الأوضاع والمستجدات، سواء في فلسطين أو الإقليم أو العالم، فرضت نفسها على القمة العربية المرتقبة، وأضفت لها طابعا استثنائيا، ربما تجاوز طبيعتها الدورية، على اعتبار كونها تأتي في دورتها العادية الثالثة الثلاثين، وهو الأمر الذي ساهم بصورة كبيرة في ارتفاع ملحوظ في مستوى التمثيل، تجسد في الوفود الكبيرة التي هبطت على أرض المنامة، للزعماء والقادة والعرب، يوم الأربعاء، مما يعكس أهمية الحدث وحساسية توقيته، ناهيك عن الحاجة الملحة لإيجاد حلول قوية للأزمات المحدقة بالمنطقة في اللحظة الراهنة.
في هذا الإطار يقول الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، إن التمثيل فى القمة سيكون عالى للغاية، موضحا أن أكثر من ثلثى القادة سيكونون متواجدين خلال القمة، وحتى الدول التي لن يتواجد قادتها سيكون التمثيل رفيع المستوى بالنسبة لها وهو ما يعكس المكانة الكبيرة التي تحظي بها مملكة البحرين.
وأضاف، في تصريحات للصحفيين، على هامش الأعمال التحضيرية للقمة العربية، أن اجتماعات وزراء الخارجية العرب شهدت توافقات كبيرة، أهمها جدول أعمال القمة، حيث تصدر الوضع في غزة المناقشات وكافة البنود المرتبطة بالقضية الفلسطينية، موضحا أن ملفات أخرى تم إثارتها خلال الاجتماعات، منها الأوضاع في السودان وليبيا ولبنان، بالإضافة إلى البنود التي تم التوافق عليها في المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
وأوضح زكي أن مشروع جدول الأعمال جاهز لطرحه على القادة، موضحا ان إعلان سوف تخرج به القمة، تحت مسمى "إعلان البحرين"، حيث سيتم ادراج كافة البنود التي تم التوافق عليه، موضحا ان التوافقات حول القضية الفلسطينية عريضة وكبيرة تتجاوز الأمور السياسية نحو العديد من التفاصيل، مضيفا أن الدعم العربي متواصل للقضية الفلسطينية، موضحا أنه حتى فى حالة الاختلاف فى الرؤى فإن الدعم السياسي للقضية مستمر، وهو ما سيبدو بوضوح كبير فى القرارات التى ستسفر عنها القمة العربية.
ولعل سيطرة فلسطين على مناقشات الاجتماعات التحضيرية، تمثل انعكاسا صريحا لما سوف يشهده لقاء القادة العرب، في المنامة، حيث تبقى الحدث الأهم والمحوري، خاصة مع استمرار العدوان على غزة، وسقوط آلاف الضحايا، في الوقت الذي يأبى فيه الاحتلال الإسرائيلي الرضوخ إلى صوت العالم، وهو ما يتطلب موقفا عربيا قويا وموحدا.
يقول المتحدث باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، المستشار جمال رشدى، في تصريح خاص لـ"اليوم السابع"، إن القضية الفلسطينية هيمنت على الاجتماع الوزاري، وكلمات المتحدثين، وهو ما يعد أمرا طبيعيا، في ظل حالة الغضب الشعبي الكبير جراء ما يرتكب من انتهاكات، ما أسفرت عنه من ترقب في الرأي العام العربي، وبالتالي فمن المتوقع أن تواكب نتائج القمة وقراراتها تلك الحالة.
وأضاف أن مشروعات القرارات سوف تتناول الأوضاع فى غزة، سواء على المستوى الميداني، حيث يبقى وقف إطلاق النار أولوية قصوى، بالإضافة إلى رفض التهجير القسري، والعمل على إغاثة سكان القطاع، وكذلك رفض العملية العسكرية الإسرائيلية فى رفح، أو على المستوى السياسي، حيث ستحمل القمة قرارات من شأنها حشد التأييد للدولة الفلسطينية والاعتراف بها، وتعزيز حل الدولتين، وإيجاد مسار سياسي، بالتعاون والتنسيق مع القوى الدولية، من شأنه تجسيد الدولة الفلسطينية فى أفق زمني معلوم.
ومن جانبه كشف مندوب فلسطين الدائم لدى جامعة الدول العربية، السفير مهند العكلوك، عن ملامح مشروعات القرارات المتعلقة بفلسطين، والتي بصدد إقرارها من قبل القادة العرب، حيث أنها تتضمن مبادرة تقدمت بها مملكة البحرين لعقد قمة دولية للسلام في المنامة، معتبرا انها تمثل امتدادا لنداء الرئيس الفلسطيني محمود عباس منذ 2018، برعاية الامم المتحدة لإطلاق عملية سياسية شاملة على اساس مقررات الشرعية الدولية.
وأشار إلى أنه انه من المنتظر ان تتبنى القمة العربية مصطلح الابادة الجماعية عند توصيف ما ترتكبه إسرائيل من جرائم في قطاع غزة.
وأشار إلى أن القمة هي الأولى من نوعها التي قد تتبنى هذا المصطلح، وهو ما يمثل خطوة مهمة، حيث تم مناقشة قرار يدعو مجلس الامن إلى وضع الاحتلال تحت طائلة الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة، وهو ما يعني فرض عقوبات على إسرائيل، خاصة أنها لا تستجيب لقرارات الامم المتحدة حول وقف إطلاق النار، وكذلك قرارات محكمة العدل الدولية.
وعن الهجوم على رفح، قال العكلوك إن القمة العربية تعتبر العملية العسكرية في رفح مساسا بالأمن القومي العربي، حيث ستحذر بشدة من التصعيد في هذا الاطار.
وأوضح ان القمة العربية ستناقش كذلك وضع قطاع غزة تحت ادارة الحكومة الفلسطينية، موضحا انها سترفض دعوات نقل إدارتها إلى اي جهة اخرى، بينما سترحب بتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح عضوية فلسطين بالمنظمة الدولية، كما أنها ستدرج 60 منظمة متطرفة على قوائم الارهاب العربية، معتبرا انها ستكون خطوة مهمة لصالح الفلسطينيين، بالإضافة إلى ادراج رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو وعدد من وزراءه في قائمة العار تمهيدا لمحاكمتهم.