تمر علينا اليوم الذكرى العاشرة لإطلاق معركة الكرامة في ليبيا للقضاء على الإرهاب والمنظمات المتطرفة التي سيطرت على غالبية المدن الليبية بعد أحداث 11 فبراير 2011 وحتى 2014، حيث تحرك عدد من العسكريين الليبيين بقيادة اللواء خليفة حفتر _ آنذاك - لتطهير مدن ليبيا من المتطرفين والتكفيرين الذين ارتكبوا أبشع الجرائم ضد أبناء الشعب الليبي.
وعانت ليبيا على مدار سنوات من انتشار الجماعات المتطرفة والتكفيرية في البلاد بدعم من أطراف خارجية، وذلك بهدف العمل على جعل ليبيا قاعدة انطلاق للجماعات الإرهابية في منطقة شمال افريقيا بشكل خاص ودول القارة السمراء بشكل عام، ومع تعالي الأصوات في شرق ليبيا تحرك خليفة حفتر تلبية لنداء الليبيين وشكل مع عشرات العسكريين كيان عسكري نظامي تمكن من تحرير شرق وجنوب ليبيا، وتحول هذا الكيان إلى نواة لتشكيل الجيش الوطني الليبي في صورته الحالية.
بدوره، أكد المتحدث باسم القائد العام للجيش الليبي، مدير إدارة الإعلام والتعبئة، اللواء أحمد المسماري، أن عملية الكرامة انبثقت عن ثورة شعبية ووطنية داخل ليبيا بخروج المواطنين في مظاهرات عارمة تطالب إنقاذ البلاد، قطع دابر الإرهاب، إيقاف نزيف الدم ببعض المدن ومنها بنغازي إجدابيا ودرنة وبعض مناطق غرب ليبيا، وذلك جراء العصابات الإرهابية التي تحالفت مع بعضها رغم اختلافها العقائدي حيث اتفقوا على تدمير البلاد ومقدرات ليبيا، إلا أن عملية الكرامة بوصول الشعب لمنزل اللواء خليفة حفتر – آنذاك – وتجسدت في الثورة الروح الوطنية العالية والمدنية، وكذلك الروح العسكرية التي استطاع القائد العام تغذيتها وعمل على رفع معنويات العسكريين بعد تعرضهم لدمار نفسي من 2011 وحتى 2014.
وأشار اللواء المسماري في تصريحات مطولة لـ"اليوم السابع"، الخمس، إلى أن عملية الكرامة كانت مطلب شعب بالكامل حيث تحمل القائد العام المسؤولية الكاملة، وعمل على تجميع العسكريين الذين لديهم خبرة في مواجهة الإرهابيين الذين سيطروا على المقدرات المالية والسلاح والمعسكرات بدعم من دول خارجية، مؤكدا أن العصابات والجماعات المتطرفة كانت تسيطر في بداية 2014 على مساحات واسعة من ليبيا مع تسليحهم بشكل كبير، بدعم مالي وسياسي خارجي من بعض الدول ودعم إعلامي كبير.
أوضح أن ثورة الكرامة جاءت كمطلب شعبي في ليبيا لتصحيح المفاهيم وتحرير الدولة الليبية وبسط الدولة للأمن والقانون على كامل التراب الليبي، وإنهاء الفوضى الخلاقة التي عمل عليها كثير من العملاء بدعم إقليمي ودولي، وترحم المسماري على أرواح الشهداء الأبطال الذين كانوا لهم دور كبير في إرساء القواعد الرئيسية للقتال وأبرزها الفداء والمجد والنصر.
ولفت إلى أن الحرب على الإرهاب استمرت سنوات طويلة بداية من تحرير بنغازي تلاها معركة الهلال النفطي، بالإضافة إلى العمل على تحرير مدينة درنة التي أعلنت إمارة لـ "داعش" وكذلك لتنظيم القاعدة مع تجمع مقاتلين آخرين من عدة دول آخري، وباتت التمركز الرئيسي للمتطرفين وتمكنت قوات الجيش الليبي تحرير درنة والقضاء على المتطرفين، وكذلك لمعركة الفاصلة في منطقة الجفرة وهي صعبة التضاريس وكانت تمثل نقطة تواصل بين الإرهابيين جنوب وشمال غرب ليبيا لكن قوات الجيش تمكنت من القضاء على المتطرفين وإرساء الاستقرار.
وأشار إلى أن القيادة العامة للجيش الليبي عملت وفق استراتيجية لتطوير القوات المسلحة بالاستعانة بخبرات العسكريين السابقين والذين لديهم باع طويل في الاستخدام القتالي للمعدات أو قيادة العمليات وكذلك صيانة المعدات العسكرية، مؤكدا أن ذلك تزامن مع إعادة 10 مراكز تدريب تم تشغيلها خلال 10 السنوات الماضية، وتخريج آلاف الجنود والضباط الذي بنيت عليهم وحدات عسكرية كاملة، موضحا أن القوات المسلحة الليبية تمكنت بالتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة تدريب وتأهيل ضباط في الجيش الليبي.
وتطرق المسماري إلى خطة القائد العام للجيش الليبي بإنشاء وحدة عسكرية جديدة وفق العقيدة الوطنية والتضحية من أجل ليبيا، مشيرا لتخصيص وحدات عسكرية خاصة لمحاربة الإرهاب تستطع العمل في الظروف الصعبة على الساحل الليبي أو في الجنوب بتضاريسه الصعبة، مؤكدا رفع القدرات القتالية للقوات الجوية، الدفاع الجوي، والمشاة، حيث عادت الروح لكافة أبناء العملية العسكرية في ليبيا، موضحا أن استراتيجية القائد العام تمكن من تشكيل جيش وطني ليبي يحمي ليبيا وأرضها.
وحول دور الجيش الليبي في التنمية، أوضح اللواء المسماري أن القيادة العامة للجيش الليبي تقوم ببرامج إنمائية في البلاد خلال السنوات الماضية، مؤكدا أنه تم إعادة الخدمة للمشاريع الزراعية بدعم من القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، وحل مشكلة الطرق والمواصلات في البلاد وبدأت الشركات تعمل في إنشاء طرق جديدة تصل لمسافات طويلة للغاية، بالإضافة الخدمات داخل المدن وتحريك عجلة إعادة الاعمار في الشرق والجنوب الليبي بإشراف كامل من القوات المسلحة الليبية.
وأشار إلى أن القوات المسلحة الليبية تمكنت من فرض الأمن والأمان على الأرض وتدفع نحو تحقيق تطلعات الشعب الليبي في الرخاء والتنمية، مؤكدا أن القيادة العامة تعمل بشكل مكثف من خلال جهاز التنمية الوطنية الليبي أو الاستثمار العسكري، مؤكدا وجود تنسيق كامل بين القوات المسلحة ووحداتها مع الحكومة الليبية المكلفة من قبل البرلمان الليبي.
وعن جهود الجيش الليبي في إعادة اعمار المدن المدمرة، أوضح المسماري أن القيادة العامة تعمل بشكل متسارع لإعادة الاعمار في درنة عقب كارثة إعصار دانيال، مؤكدا أن عدد كبير من الشركات تعمل على إعمار درنة ومنطقة الجبل الأخضر بشكل كامل، معربا عن أمله في انتهاء الإشكال السياسي وأن يتم العمل بشكل موحد من أجل الليبيين، لافتا إلى أن الانقسام السياسي أضاع سنوات طويلة على ليبيا وأضاع عليها فرص في التنمية والبناء.
وعن آلية القيادة العامة لمعالجة مشكلة التشكيلات المسلحة في ليبيا، أوضح اللواء أحمد المسماري أن القوات المسلحة الليبية طبقت سياسة الدمج والتسريح في جنوب وشرق ليبيا، وتم دمجهم وفق شروط التجنيد في الجيش الليبي كي يتم قبولهم في الكليات أو مراكز التدريب أو المعاهد العسكرية، مؤكدا أن القيادة العامة ترحب بانضمام أي مواطن ليبي للمؤسسة العسكرية الليبية، مشيرا إلى أن الليبيين عليهم أن يحتفلوا ويفرحوا بما حققته عملية الكرامة من بسط الأمن والاستقرار في ليبيا.
وعن الدور المصري الداعم للجيش الوطني الليبي، أكد اللواء أحمد المسماري في ختام تصريحاته أن الدور المصري كبير وعظيم ومقدر، حيث قدمت مصر كافة سبل الدعم لليبيا في كافة المجالات، موضحا أن مصر هي السند الحقيقي للشعب الليبي في كافة أزماته السابقة خاصة في منتصف القرن العشرين بدعم المقاومة الليبية ضد المحتلين، مشيدا بالدولة المصرية قيادة وشعبا على وقفتهم الجادة في دعم ليبيا خلال كارثة إعصار دانيال ووضعت الدولة المصرية كافة إمكانياتها دعما للشعب الليبي، وكذلك دعم مصر لليبيا في مكافحة الإرهاب، وتقديم دورات تأهيل لضباط وجنود الجيش الليبي.
أوضح اللواء المسماري أن مصر وليبيا يربطهما واحد وعلاقات تاريخية متميزة، مشيدا بالدعم المصري الكبير للقيادة العامة للجيش الليبي، وعمل الشركات المصرية في إعادة الاعمار وتوفير الخدمات ودعم الدولة الليبية في كافة تحركاتها لتحقيق التنمية والرخاء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة