خالد دومة يكتب: التعصب

الثلاثاء، 11 يونيو 2024 05:28 م
خالد دومة يكتب: التعصب خالد دومة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ليس أضر على الإنسان والعقل البشرى من التعصب، الذى يحمل فى طياته كل حقد وكراهية وتزمت ورجعية، فهؤلاء الذين يتعصبون هم أقل الناس معرفة بالإنسان وطبيعة الإنسان، التى خلقه الله عليها، وطبيعة الحياة التى تأبى أن يكون الناس آلات وأصنام، ولا تفرز إلا عقول متشابهة، الواحد فيهم يغنى عن آلاف، سكون دائم أشبه بالموت، لا جديد تحت طائلة الشمس، التى تأتى وتغيب على الأرض، وهى لا تتغير ولا تتبدل، وإنما هو يوم يتكرر، ولا نهاية غير، اصطمبة واحدة،  ورتم واحد،  فالذين يتعصبون هؤلاء الغارقون فى السكون والعادة، لا يحملون فكرا خصبا، ولا يعرفون معنى الحياة، ما يجب، وما يكون، ومسيرتها تربوا على لون باهت من الحياة،  كسالى لا دراية لهم،  يتقوقعون فى كهوف، لا يخرجون إلى النور، ولا تلمس عقولهم أشعة الشمس، لتضيء معالم الحياة،  يتخبطون فى ليل سرمدي،  تفقد قلوبهم كل معنى،  غير معنى واحد، لستارة سوداء تختفى ورائها الحياة الحقيقة، وفى بلادنا تردينا العصبية،  وتجعل منا أقوام خفافيش،  يضرب الظلام على عيونهم وعقولهم ضرباته القاضية، والتى تخسف بنا الأرض، فتجعلنا فى ذيل الأمم، إننا نتعصب حتى للتعصب بأقوال وأفكار هدامة،  غبية منبعها جهل مدقع ضارب فى نفوسهم وقلوبهم منذ أزمان غابرة، لم يترك لنا منفذ ضوء، يتسلل لنا، فتنقشع هذه الظلمة الأبدية،  جاء الإسلام ليهدم العصبية على رؤوس العرب، التى تقدسها، وتجعل لها المرتبة الأولى فى حياتهم،  تستعرض بها، وتنادى وتصرخ فى كل وجه، جاء الإسلام لينكر عليهم ظلمات العصبية،  ويعطى لنور الحياة الحقيقة الفرصة فى أن تمتد المساحات الحقيقة، التى تفهم الإنسان، وتكن له كل تقدير، مهما كان أصله وفصله، فليس للغنى أو لسلطان الرجل موضع، إنما الانتماء للإنسان، والتقدير إليه فى كل وقت وأينما كان.


حين تكشف لهم عوراتهم الفكرية وأخطاءهم فى مسالكهم وأساليب تفكيرهم يجعلوك فى مقدمة مبغضيهم، إن الإنسان يكره ذلك الذى يصغره ويجعل من عقله الذى يعتز به أمام الآخرين ساذج سطحى لا يحسن استنتاج ولا قدرة لهم على التفكير العلمى الصحيح فالجهالة المحققة التى يتجها عقله تراه وقد صارت لا قيمة لها.

وكثير ما يبرر الإنسان لنفسه كثيرًا من الحماقات التى يرتكبها فإن الإنسان لا يريد أن يظهر أمام نفسه بشيء يعيبه أو يقلل من مكانته أمام نفسه يختلق الأعذار التى يريح به نفسه وضميره ولعله فى هذا يخدع نفسه قبل أن يخدع الآخرين ويوهم نفسه قبل إيهام أحد من الناس.
إن محاولة خداع الناس وتضليله عن حقيقة الشخص قد تصير مع الوقت إلى خداع النفس ذاتها وتضليلها.
إن الفكر الذى لا يؤمن الا بنفسه ليس إلا تطرفا وما التطرف إلا فكر لا يؤمن إلا رأى واحد لا يؤمن بغيره ويون ايمانه ايمان تقليد يون الفكر حرا ومتزنا حين يكون ايمانه بغيره قائم وان افاره مهما كانت وكيف كانت هى مجرد افكار قابلة للتغير والتحول للخطأ والصواب ليس هناك فكرة على وجه الارض الا وهى قابلة للحوار والنقاش والايمان بها والكفر بها ليست هناك فكرة ثابته لا يعوزها دعما منطقيا ثم هى مناط النقد والنقص عند اخرين فالفكرة لا بد ان يكون لها جمهور مؤمن بها واخر كافر بها مهما بلغت من رفعة فما هو الشيء القائم فى الحياة لها غير قابل للتعدد والاختلاف والتشعب الفكرة عالم كبير فيها ما فيها من الوان واشكال ووجهات واختلافات لا يوجد عصر من العصور ولا زمن من الازمنة ولا مان فى الارض يحمل الناس فيه رأى واحد فى قضية ما ان ايمان الانسان الواحد بفكرة ما قد يتزعزع او يخفت فى وقت من الاوقات وقد يصبح على النقيض فيكفر بما امن به بالامس قد يؤمن البعض ببعض الاصول ثم يختلفون فى الفروع ثم تتعدد الفروع فيختلفون فيها لتصير اصول لفروع اخرى وتتفرع القضية الواحدة ذات الاصول الواحدة الى مئات الفروع وبين الاصول والاصول والاصول والفروع تتجدد اتفاقات واختلافات وتظهر قضايا اخرى هذه هى طبيعة عقل الانسان وطبيعة الفكر الانسانيان يكون مرنا يتجدد كما تتجدد الحياة دائما فربما الثبات الوحيد فى التغير الدائم ف ان الخلاف طبيع انسانية صحية فى كل امة تؤمن بالإنسان وطبيعته ففى العقائد عشرات من المذاهب والتعددات وفى العقيدة الواحدة عشرات الفرق ثم هى تختلف الى ان تصل الى حد النقيض ففى الشئون الدينية ل هذا الكم الهائل من الاختلافات ففى الشئون الدنيوية تون الاختلافات اشد واوسع نطاقا فلا مجال الى ان يساق الانسان بيد من حديد يرهبخ ليحمله على اعتقاد ما فالقوة التى قد ترهب الاجساد لا قدرة لها على ارهاب الروح فيما بينها وبين دواخله وباطنه
قبولها قبول للحياة والجهل بها جهل بالحياة الحقيقة


 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة