أكرم القصاص

مصر ومبادرات الحل.. ومأزق ومناورات الأطراف فى حرب غزة!

الخميس، 09 مايو 2024 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

منذ اللحظات الأولى لبدء الحرب، حسمت مصر موقفها وسعت ولا تزال لوقف الحرب، من خلال مبادرات متعددة نجحت أولها فى التوصل إلى الهدنة الأولى والوحيدة، بينما قدمت مبادرات مختلفة، قبلتها بعض الأطراف وأفسدتها أطراف أخرى فى سياق يشير إلى مصالح متنوعة من حرب تجاوزت كل التوقعات، يدفع ثمنها سكان غزة والشعب الفلسطينى، وحسب صحيفة «واشنطن بوست» فإن حجم الخراب من عدوان إسرائيل تجاوز الحدود بسقوط نحو 35 ألف فلسطينى وأصيب 5 % من سكان غزة، وقدر تقرير للأمم المتحدة تدمير أكثر من 70 % من المساكن، وتكلفة إعادة الإعمار40-50 مليار دولار.

وأدان المجتمع الدولى، والمنظمات الدولية والإقليمية، عملية الاحتلال الإسرائيلى فى رفح الفلسطينية، رغم أن حركة حماس أبلغت الوسطاء فى مصر وقطر بقبولها الهدنة ووقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى والرهائن، وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، «إن الهجوم على رفح سيكون خطأ استراتيجيا».

ووسط كل هذا تواصل مصر جهودها المضنية للوصول إلى هدنة شاملة فى قطاع غزة وإنهاء العدوان الإسرائيلى، حيث استضافت القاهرة الثلاثاء الماضى اجتماعات وفود قطر والولايات المتحدة وحماس، لاستكمال المباحثات، وحذرت مصر من تفاقم الوضع الإنسانى المتردى فى غزة وتبذل أقصى جهد للتوصل إلى هدنة شاملة، وأدانت فى بيان صادر عن وزارة الخارجية، العمليات العسكرية الإسرائيلية فى رفح الفلسطينية، وطالبت الأطراف الدولية بالتدخل وممارسة الضغوط اللازمة لنزع فتيل الأزمة الراهنة، بما يتيح للجهود الدبلوماسية تحقيق نتائجها.

هذه الجرائم التى يرتكبها الاحتلال تفرض ضرورة وقف هذا العدوان، والحرب التى لا يمكن تحديد رابح أو خاسر فيها، بل يمكن التقاط مصالح لأطراف تقف خلف هذا الطرف أو ذاك، فرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو الذى بدأت الحرب هو يكاد يخرج من السلطة والسباق السياسى، لكنه اكتسب من الحرب المزيد من المتطرفين وداخل إسرائيل ممن يعتقد أغلبهم أنه يخوض حربا ضرورية لحماية أمنهم بعد عملية 7 أكتوبر الماضى، وهو ما يضع هذه العملية بشكل أو بآخر كأحد العناصر التى مددت فى عمر نتنياهو السياسى.

بينما يرى بعض المحللين أنها ربما تكون خدمت بشكل غير مباشر الحكومة الإسرائيلية وخاصة نتنياهو، والذى يبدو رابحا، وفى الجانب الآخر خرجت القضية إلى الواجهة وربما تتطلب المزيد من الجهد والتوحد الفلسطينى لتحقق نتائج، مع وجود تخوفات من أن تتشتت الجهود مع استمرار الانقسام الفلسطينى وهو انقسام ما زال عميقا بالرغم من الجهد الذى بذلته مصر من أجل توحيد الفصائل وآخرها فى يوليو الماضى بالعلمين، لكن الأزمة هى وجود مرجعيات تتحكم فى تحركات الأطراف هنا أو هناك، وهذه المرجعيات هى التى تحدد مدى قبول أو رفض المبادرات التى تطرح لوقف حرب تكاد تكون أنهت أى ملامح للحياة فى غزة.

وفى كل الأحوال فإن الواضح هو حجم الدمار وعدد الضحايا، بينما كل طرف يتعامل مع الأمر بشكل دعائى، حرصا على الحالة النفسية لقواته ومعسكره، وهو ما يجعل هناك صعوبة فى استنتاج ما جرى وسط حملات دعائية وحرب أقرب لصراعات الشاشات والبيانات غير الموثقة، وبالرغم من ظهور بعض الغضب من الإدارة الأمريكية، حصلت إسرائيل على مليارات الدولارات دعما لاقتصاد يعانى بالفعل من خسائر كبيرة تظهر بعد انتهاء الحرب، وهو ما يجعل هناك مأزق لرئيس وزراء إسرائيل من وقف الحرب، لأنه يعنى محاسبة جديدة سياسية لقياس نتائج الحرب.

ومنذ بداية الحرب على غزة، يسعى كل طرف لتحقيق أهداف سياسية، بنيامين نتنياهو يريد عبور أزماته السياسية، الرئيس الأمريكى جو بايدن يحاول الموازنة بين استمرار دعم إسرائيل وعدم خسارة أصوات عربية أو معارضة للحرب، وهو ما يعكسه تردد واختلاف ردود الفعل، وآخرها اعتراض واشنطن على استمرار إغلاق معبر رفح ومن الجهة الفلسطينية، ومعبر كرم أبو سالم، واعتباره أمرا غير مقبول، وفى نفس الوقت هناك موقف من اجتياح رفح مشروط بحماية المدنيين وهو شرط لم يتحقق طوال الشهور السبعة التى تواصل فيها إسرائيل حربها.

فى الجانب الآخر، فإن حماس أو أى من الفصائل الفلسطينية لديها أهداف سياسية تبدو فى بعض الأحيان غائمة، خاصة عندما ترد على مبادرة الهدنة متأخرا أو تقوم بقصف معبر كرم أبو سالم، أو حتى استغلال الحال لبناء تقارب ومصالحات يمكن أن تدعم أى تحركات مستقبلية، وهى أهداف تسعى لها مصر، وهى تخوض حروبا وسط الحرب، حروب فى مواجهة أكاذيب ومناورات إسرائيل وأيضا مناورات بعض الأطراف الفلسطينية التى ترتبط بداعمين أو رعاة مما يجعل القرارات مترددة أو متأخرة، مصر أيضا تخوض حربا ضد أكاذيب تنظيم معاد لا يختلف عن إسرائيل ممثلا فى منصات ممولة، وبعض الأصوات فى الداخل التى تزايد وتفتقد إلى المعرفة وتبحث عن إعجاب وتصفيق، رغم أن هؤلاء يعيشون فى استقرار يمنحهم الوقت للمزايدة والتلاعب الافتراضى.

ومع هذا تتحمل مصر كل هذا وتتمسك بصبرها وتواصلها وقنواتها فى محيط متوتر وبراميل بارود جاهزة للانفجار، مع أكاذيب وجهل وفهم قاصر، وتتمسك برفض التهجير والتصفية للقضية الفلسطينية، والتمسك بمسار وحل الدولتين، رغم أنه لا يمثل مطلبا لتجار الحرب فى الإقليم، إسرائيل وتوابعها.

p.8
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة