سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 22 مايو 1936 ..مقتل الراقصة امتثال فوزى بزجاجة مكسورة فى رقبتها يفتح الجدل حول عصابات البلطجة والامتيازات الأجنبية فى مصر

الأربعاء، 22 مايو 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 22 مايو 1936 ..مقتل الراقصة امتثال فوزى بزجاجة مكسورة فى رقبتها يفتح الجدل حول عصابات البلطجة والامتيازات الأجنبية فى مصر الراقصة امتثال فوزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

افتتحت الراقصة امتثال فوزى صالتها للرقص فى كازينو البوسفور بالأزبكية، يوم 2 مايو 1936، ووفقا للدكتور عبدالوهاب بكر فى كتابه «مجتمع القاهرة السرى 1900-1951»: «اتصل بها البلطجى فؤاد الشامى عارضا خدماته «الحماية»، إلا أنها رفضت، وفى أكثر من مناسبة أمرت بطرد البلطجى وأعوانه من الصالة، عندما كانت تجدهم يحتسون الخمر بلا مقابل، وعندما لم تذعن لمطالب فؤاد الشامى بدفع إتاوة، اعتدت العصابة عليها بالضرب ليلة 15 مايو 1936، وعندما لجأت لقسم الأزبكية الذى لا يبعد عن مرقصها بأكثر من ألف خطوة، أفهمها الضباط المرتشون بأن دورهم ليس حماية الناس من التهديد، وإنما ضبط الوقائع بعد وقوعها».


يضيف «بكر»: «رغم أن قسم الأزبكية حرر المحضر رقم 1870 جنح الأزبكية عن حادث الضرب، فإن ضباط القسم أخلوا سبيل أفراد عصابة الشامى، رغم توفر أسباب القبض عليهم، وفى ليلة 22 مايو، مثل هذا اليوم، 1936، اتصل أعضاء العصابة بالراقصة وهددوها بالقتل، إن لم تستجب لمطالبهم بدفع الإتاوة، ومرة أخرى ذهبت إلى قسم الأزبكية تستنجد من التهديد بالقتل، لكن الضابط المختص صرفها، وبعد ساعتين من عودتها من القسم وأثناء مرورها بصالتها للإشراف على العمل، اعتدى حسين إبراهيم حسن، أحد أفراد العصابة، عليها بزجاجة خمر مكسورة فى رقبتها، فسقطت مضرجة فى دمائها».


تذكر مجلة المصور فى عددها رقم 607، الصادر فى 29 مايو 1936، أن «امتثال» ولدت فى قرية مير بديروط - أسيوط، واسمها الحقيقى أسما، ونزحت مع عائلاتها إلى الإسكندرية، وألحقت بمدرسة أفيروف بالعطارين وتعلمت اللغة اليونانية، وأخرجتها والدتها منها، وعند بلوغها الرابعة عشرة تزوجت من ابن أحد المستشارين بمحكمة الاستئناف، وقضت معها ما يقرب من سنتين، ثم انفصلت عنه، وعشقت الفن وكان صوتها جميلا، فاعتلت التخت بالإسكندرية، وعملت فى دور الملاهى والمقاهى، وأبدلت اسمها بالاسم الذى عرفت به، ونجحت فى هذه المهنة نجاحا ملموسا.
تضيف «المصور» أن امتثال اشتهرت فى دور الملاهى، وشاهدتها السيدة مارى منصور فى الإسكندرية، فأقنعتها بالانتقال إلى صالتها بشارع عماد الدين بالقاهرة، وفيها بزغ نجمها، ثم انتقلت لفرقة بديعة مصابنى، وعرفت بين الراقصات بمهارتها فى اجتذاب القلوب واستمالة المعجبين، مما كان يدر عليها وعلى الصالة الربح الوفير، ثم تركت بديعة عام 1935، والتحقت «امتثال» بفرقة نجيب الريحانى، وتركته واستأجرت كازينو البوسفور وافتتحته يوم 2 مايو 1936، وبعد عشرين يوما وقعت جريمة قتلها.


يؤكد صبرى أبوالمجد فى الجزء الثانى من كتابه «سنوات ما قبل الثورة 1930-1952» أن قتلها كان من ذيول الامتيازات الأجنبية المفروضة على مصر، ويؤكد: «هالت الجريمة البشعة كل إنسان، فصاحب الدولة مصطفى النحاس باشا، رئيس الوزراء ووزير الداخلية، انتدب اثنين من كبار موظفى الداخلية ليشهدا التحقيق، ويتقدمان إليه بتقرير شامل يحدد مسؤولية رجال البوليس»، ويضيف «أبوالمجد»، أن الصحافة أجمعت على المطالبة بوضع حد لنهاية عصر الفتوات.
يعطى «بكر» صورة وافية عن البلطجية فى القاهرة حتى وقوع جريمة «امتثال»، قائلا: «كان لكل حى فتوة، ومن الأسماء المشهورة فى هذا النشاط فى أوائل القرن العشرين، إبراهيم عطية، فتوة الحسينية، وخليفته مصطفى عرابى، وعبده الجباس فتوة عابدين وحارة السقايين، وسيد حداد ومحمود الحكيم، وفى منطقة الدرب الواسع والدرب الإبراهيمى بالقاهرة كان هناك رزق الحشاش، وجرجس بن تهتة، وميخائيل العجوز، وفى الثلاثينيات كانت عزية الفحلة، والزفتاوية، والمغربية، والفيشاوى، وأحمد البيومى، والأسيوطى بحى الظاهر، وبيومى الشرقاوى، هم أشهر فتوات القاهرة، وفى حارة اليهود كان هناك جداليا، وبالميطو، ولولى، ويبدو من أسمائهم أنهم ينتمون لجنسيات أجنبية».


يؤكد: «كانت أهم معاقل هؤلاء البلطجية هى عزبة الصفيح بالعباسية، وعزبة البراد فى شبرا، وعشش الترجمان والغلاية ببولاق، والترعة البولاقية فى بولاق، والخرطة الجديدة فى الخليفة، وزين العابدين فى السيدة زينب، ووثق هؤلاء البلطجية علاقاتهم بصغار ضباط الشرطة، وأصبح قسم الأزبكية فى الثلاثينيات يدار من الصالات التى اتخذها أعضاء عصابة البلطجية مقارا لهم يحتسون فيها الخمور بلا مقابل، ويحصلون الإتاوات من الراقصات والمومسات وأصحاب الأنشطة المشابهة فيها، وكانت أشهر عصابة فى المنطقة هى عصابة فؤاد الشامى وشقيقه مختار».


يذكر صبرى أبوالمجد: «أثبتت التحقيقات فى جريمة مصرع امتثال أن هؤلاء الفتوات كانوا فتوات انتخابات أيضا، وأن مهنة الفتونة لا تقتصر على المصريين، بل كثير من الأجانب يحترفونها، تحت حماية الامتيازات الأجنبية المفروضة على البلاد وقتئذ، والطريف أن البلطجية كانوا يعملون بتسعيرة محددة، فتحطيم المنزل بخمسين قرشا، وإحداث إصابة بجنيه واحد، والعاهة المستديمة بعشرة جنيهات، أما التهديد الشفهى أو الكتابى فسعره مائة وخمسين قرشا، هذا عدا مصاريف أتعاب المحامى الذى يوكل للدفاع عن الجانى والإنفاق عليه طوال مدة سجنه».










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة