حظى إعلان كل من إسبانيا وأيرلندا والنرويج، الاعتراف بالدولة الفلسطينية باهتمام كبير فى الصحف الأمريكية، ما بين دلالات هذا القرار ومدى تأثيره.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن هذه الخطوة تعكس الإحباط المتزايد من رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، حتى من قبل أصدقائه التقليديين، ويشير إلى أن الضغط الدولى عليه سيزداد.
إلا أنها أشارت إلى أنه لا يحتم أن تسير على نفس الدرب دول أوروبية أكبر. وكان الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون قد قال فى وقت سابق هذا العام إن مثل هذا الاعتراف ليس محظورا، وهو ما أكده وزير الخارجية الفرنسى. وفى فبراير، قال وزير الخارجية البريطانى ديفيد كاميرون إن مثل هذا الاعتراف لا يأتى فى بداية عملية، ولكن لا يتعين أن ينتظر فى نهاية العملية.
وتابعت الصحيفة قائلة إنه لو كانت أوروبا موحدة، وانضمت دول أكبرى فى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتركوا الولايات المتحدة معزولة فى رفضها لهذه الخطوة، لكان للأمر تأثير أكبر، إلا أن هذه المرحلة لم يتم الوصول إليها بعد.
من جانبها، رأت وكالة "أسوشيتدبرس" أن اعتراف النرويج وأيرلندا وإسبانيا رسميا بالدولة الفلسطينية قد يولد زخمًا مماثلا من قبل دول الاتحاد الأوروبى الأخرى، ويُمكن أن يحفز المزيد من الخطوات في الأمم المتحدة التي تؤدي بدورها إلى تعميق عزلة إسرائيل.
واعتبرت الصحيفة أن هذا الاعتراف يمثل خطوة نحو التطلع الفلسطيني الذي طال انتظاره، مشيرة إلى أن هناك سبع دول من الاتحاد الأوروبي المكون من 27 دولة تعترف رسميًا بالدولة الفلسطينية في الوقت الحالي، منهم خمس دول في الكتلة الشرقية السابقة التي أعلنت الاعتراف بها في عام 1988، وكذلك قبرص، قبل انضمامها إلى الكتلة، فيما أعلنت السويد الاعتراف في عام 2014. ولفتت إلى أن نحو 140 دولة من أصل 190 دولة ممثلة في الأمم المتحدة تعترف بالفعل بالدولة الفلسطينية.
وفى تقرير آخر، قالت نيويورك تايمز إن هذه الخطوة، الاعتراف بالدولة الفلسطينية، يحقق هدف القادة الفلسطينيين منذ زمن طويل بتأمين قبول دبلوماسى، إلا أن التأثير العملى الفورى لهذه الخطوة سيكون محدودا على ما يبدو.
وأوضحت الصحيفة أن الاعتراف بدولة بشكل عام يعنى إعلان أن تستوفى شروط الدولة بموجب القانون الدولى، ويفتح هذا طريقا أمام إقامة علاقات دبوماسية وسفارة هناك. لكن الدول الأوروبية معنية أكثر على ما يبدو بالتعبير عن الدعم للفلسطينيين وإرسال رسالة لإسرائيل فى وقت زيادة المخاوف الدولية بشأن سلوك حربها فى غزة.
وقال وزير خارجية النرويج إسبن بارث إيد إن المكتب التمثيلى لبلاده لدى السلطة الفلسطينية، والذى تم فتحه فى الضفة الغربية فى عام 1999، سيصبح سفارة، ولم يحدد موعدا لهذا التغيير، لكنه قال إنه سيمكن النرويج من الدخهول فى اتفاقات ثانئية.
بينما ركزت تصريحات قادة ايرلندا واسبانيا على الحاجة للسلام فى غزة وأهمية حل الدولتين دون الحديث عن السفارات أو تغييرات على الفور.
من ناحية أخرى، قالت مجلة بولتيكو الأمريكية إنه فى حين أن البيت الأبيض لم يكن سعيدا بإعلان أسبانيا والنرويج وإيرلندا الاعتراف بالدولة الفلسطينية، إلا أن هذا القرار لم يكن مفاجئا له.
وأشارت المجلة إلى أنه فى الأيام التى سبقت الإعلان، أجرى بعض المسئولين الأوروبيين مناقشات مع إدارة بايدن لتجنب إثارة غضب البيت الأبيض، وفقا لمسئولين أمريكيين وإيرلنديين. وفى حين أن بايدن طالما أعرب عن دعمه لحل الدوليتن، إلا أنه يعتقد أن أفضل طريقة لفعل ذلك تكون عبر الدبلوماسية المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
ونتيجة لذلك، فإن الأمر لم يكن محل خلاف بشكل كبير. وفى المناقشات الخاصة، قال مسئول إيرلندى رفيع المستوى إن المسئولين بإدارة بايدنـ على الرغم من عدم موافقتهم على هذه الخطوة، إلا أنهم يفهمون أيضا سبب اتخاذنا لها، ويبدو أنهم قبولها كتطور لا مفر منه. وأشار المسئول، الذى رفض الكشف عن هويته، إلى عدم وجود معارضة حقيقية.
وترى بولتيكو أن ما حدث فى الفترة التى سبقت الإعلانات الأوروبية يعكس مدى محاولة حلفاء واشنطن تحقيق التوازن بين مصالحهم السياسية فى الداخل ورغبتهم فى تجنب المزيد من زعزعة استقرار الشرق الأوسط، مع إدارة علاقتهم بالولايات المتحدة، التى تهد أحد أقوى حلفاء إسرائيل.
ومع استمرار الحرب، فإن مثل هذه المناقشات ستصبح أكثر أهمية على الأرجح للحد من التوترات والحفاظ على العلاقات الراسخة. وأكد مسئول أمريكى مطلع على المناقشات أن واشنطن أوضحت للدول الثلاث، ظان الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليس مفيدا. ومع ذلك، فإن الإدارة تعتقد، أو تأمل على الأقل، أن الخطوة التى قامت بها النرويج واسبانيا وايرلندا لن تزيد التورات العالمية حول الحرب فى غزة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة