محمد شوقى

سيدة الشاشة العربية.. سر الغضب على هذا اللقب

الإثنين، 27 مايو 2024 10:13 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
في ذكري ميلادها اليوم ٢٧ مايو يحتفي بها كل محبيها بصفة خاصة و يحتفي بها كل محبي السينما في العالم العربي بصفة عامة 
 
هي أيقونة للزمن الجميل و ليست فقط للسينما العربية 
 
فكم عاش مع أفلامها أجيال متعاقبة تتعلم من فنها و ثقافتها و إبداعاتها و كم تأثر بها أجيال كثيرة من محبي فن السينما بصفة عامة 
 
فهي حالة فنية خاصة بدأت من التاسعة من عمرها و هي طفلة أمام الفنان الأشهر محمد عبد الوهاب لتؤكد للجميع أن هذه الطفلة ستكون يوماً ما شئ عظيم و قد كانت 
 
منذ عام ١٩٤٠ أول ظهور لها في فيلم { يوم سعيد } فكان يوماً سعيداً في تاريخها و تاريخ السينما العربية  و في حياتنا كلها 
 
بدأت فاتن بداية كبيرة من الموسيقار الأشهر محمد عبد الوهاب إلي عميد المسرح و السينما يوسف بك وهبي الذي قدمها في بطولة فيلم { ملاك الرحمة } ١٩٤٦ وهي إبنة الخامسة عشرة من عمرها إلي المخرج الشاب وقتها حسن الإمام الذي صنع نجوميتها الطاغية من خلال فيلم { اليتمتين } ١٩٤٩ وهي إبنة الثامنة عشر من عمرها ثم جاء المخرج صلاح أبو سيف ليقدم أول أفلامه الواقعية معها في فيلم { لك يوم ياظالم } ١٩٥١ وهي في سن العشرين من عمرها ليكتب علي أفيش الفيلم ممثلة مصر الأولى فاتن حمامه 
 
وهنا نقف كثيراً …
فاتن حمامة في سن العشرين من عمرها في عام ١٩٥١ تقدم فيلم من إخراج صلاح أبو سيف { لك يوم ياظالم } و يسبق إسمها في أفيش الفيلم و داخل مقدمة الفيلم نفسه 
" ممثلة مصر الأولى " فاتن حمامة 
 
وهذا حدث فني لو تعلمون عظيم 
فكيف يتم هذا في وجود أغلي نجمة في تاريخ صناعة السينما العربية قاطبةً ليلي مراد و لم تعترض ، ليلي مراد التي تقاضت في نفس العام ١٩٥١ في فيلم { ورد الغرام } مبلغ ١٥٠٠٠ جنيه و فاتن حمامه نفسها تقاضت ٥٠٠٠ جنيه في نفس العام 
 
فلم تقم الحرب العالمية الثالثة بسبب هذا اللقب بين ليلي مراد و فاتن حمامة و إن قامت وقتها فكان لليلي مراد كل الحق فهي من هي من مجد سينمائي عريق و نجمة شباك أولي و أغلي نجمة و صاحبة أعلي إيرادات و النجمة السينمائية الوحيدة في العالم التي تكتب عناوين أفلامها بإسمها 
 
فلماذا إذاً قامت الحروب ضد لقب سيدة الشاشة العربية بعد ذلك ؟؟ 
 
لقب سيدة الشاشة العربية جاء بعد إستفتاء أجرته مجلة " الموعد " والتي كان يرأس تحريرها الكاتب الصحفي الكبير محمد بديع سربية في عام ١٩٥٣ بعد نجاح فيلمها الأخير نجاحاً ساحقاً { موعد مع الحياة } مع شادية و شكري سرحان و حسين رياض 
وهنا فازت فاتن حمامة علي لقب سيدة الشاشة العربية بإستفتاء أجرته المجلة من الجماهير والنقاد 
ولم يعترض وقتها من كان له حق الإعتراض مثل أهم نجمات السينما في ذلك الوقت وعلي رأسهن ليلي مراد أو مديحة يسري أو تحية كاريوكا أو غيرهن مما سبقن فاتن حمامه في التاريخ و المجد السينمائي الحافل 
 
وحتي بعد ظهور نجمات آخريات مثل هند رستم و مريم فخر الدين و سناء جميل 
وهؤلاء هن من إعترضن علي اللقب بشدة و غضب كبيرين و لكن كان هذا الإعتراض بعد فترة طويلة من الزمن 
 
فلم نسمع بإعتراضهن علي هذا اللقب في فترة حصول فاتن حمامه عليه أو بعد ذلك في فترة الستينيات أو السبعينات.
فلم نسمع عن إعتراضهن إلا في آواخر فترة الثمانينات من القرن الماضي و بالتحديد بدايةً من الفنانة الكبيرة سناء جميل عندما سألها المحاور الكبير مفيد فوزي عن فاتن حمامه في برنامج تم عمله تكريماً لمشوار سناء جميل فأبدت إعتراضها علي اللقب بحجة أنها لم تقدم إلا صورة واحدة نمطية للمرأة المصرية في أفلامها 
وتوالت سناء جميل علي هذا الكلام كلما سئلت عن فاتن حمامه حتي قبل وفاة سناء جميل في عام ٢٠٠٢ ظلت تردد هذا الإعتراض 
ثم كانت مريم فخر الدين التي إعترضت لدرجة الغضب و الإنفعال و قالت عن هذا اللقب هو لقب مستفز و يقلل من مشوارنا الفني كفنانات لا يقلوا أهمية عن فاتن حمامه مثل شادية و سعاد حسني و هند رستم و ماجدة الصباحي 
وأصبحت مريم فخر الدين هذه الفنانة الجميلة الكبيرة مادة إعلامية خصبة في البرامج بسبب هجومها على فاتن حمامه.
 
ثم كانت النجمة الكبيرة هند رستم التي كانت نادرة التواجد الإعلامي في وسائل الإعلام المختلفة و لكن عقب فوز فاتن حمامه بلقب نجمة القرن العشرين في إستفتاء قام به مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي عام ١٩٩٦ إحتفالية مئوية السينما المصرية 
هنا ظهر الوجه الآخر للنجمة الكبيرة هند رستم التي صرحت في الجرائد عن مدي إستيائها الكامل بسبب هذا اللقب و كان غضبها شديد و هجومها ضاري على هذا اللقب و علي من منحوه و علي فاتن حمامه نفسها 
والسؤال هنا 
لماذا هؤلاء النجمات الثلاثة من يقفن ضد هذا اللقب ؟ ولماذا كل هذا الهجوم و الغضب بعد أكثر من ثلاثين عاماً علي منح اللقب لصاحبته ؟
سناء جميل كما قالت هي بنفسها 
بدأ الخلاف بينها و بين فاتن حمامه بسبب عدم مباركة فاتن حمامه لسناء جميل بعد نجاحها الساحق في تجسيد شخصية " نفيسة " في فيلم { بداية و نهاية } ١٩٦٠ وهو الدور الذي كانت ستلعبه فاتن حمامه قبل ان يعرض على سناء جميل 
وبرغم ان هناك صور تجمع بينهما تؤكد مدي صداقتهما إلا أن كلام سناء جميل ينفي ذلك تماماً 
ولا أري في كلام سناء جميل حجة دامغة لهذا الخلاف الغير مقنع فكم من النجمات اللاتي قدمن أدوار عظيمة في أفلام مهمة و لم نري أو نسمع خلاف بينهن و بين فاتن حمامه و إذا كان الأمر كما تصورته سناء جميل فتكون فاتن حمامه إذاً علي خلاف دائم مع جميع نجمات السينما 
فهل هذا يُعقل !!!
أمًا النجمة مريم فخر الدين وهي التي ظهرت لأول مرة علي شاشة السينما في ١٩٥١ في فيلم { ليلة غرام } أي وقت ظهورها الأول كانت فاتن حمامه هي من يسبق إسمها ممثلة مصر الاولي 
وحجة مريم فخر الدين في لقب سيدة الشاشة العربية أن فاتن حمامه كل أدوارها هي الفتاة البائسة التعسة الحزينة و هذا إجحاف كبير لمسيرة فاتن حمامة بحق 
ثم من تتبع مسيرة مريم فخر الدين يجدها 
يجد معظم أفلامها و إن لم تكن كلها في شبابها هي تلك الفتاة المغلوب على أمرها و الحزينة فكيف تصف مسيرة فاتن حمامه و أدوارها بالنمطية 
وأحب أن أقول في هذا الشأن أن هذه الفترة  الزمنية كانت الفتاة و المرأة المصرية بالفعل مغلوب على أمرها وبعد قيام ثورة يوليو ١٩٥٢ سرعان ما تغيرت نوعية الأفلام و الأدوار النسائية فكانت فاتن حمامه هي من تمردت على هذه الأدوار بدايةً من فيلم { الأستاذة فاطمة } ١٩٥٢ ثم أفلام و أدوار مختلفة و بعيدة عن النمطية مثل أفلام 
( الطريق المسدود ، لا أنام ، لا تطفئ الشمس ، لا وقت للحب ، المعجزة ، دعاء الكروان ، الحرام ، حكاية العمر كله ، الباب المفتوح ) هذا بخلاف ما قدمته بعذ ذلك من أدوار في حقبة السبعينات مثل ( الخيط الرفيع ، حبيبتي ، أريد حلاً ، إمبراطورية م ، أفواه و أرانب و ولا عزاء للسيدات ) 
فأين إذاً النمطية التي إستمرت بها مسيرة فاتن حمامه  !!!
ثم نجمة النجمات هند رستم والتي كانت بدايتها علي شاشة السينما في أدوار صغيرة لا تتعدي مشهد أو مشهدين في العديد من أفلام ممثلة مصر الأولي فاتن حمامه 
مثل أفلام { بابا أمين ، الملاك الظالم ، حب في الظلام } وكلها أدوار بسيطة للغاية لها و كانت فاتن حمامه هي بطلة الفيلم و النجمة الأشهر في السينما 
ولم تبدأ هند رستم كبطلة أولي إلا في فيلم { الجسد } ١٩٥٤ أي بدأت بطلة أولي بعد حصول فاتن حمامه علي لقب سيدة الشاشة العربية بعام واحد 
ثم إنتلقت هند رستم في عالم السينما حتي أصبحت إحدي أهم النجمات في تاريخ السينما العربية 
والشاهد من كلام هند رستم أن العلاقة بينها وبين فاتن حمامه لم تكن علي ما ترام خاصةً أثناء تصوير آخر فيلم جمع بينهما { لا أنام } ١٩٥٧ و يبدو أن إحساس هند رستم بأهمية و قيمة ما قدمته من أفلام سينمائية عظيمة وصل بعضها لمستوي العالمية مثل فيلمها الأهم { باب الحديد } ١٩٥٨ ثم سلسلة أدوار فنية مركبة وفي غاية الأهمية مع المخرج الكبير حسن الامام مكتشفها الحقيقي 
كل هذا جعل من هند رستم إحساس أنها لا تقل أهمية عن فاتن حمامه بل تتفوق عليها خاصةً في ظل الأجواء الغير طيبة التي كانت تجمع بينهما ولا يوجد هناك سبباً مباشراً لهذه الأجواء الغير طيبة من جانب فاتن حمامه نفسها
والسؤال الذي يطرح نفسه دائماً 
هل ظهرت فاتن حمامة في أي وسيلة إعلامية ترد على كل هذا الجدل و الانتقادات  ؟؟
علي الإطلاق فبرغم ظهور فاتن حمامه المحدود بين الحين والآخر فكانت تتحدث بكل ثقافة و إحترام و رقي عن مشوارها الفني وكل من شاركها فيه إلي جانب حديثها الشيق في الجانب الثقافي و السياسي 
وفي نفس الوقت نجد كل الحب و الإحترام و التقدير منها لكل زميلاتها وهو ما نجده أيضاً من معظم فنانات الزمن الجميل و علي رأسهن ليلي مراد التي كانت تربطها بينها وبين فاتن حمامة علاقة حب و صداقة 
وأيضاً رفيقة عمرها شادية التي لطالما تحدثت عنها فاتن حمامه بكل حب و ود 
وصداقتها القوية مع تحية كاريوكا و ليلي فوزي و ماجدة الصباحي و نادية لطفي 
حتي سعاد حسني التي دائماً يضعونها في منافسه مع فاتن حمامه قالت سعاد حسني عن فاتن حمامه " إذا كانت السيدة أم كلثوم هي كوكب الشرق في الغناء فالسيدة فاتن حمامه هي كوكب الشرق في السينما " 
وأخيراً و ليس آخراً 
فاتن حمامه علي مدار ما يزيد عن نصف قرن من العطاء الفني قدمت نموذجاً رائعاً للفنانة المصرية المثقفة الراقية التي تعي مشاكل و هموم مجتمعها و هي من قدمت أنماط مختلفة عن الفتاة و المرأة المصرية 
ويكفيها فخراً أن تكون الممثلة الوحيدة في العالم التي بفيلم من أفلامها إستطاعت أن تغيًر قانون الأحوال الشخصية في بلدها وهذا لم يحدث مع أي ممثلة في العالم إلا مع سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة