اختتم ملتقى بنك التنمية الجديد، الذى عُقد تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، فعالياته بالعاصمة الإدارية الجديدة، بجلسة نقاشية رفيعة المستوى، حول "دفع التنمية العالمية من خلال التعاون جنوب جنوب"، لمناقشة آليات التعاون جنوب جنوب باعتباره قوة تحولية فى المشهد الاقتصادى العالمى، حيث أعاد تشكيل العلاقات والتعاون بين دول الجنوب العالمي. فى أعقاب التحولات العميقة فى النظام الاقتصادى الدولى، حيث يمث هذا النموذج دافعًا كبيرًا للدعم المتبادل والنمو المستدام وتبادل المعرفة.
وإدار الجلسة البروفيسور ساشين شاتورفيدى، مدير مؤسسة البحوث والمعلومات للدول النامية RIS ومقرها نيودلهى بالهند، وتحدث فيها ديما الخطيب، مديرة مكتب الأمم المتحدة للتعاون فيما بين بلدان الجنوب (UNOSSC)، وعبدالرحمن دياو، المدير القطرى لمكتب بنك التنمية الأفريقى فى مصر، والدكتور شو شيولى، عميد كلية التنمية الدولية والزراعة العالمية، جامعة الصين الزراعية – بكين، والدكتور مصطفى رحمن، زميل مركز حوار السياسات بالهند، وحافظ غانم، خبير اقتصادى أول.
وقال ساشين شاتورفيدى، مدير مؤسسة البحوث والمعلومات للدول النامية RIS ومقرها نيودلهى بالهند، أن دول الجنوب تحتاج للوصول إلى المعدلات العالمية من البنية التحتية والوصول إلى المستوى العالمى من التطور التقنى وبناء القدرات للحاق بالتطور التكنولوجى، وبالتالى من المهم أن يتم التعاون بين دول العالم الجنوبى لتحويل تلك الأهداف إلى خطوات تنفيذية تخدم دول الجنوب.
وأكد على أن دول الجنوب تحتاج إلى إعادة تشكيل ديونها حيث تؤثر تلك الديون فى شكل اقتصاد تلك الدول بما يجعل اقتصادها غير مستدام لا من الناحية البيئية والاجتماعية والاقتصادية مشددًا على أهمية التعاون الثنائى والتعاون متعدد الاطراف من خلال بنوك التنمية المختلفين.
من جانبها توجهت ديما الخطيب، مديرة مكتب الأمم المتحدة للتعاون بين بلدان الجنوب (UNOSSC)، بالشكر للحكومة المصرية لتنظيم الملتقى، وقالت إنه من الضرورى التحرك للأمام فى التعاون بين دول الجنوب والعمل بين الدول المختلفة للحاق بأهداف التنمية المستدامة، مشيرة إلى أن الكثير من دول الجنوب مازالت بعيدة عن تحقيق تلك الأهداف والتى تصل إلى 140 هدف فرعى معدل الالتزام بها فى الكثير من الدول الناشئة لا يتعدى 15%.
وأضافت أن هناك الكثير من التحديات فى استخدامات التكنولوجيا والتحول الرقمى والإجراءات الصناعية المبتكرة هذا إلى جانب فجوة التمويل فى المشاريع التنموية، وصعوبة توفير فرص العمل، مؤكدة على أن الدول النامية تعانى بصورة وأضحة من ارتفاع معدل الديون وبالتالى فإن تكلفة خدمة الدين قد تتخطى فى تلك الدول معدل الإنفاق على الخدمات الاجتماعية الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية، فيما يقوم ما يقرب من 3مليار شخص حول العالم من الدفع مقابل الحصول على التعليم والرعاية الصحية.
وأوضحت أن الهيكل المالى الحالى لا يتعامل بشكل صحيح مع مشكلات الدول، حيث يوجد فى الجمعية العامة للأمم المتحدة 190 دولة، وجمعيتها العمومية دائمًا ما تدعو للإصلاح المالى وتطالب بإصدار قرارات أممية لإصلاح النظم الاقتصادية.
وتطرقت إلى أن هناك إمكانيات للتعاون بين دول الجنوب لدعم العملية التنموية لتعزيز قوة الدول النامية لمواجهة هذه التحديات وكذلك عبر الدعم الفنى، وبناء القدرات السياسية مبينة أن مصر تعد نموذجًا جيدًا لدعم القطاع الخاص والاستثمار ويمكن مشاركة تلك التجربة لتعميم أفضل الممارسات بين الدول النامية
وشددت على ضرورة الانخراط الاقليمى وخلق المنصات الاقليمية المشتركة إلى جانب ضرورة إنشاء مجلس موحد لدول الجنوب لدعم التعاون فيما بينها وتسليط الضوء على التحديات مطالبة بالتركيز على مثلث التعاون من خلال التمويل والتغير والحوار وإعداد الدراسات من خلال شبكة الخبراء فى دول الجنوب.
من جانبه أثنى/ عبدالرحمن دياو، المدير القطرى لمكتب بنك التنمية الأفريقى فى مصر، على دور وزارة التعاون الدولى فى تنظيم المنتدى الأول لبنك التنمية الجديد، مؤكدًا على أهم التعاون جنوب جنوب وتأثيره على الاقتصاد العالمي.
وأكد دياو، على أن أفريقيا لديها دور مهم عند الحديث عن التنمية العالمية وبالنظر إلى أفريقيا فإن التنوع الديموغرافى والإمكانيات والطاقة المتجددة وحجم القارة تمثل كلها نقاط قوة يمكن التركيز عليها عند الحديث عن التعاون الجنوب جنوبي.
وفصّل أن معظم تعداد قارة إفريقيا من الشباب، كما أنها تمتلك قوة استهلاكية عالية جدًا باستحواذها على نسبة غير قليلة من الكتلة السكانية بالعالم، وعلى مستوى الزراعة على سبيل المثال فإن القارة تمتلك نسبة لا بأس بها من الحيز الزراعى للعالم، إلا أنها فى هذا الصدد تحتاج لكثير من الاستثمار فى بنيتها التحتية.
من ناحية أخرى تحمل القارة الفرصة الأكبر للاستثمار فى مجال الطاقة المتجددة على مستوى العالم لكن الكثير من دول القارة تعانى من وطأة الديون وتمثل خدمة الدين فى 22 دولة إفريقية مجتمعة حوالى على نسبة 74 مليار دولار سنويًا وكل ذلك يستدعى إصلاح الهندسة العالمية للتمويل والوصول للتمويل فى الأسواق المالية بطرق أفضل من الحالية .
وقالت/ ران مينج، نائب مدير إدارة التعاون الدولى بالوكالة الصينية للتعاون الإنمائى الدولى، أن تجمع دول البريكس هى انعكاس لدول الجنوب، وكانت الصين من مؤسسى البريكس بهدف تعزيز التعاون مع دول الجنوب.
وأضافت أن جمهورية الصين ركزت منذ عام 2021 على دعم مبادرة التنمية العالمة GDI وخصصت ما يقرب من 4 مليار دولار لدعم المبادرة، واقترح الرئيس الصينى فى الجمعية العامة للأمم المتحدة مبادرة التنمية العالمية (GDI) التى تهدف إلى تعزيز التعاون الدولى فى التنمية ولفت الانتباه إلى المشاكل المتعلقة بتنمية البلدان النامية.
وأكدت على أن الصين فى هذا الصدد تعمل على نقل المعرفة فى العديد من المجالات لا سيما فى دول الجنوب وذلك بالتعاون مع الحكومات فى الدول المختلفة بهدف تعزيز قدرات الدول النامية وتقوم بمتابعة تنفيذ أهداف التنمية المستدامة فى تلك الدول التى تتعاون معها.
وتوجه الدكتور مصطفى رحمن، زميل مركز حوار السياسات بالهند بالشكر لمعالى الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولى على الفرصة الحالية، مؤكدًا على أهمية التعاون بين الجنوب جنوب لاسيما فى ظل تأثر تلك الدول بالتغيرات المناخية، وفى الوقت نفسه تواجه صعوبات أكبر فى الحصول على التمويلات لتعزيز جهودها لمواجهة هذه التغيرات.
وقال أن بنجلاديش من أوائل الدول انضمامًا لبنك التنمية الجديد وتهدف عبر الانضمام للبنك للتعاون فى مجالات النقل والبنية التحتية والتحول الرقمى لتحقيق الاستدامة بما يمكنها من الالتزام بمعايير المنافسة الجديدة وتحقيق معايير الاستدامة وبناء المهارات المطلوبة.
وتعرض إلى تقرير صندوق النقد الدولى الذى يشير إلى ارتفاع معدلات الدين وأن الدول ذات الدخل المنخفض قد تتعرض لصعوبة فى الوفاء بالتزاماتها من الديون وهنا تظهر أهمية بنك التنمية الجديد حيث يركز على الإقراض بالعملة المحلية، فى ظل معاناة الاقتصاديات النامية من أثقال خدمة الدين وتراجع عملتها المحلية فى كثير من الأحيان أمام الدولار بما يضع على عاتقها صعوبات أكبر.
وأشار الخبير الاقتصادى حافظ غانم إنه فى ظل الحديث عن التعاون جنوب جنوب يجب التركيز على نقطتين هما إصلاح الهندسة المالية العالمية، وتمويل العمل المناخى مؤكدًا على أن التصميم المالى لم يشهد أية تغيرات منذ عام 1944 عند أول إنشاء للأمم المتحدة والتى كانت تضم وقتها 45 دولة فقط، فيما يصل عدد الدول الحالى فى الجمعية العمومية للأمم المتحدة 190 دولة.
وأكد على أن هناك حاجة ملحة لإعادة النظر للحوكمة ونظم التصويت فى الجمعيات العامة للأمم المتحدة ضاربًا المثال بالهند وهى أكبر من المملكة المتحدة فيما يتعلق بالدخل القومى وعدد السكان لكن حصة انجلترا فى التصويت فى جمعية الأمم المتحدة مازالت أكبر من الهند وبالتالى يجب إعادة النظر فى تخصيص حقوق التصويت فى الجمعيات الخاصة بالأمم المتحدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة