماد 11 عامًا فى الصف السادس الابتدائى ابنة الإسكندرية، ورثت مهنة الجزارة من الوالد والأجداد تقول«المعلمة بوسى»: تعلمت المهنة من والدى هو صاحب الفضل الأول عليا لأكون المعلمة بوسى، أنا الابنة الكبرى ولى أخت صغيرة، لاحظت أن والدى يتعب كثيرًا ولا يوجد من يساعده ويعتمد عليه، لذلك طلبت منه أن يعلمنى المهنة وأكون ذراعه اليمنى، من يعمل جزارا لا بد وأن يحب المهنة جدًا ليستطيع أن يتحمل التعب، فرغم الوقوف لفترات طويلة والحرص الشديد أثناء التقطيع والتشفيه فإننى أحبها جدًا.

شروط الأضحية السليمة 


لم تذهب الصغيرة إلى الأسواق لشراء اللحوم الحية ولكنها تذهب إلى مزرعة لتربيتها لتعرف الحيوان السليم من المريض تقول «بوسى»: أعرف الحيوان السليم تكون حركته سريعة يأكل كميات كبيرة، وعينيه تلمع، وعلامات صلاح الخراف أن تكون أرجلها مستقيمة وصوفها ناعم وكثيفة، رأس الخروف تكون مرفوعة يحركها بسهولة، والأهم أن لا يكون هناك إفرازات من فمه أو أنفه أو عينه، أما العجول مهم جدًا أن يكون الحيوان عريضا والقفص الصدرى له غير ظاهر بالإضافة إلى عدم الافرازات، وعيناه تلمع.

المعلمة بوسي (1)
المعلمة بوسي 


فى مثل هذه الأيام من كل عام تستعد «المعلمة بوسى» لموسم عيد الأضحى، فتقول «فى الموسم أنا بنزل زى أى صنايعى فيه، بشتغل بإيدى، بقطع وأشفى وأوزن وأبيع للناس، وأما يكون بابا فى مشوار بمسك المحل بداله، أعرف أمشى المحل زيه بالضبط، ببقى مبسوطة أوى يوم العيد والناس فرحنين عشان الفدو بتاعهم، بتبقى أيام جميلة وروح الناس فرحانين، الأيام دى كلها شغل وضحك وبعد ما الموسم بيخلص باخد أجازة وبخرج واتفسح».


الفتاة الجميلة ما يشغلها هو كيفية التوفيق بين الدراسة والعمل لذلك نظمت وقتها بين الدراسة والعمل وحياتها كطفلة، تقول «بسمة»: نظمت وقتى والتزمت به، ففى الصباح الذهاب للمدرسة وبعد العودة أستريح ساعة ثم أذهب للدرس الخصوصى وبعدها أذهب إلى عملى مع والدى فى المحل، وبعد المغرب أستريح ساعة ثم أجلس لمذاكرة دروس اليوم وتحضير درس اليوم التالى، ويوم الجمعة أجازة، أقضيه مع أمى وأختى الصغرى أو أذهب لجدى لقضاء يوم مع بنات العائلة. أما فى الإجازة فى الصباح أكون فى العمل وبعد الظهر فى البيت.

المعلمة بوسي (2)
المعلمة بوسي 

 

هبة 15 سنة بين الذبيح والأضحية فى الأعياد

الجميلة ابنة الشرقية، هبة مصطفى 36 عامًا، تعمل جزارة منذ ما يقرب من 15 سنة بعد وفاة زوجها، لم تكن تعلم الفتاة ابنة العشرين من عمرها أن سعادتها مع من تحب ستدوم عامًا واحدًا فقد؛ قبل أن يخطفه الموت منها فى حادث عمل أليم، الشاب محمود كان يعمل عامل بناء فى إحدى شركات المقاولات الخاصة، وسقط من أعلى السقالة أثناء عمله، وبعد الوفاة حصلت على تعويض مادى من الشركة، حزنت الفتاة وشعرت أن الحياة كادت أن تنتهى، ولولا القطعة التى كانت بأحشائها منه لكان مصيرها الموت من شدة الحزن عليه.


ولكن مع كل ألم يولد أمل جديد فبعد ولادتها لابنها محمد أيقنت أن الحياة لا بد وأن تستمر، ومع ضغوط الحياة اشترت محل جزارة وبدأت المشوار، تقول «هبة»: الحمد الله فى كل ثانية على نعمه، رغم موت زوجى وحزنى عليه إلا أنى أشعر أنه معى يبارك ما أفعل، فبعد وفاته اشتريت هذا المحل من جار لوالدى وصديقه، كنت أجلس عنده مع والدى وأنا صغيرة وقبل زواجى، كنت أراقب ماذا يفعل، وبعد حصولى على دبلوم التجارة عملت لديه فترة فى الحسابات لذلك كانت لدى فكرة عن عمل الجزارة، وحين عملت أنه يبيع المحل الصغير وسيفتح غيره محل كبير لاحت فى ذهنى الفكرة، وطلبت منه أن يعلمنى كل شىء فى المهنة، من بيع وشراء اللحوم والمذبوحة، وإعداد اللحوم الجاهزة فى المحل، لم يبخل على بشىء، واشتريت منه المحل، بنصف التعويض أتحكم وقسطت الباقى على فترات، واحتفظت بباقى المبلغ كرأس مال.

تقطيع اللحوم
تقطيع اللحوم


فى البداية كان العمل شاقا للغاية كما تقول «هبة الجزارة» وتضيف« كنت أروح السوق واشترى العجول والخرفان، فى البداية كان بينضحك عليا وخسرت فلوس كتير، ومع كل مرة كنت أعيط طول الليل، لكن إخواتى وأبويا ماسبونيش فضلوا معايا، لحد ما اتعلمت وعرفت إزاى أعرف العجل السليم وإزاى أدبحه بس لازم الصنايعى يبقى معايا عشان ماقدرش التحكم فيه لوحدى، لكن بذبح الخروف لوحدى».


عرفت الفتاة على مستوى قريتها والقرى التى بجوارها، فبدأت تطور من العمل لم يقتصر على عمل الجزارة المعتاد فقالت «هبة» عرفت كيفية استخدام كل قطعة لحم وبدأت أصنعها وأبيعها جاهزة على الطهى.


وانتهت هبة حديثها قائلة «رغم ما مر بى من تعب و«قساوة» الحياة إلا أنى كل ما بشوف نجاحى فى شغلى ونجاح ابنى محمد فى دروسه ومدرسته بكون سعيدة، كل ما أتمناه أن أشوف ابنى «ظابط».

p
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة