علا رضوان

القصة وما فيها

الجمعة، 24 مايو 2024 12:35 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

القصة فى الدراما هى كل شيء أو بتعبير الكاتب الأمريكى روبرت ماكى Story is the king، وهو صاحب كتاب القصة (المادة - البنية - الأسلوب..)، والذى قام المجلس الأعلى للثقافة بترجمته ضمن سلسلة المشروع القومى للترجمة، وهى جملة حقيقية، فأنت لن تستطيع أن تحب شخصا أو بطلا حتى تقرأ أو تسمع أو تشاهد قصته، وهذا يفسر لنا تعاطف القراء أو المستمعين أو المشاهدين مع بطل مجرم فقط لأنهم سمعوا قصته، فى حين أن هذا الشخص دون أن تُسمع قصته لن يكون هناك تعاطف معهم، لذلك تلعب الفنون الأدبية والبصرية دورا كبيرا فى تقديم النماذج التى يسعى الكاتب أو الفنان لتسليط الضوء عليها.

وهذا يفسر إقبال المشاهدين على نماذج غير مرغوب فيها اجتماعيا مثل البلطجية فى الدراما، مع إنهم فى الحقيقة أشخاصا غير محبوبين، ويقال فى أساسيات علم الدراما أفضل شىء كى تبقى قصتك عظيمة فقط اجعلنى أهتم Just make me care، فنحن يمر أمام أعيننا يوميا طوفان من القنوات والبرامج والمسلسلات، ما الذى يجعلك تهتم وتتوقف أمام أحد الشاشات تجذب اهتمامك وتلفت انتباهك، هذا ليس وليد الصدفة، هذا تصميم، طريقة ما تعدك بأن ما تشاهده يستحق وقتك، أن القصة ستجذب اهتمامك، فأول سؤال سيوجهه لك صديق تخبره عن فيلم أو مسلسل أو رواية تتحدث عنهم، ما قصته، أو بالبلدى قصته إيه؟! إذا لم تستطع أن تخبره بالقصة فلن تستطيع أن تجتذبه، فما بالك إذا كان الكاتب نفسه لا يعرف قصته ولا يعرف العمود الفقرى لشخصية بطله، فلكل شخصية عمود فقرى يحركها، فمثلا آل باتشينو فى فيلم الأب الروحى كان العمود الفقرى الذى يحرك الشخصية هو محاولة إرضاء الأب.

أكتب هذا وللأسف لأن كثير من يتصدرون مشهد الكتابة لا يعرفون قواعد الكتابة الدرامية، فهناك استسهال فى عملية التصدى لمهنة الكاتب فى هذا الزمان، فهى فى وجهة نظر محدودى الموهبة مهنة لا تكلف صاحبها سوى أقلاما وأوراقا أو جهاز حاسوب فى الزمن الحالى، مع إن العامل الأساسى للكاتب هو أن يمتلك وجهة نظر وقبل ذلك يعرف كيف يحكى قصته، فقد تكون قصة عظيمة لكن راويها ضعيف فتضيع وتفقد حيويتها، وربما قصة بسيطة يحكيها راو قوى فتكتسى لحما ودما وروحا بفضل راويها.

أتمنى أن تكون الكتابة هى المعادلة الأهم فى الإنتاج الدرامى، وأن يعى الجميع أن الرهان على الكتابة الجيدة هو الرهان الصحيح، فليس معقولا ألا تفرز مصر خلال العقد الأخير كاتبا بحجم أسامة أنور عكاشة أو وحيد حامد، اقترح تشكيل لجنة للقراءة لا يقل أعضاؤها عن 100 شخص لديهم رؤية فى مجالات مختلفة تتلقى أعمالا أدبية ودرامية وتعمل طوال العام وتفرز أعمالا يتم ترشيحها لشركات الإنتاج والمنصات التى ترغب بتقديم أعمال جيدة، فلا يصح أن يكون العمل الذى ربما يراه أجيال قادمة لسنوات طويلة مبنى على وجهة نظر ممثلة واحدة أو منتج فقط، الدراما والسينما عمل جماعى، فلا يصح أن تسيطر عليه وجهة نظر النجم وحده، عظمة هذه الشغلانة -وأقصد هنا صناعة الدراما- أن لكل واحدا فيها دور، فلو فعل كل دوره لوجدنا أعمالا عظيمة تمر عليها السنوات فلا تزيدها إلا تألقا، لا إهمالا تشبه الكلينكس يتم استعماله مرة واحدة ثم يتم التخلص منه على الفور.

الأمر يستحق أن نبذل مجهودا أكبر فى البحث عن الكتاب الحقيقيين، الكتاب الجيدين الذين لا يحاكوا أعمالا درامية أو سينمائية وإنما يخلقوا تصميما يشبهنا ويشبه قصصنا، وتذكروا فى النهاية دائما لا توجد قصة ضعيفة لكن توجد قصة لم ترو بشكل جيد.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة