تحل اليوم ذكرى ميلاد واحد من أستاذة الصحافة الكبار في مصر وهو محمد التابعي الذى ولد فى السنبلاوين بمحافظة الدقهلية عام 1895، وأمضى الدراسة الابتدائية بمدرسة المنصورة، ثم حصل على البكالوريا من مدرسة العباسية الثانوية، وعمل موظفا بمصلحة التموين عام 1914 إلى أن تخرج فى مدرسة الحقوق عام 1924، وكان الأول على دفعته وعين فى نفس العام موظفا بمجلس النواب لكنه استقال عام 1928 بعد أن استهوته الصحافة التى بدأها وهو طالب بالحقوق، واشترك فى ترجمة بعض الروايات المسرحية التى مثلتها فرقة يوسف وهبى، وعمل ناقدا مسرحيا فى الأهرام»»، فى وقت كان توجد فيه بالقاهرة 9 فرق مسرحية و11 مجلة مسرحية.
عمل رئيسا لتحرير «روزاليوسف» عام 1928، وخلال رئاسته لتحريرها أصبحت من أوسع الصحف الأسبوعية انتشارا، وصادرتها الحكومة 30 مرة خلال هذه الفترة، وحكم عليه بالسجن مرتين، الأولى 4 شهور لاتهامه بإهانة وزير الحقانية، والثانية 6 شهور بتهمة «العيب فى ولى العهد» عام 1929، وفى 1934 أنشأ مجلة «آخر ساعة»، وباعها فى 1946 لمصطفى وعلى أمين ليتفرغ للكتابة فى صحف دار «أخبار اليوم» ومجلاتها.
يعتبره الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل من أساتذته الكبار ، وأستاذا لغيره من نفس الجيل الذى خطا إلى عالم الصحافة العربية مع مطالع الأربعينيات من القرن العشرين، ويذكر «هيكل» فى مقدمته لواحد من أشهر كتب «التابعى»، «من أسرار الساسة والسياسة، وأحمد حسنين باشا»: «اختلف مجال الكتابة الصحفية بعده عما كان قبله»، موضحا: ليس المقصود أن الكتابة الصحفية قبل «التابعى» كانت أقل وزنا أو أدنى قيمة، فكان هناك قبل وغير «التابعى» كُتاب لهم شأن ومقام، لكن «التابعى» أضاف شيئا آخر، إذ صاغ أسلوبا مختلفا فى التناول الصحفى، وهذا الاختلاف الذى أحدثه هو نعومة الكلمة، وانسياب الكلام، أى أن هناك إضافتين تحسبان للتابعى، إحداهما فى اللفظ، والثانية فى السياق، وبالنسبة للإضافة الأولى، فإنه يبدو وكأن الألفاظ كانت على نحو ما فى حالة عشق مع قلم التابعى، فما إن يضع سن القلم على صفحة الورق حتى تذوب المعانى والصور لينة سائلة على السطور، وبالنسبة للسياق، فإن أى قارئ لكتابات «التابعى» سوف تنكشف له قاعدة سمعته يكررها علينا كثيرا، مؤداها: "أن القصة فى التفاصيل"
ووفقا للكاتب الصحفى سعيد الشحات في ذات يوم يراه الشاعر والكاتب الصحفى كامل الشناوى «منقذ الصحافة»، و«الجد الأكبر للصحافة الحديثة»، يضيف: «أستاذنا محمد التابعى استطاع بموهبة وذكاء أن ينقذ فن الصحافة من السجع والمحسنات اللفظية وأدوات التجميل، ويخلصها من طنين المبالغة، واصطناع البلاغة، وبهذا التجديد الجرىء استطاع أن يتواصل مع القارئ المصرى الجديد، أى المواطن».
وقد كان التابعى واحدا من أوائل المهتمين بالصورة الكاريكاتورية التي ظهرتمنذ حوالي 1920 وفقا لسلامة موسى في كتاب الصحافة حرفة ورسالة واختصت بها مجلة الكشكول التي كان يصدرها المرحوم سليمان فوزي، وكان يهدف منها في كثير من الأحوال إلى غير ما خصصت له، فكان ينتقل بها من الترويح إلى التشهير بالوفديين، ولكنه مع ذلك فتح الباب وشق الطريق.
ويذكر سلامة موسى في كتابه أن محمد التابعي جعل منها دراسة في مجلاته التي كان يصدرها مثل روز اليوسف وآخر ساعة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة