عصام محمد عبد القادر

الحكومة المصرية الجديدة بين المسئوليات والتحديات

الثلاثاء، 18 يونيو 2024 05:54 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يصعب على الحكومة أن تنال الرضا من شعب يتطلع لمزيد من النهضة ويسعى أن يحقق غايات طال عليها الأمد ووقف التحديات تلو الصعوبات والأزمات المتلاحقة حجر عثرة في تحقيقها؛ لذا باتت مسئولية الحكومة الجديدة صعبة للغاية أمام مرحلة وضعت القيادة السياسية مخطط الإعمار والتنمية بمجالاتها المختلفة في أولويات قائمة الاهتمام والرعاية المباشرة والمتابعة الحثيثة منها؛ إيمانًا بأن بناء الدول لا يقوم إلا عمل متواصل متقن، وإخلاص في النية، مع الأخذ بأسباب التقدم المرهون بوظيفية التقنية الحديثة ودورها الفعال في إحداث نقلة نوعية بمجالات التنمية قاطبة.

ومن المعلوم أن الحكومات تشكل النظام السياسي الذي يقع على عاتقه المسئوليات بتنوعاتها المختلفة؛ فما يتم إنجازه يُعد من مهامها الرئيسة، وما يحدث من اخفاق تحاسب حتمًا عليه من المؤسسة النيابية وفق مواد الدستور؛ بالإضافة إلى الرأي العام الذي له الاعتبارية والمرجعية ومن ثم يؤخذ في الحسبان وتراعيه القيادة السياسية كونه يشكل النبض الصادق من قبل شعب وضع ثقته في مؤسسات الدولة وأجهزتها، واصطف خلف قيادتها لتجتاز الصعاب وتبلغ المنى والمراد.

وثمت علاقة ارتباطية بين ما تقوم به الحكومة وقناعة الشعب بمستوى الأداء الملموس؛ إذ يتضافر المجتمع ويؤدي ما عليه عندما يرى جهودًا مخلصة متوالية تسعى للإنجاز وتحقيق النهضة وإحداث تغييرات جذرية تساعد في إنجاح المساعي؛ فقد بات الأمل غير مقتصر على عبور أزمة من الأزمات؛ لكن مرهون بتنمية حقيقية تتناغم مع خطة الدولة ورؤيتها الاستراتيجية؛ حيث إن خبرة المصريين أضحت تعلو الخيال؛ فمشاهد الماضي لا يضاهيها أو يقابلها مجريات أحداث مهما بلغت نصاب الأمور؛ فدحر الإرهاب وبتر مخططاته والصمود والثبات مشفوعًا بوعي رشيد تجاه ماهية الدولة وفلسفة الوطن والحفاظ عليه هو الأمر الجلل بعينه.

ولتدرك الحكومة المصرية الجديدة أن نجاحها مرهون بمقدرتها على كسب الثقة، ومن ثم يتشكل مناخ الدعم والاستقرار فتستطيع أن تحدث نقلات نوعية المجالات التنموية وفي المقدمة منها الاقتصادي؛ إذ يحتاج لسياسة استثمار الطاقات وبذل مزيد الجهود في قطاعات ومؤسسات الدولة المختلفة، ومن ثم تتعاظم الإنتاجية ويزداد العطاء، وتتنامى المسئوليات من قبل المواطن قبل من يقع على عاتقه المساءلة، وذاك هو الفقه والوعي المجتمعي في صورته المثالية التي تنهض بمقدرات الوطن وتعلو من شأنه وتعضد من ماهية الولاء والانتماء لترابه الغالي.

ومعيارية تقييم أداء الحكومات لا تقدر بفترة زمنية محددة؛ فقد أضحى الإنجاز الذي يستشعر به المواطن سيد الموقف؛ فعليه تعول المساءلة ومن خلاله تقوم المحاسبية؛ لأن بوادر الإخفاق بات الكشف عنها سريعًا؛ فهناك فضاء مفتوح وإعلام مهني ومؤسسات منوط به المتابعة وأخرى يقع على عاتقها توجيه النقد واللوم، ناهيك عن قيادة تتخذ قرار استكمال المسار أو تقيل المقصر والذي يمتخض عنه أدائه تراخ بأي درجة كانت، وهذا يجعل الحكومة الجديدة في مأزق لا نجاة منه إلا بعمل متواصل ومقدرة على وضع آليات مبتكرة تجذب الانتباه وتلفت الأنظار لصورة نتاج مؤسسي يعود أثره المباشر على الدولة والشعب في آن واحد.

ومن الأمور المهمة التي ينبغي أن تأخذها الحكومة في الحسبان تبني تفعيل منظومة التحول الرقمي بصورتها الصحيحة الواردة في استراتيجية ورؤية الدولة؛ فالعقيدة الإدارية يجب أن تعي جيدًا بأن الإصلاح الاقتصادي مرهون بإصلاح إداري حقيقي لا يعتمد على الشكلية في بعض جوانبه؛ فقد باتت الحوكمة الرقمية من معايير التقدم والرقي والتي تساعد على الحد من صور الفساد وفي مقدمتها البيروقراطية التي تعد من مسببات إهدار المال العام، وفي المقابل فإن العمل بمقتضاها يساهم في بناء مجتمعات رقمية فعالة تنشد التنافسية وتحقق الريادة؛ ومن ثم تصبح بيئة العمل مواتية للنمو المضطرد في بوتقة التنمية الشاملة المستدامة بكافة مجالاتها.

ونهيب بالحكومة الجديدة ضرورة أن تأخذ على عاتقها فرض مزيد من الرقابة والمتابعة الميدانية، والتي بهما يتم الكشف عن أوجه القصور، ومعالجتها، والحد من صور الفساد الظاهرة منها والباطنة؛ فقد أضحت المتابعة المكتبية لا تفي بالغرض منها، ولا تحقق الهدف المنشود، ولا تعمل على سد الغور في العديد من الجوانب التي تخص الوزارات بالدولة، ومن ثم تعمل المتابعة الميدانية المشار لأهميتها على إدارة مرافق الدولة بالصورة الصحيحة ما لم تكن المثلى؛ فلا تعطيل يحدث ولا نهيب ينال مواردها ولا فساد إداري يتخلل إجراءات تشغيلها، مما يسهم في تنميتها لتحقق ماهية الرضا لدى المجتمع جراء استخدامها.

إن إخلاص الحكومة المصرية الجديدة وتفانيها في تأدية ما عليها من مهام وتحملها للمسئوليات التي تقع على عاتقها ومقدرتها على مواجهة التحديات؛ ليؤدي دون مواربة إلى محو آثار الفساد بكل تنوعاته؛ فلا ابتزاز، أو اختلاس، أو استغلال للنفوذ، أو محسوبية تستهدف تحقيق مصالح خاصة تضير بالمصالح العامة، ولا فوضى إدارية تخلق ترهل في الأداء وتقاعس عن أداء التكليفات وقضاء على الابتكار، ولا مجال لرشوة في ضوء رقابة صارمة وحوكمة رقمية تتسم بالدقة والشفافية.

نتمنى أن يلتف الجميع حول حكومتهم، ويصطفوا خلف دولتهم وقائدهم، ويصبح شعار المرحلة العمل دون توقف؛ لاستكمال مسار النهضة والإعمار؛ لنبلغ العيش الكريم، ونصبح في مقام التقدير والعزة على الدوام.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة