حنان يوسف

أخلاقيات الإعلام والقيم المهنية.. أزمة ضمير أم غياب قانون؟

الثلاثاء، 14 مايو 2024 07:06 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تعاني مهنة الإعلام حاليا من العديد من التحديات وفي مقدمتها اشكالية التجاوزات الصارخة للقيم المهنية وعدم الالتزام بالمعايير الاخلاقية لمهنة الإعلام، رغم وجود العديد من مواثيق الشرف الإعلامي وعدد من التشريعات الاعلامية المنظمة للأداء  الإعلامي.

وهو الأمر الذي يثار معه تساؤل مهم: هل هذه التجاوزات سببها أزمة ضمير عند بعض العاملين بالإعلام أو غياب تطبيق للقانون الذي يجرم مثل هذه التجاوزات الأخلاقية في مهنة الإعلام؟!!! 
ويصطدم المجتمع كل يوم بأزمة جديدة تمس تماسك المجتمع وآمنه وقيمه وهويته.


وهي ظاهرة ليست في مصر وحدها، في ظل التزايد الكبير لأهمية مهنة الإعلام وسيطرتها علي صناعة الرأي العام وتشكيل الوعي الجمعي.


ففي ضوء التحديات العالمية وثورة الاتصالات التي تواجه المجتمع، برزت أدوار جديدة ألقيت على عاتق الإعلام لخلق ثقة ومصداقية تبادلية بين الإعلام والمواطن  لنقل وجهات النظر وعكس الصورة الواقعية والمنطقية، وخاصة في هذه المنطقة  من العالم التي تكثر  فيها الصراعات والأزمات بسبب التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية حاليا.

وأمام هذه التحديات المعقدة تحدث العديد من التجاوزات والانتهاكات الإعلامية للقيم المهنية بصورة باتت ترتبط بالأمن القومي للبلاد، من خلال انتشار  الشائعات والأخبار الكاذبة والتشكيك في الإنجازات وانتهاك للحياة الخاصة وغيرها من التجاوزات التي يعاقب عليها القانون ونص علي منعها كافة مواثيق الشرف الاعلامي.

ومن هنا تأتي اهمية  مسؤولية  تفعيل  ميثاق شرف إعلامي شامل ويحلل المعلومة بمصداقية ويعبر عن وجهة نظر إعلامية حقيقية في ظل قوانين وأنظمة ومواثيق إعلامية تصون وتحمي الإعلامي والإعلامية وحقهم في الوصول الى المعلومات من جهة وتحقق المسئولية المجتمعية للإعلام من جهة اخري .


والمشكلة الأساسية تتمثل في مدى وعي والتزام الاعلاميين بأخلاقيات مهنتهم السامية وما تفرضه عليهم هذه المهنة من الحفاظ على خصوصية الأفراد والحفاظ على أسرارهم والعمل بحيادية ومهنية والمسؤولية الاجتماعية للإعلام  ودوره في خدمة المجتمع.
إن أكثر المشاكل التي أثيرت في مجتمعاتنا كان سببها عدم التزام الإعلامي بأخلاقيات المهنة وبعادات وتقاليد المجتمعات،ومسألة اخلاقيات العمل الأعلامي  هامة جدا ومسؤولية مجتمعية كبرى واقعة على الإعلامي نفسه وضميره المهني ، ومدى تمسكه بما تفرضه عليه هذه المهنة من مهام.

فما هي الفائدة المرجوة من الإعلام  إذا خلق التنافر والمشاكل في المجتمع؟؟! إن الإعلام  هو عمل نافع من أجل خدمة المجتمع والوقوف بجانبه ، والإعلاميون يجب عليهم العلم أن هذه هي مهمتهم الأساسية.


والناظر الى تاريح الصحفى في المجتمع البشري يجد أن أول المواثيق الصحفية أكدت على أساسيات المهنة وتتمثل في مصداقية الخبر والثقة والتعامل مع الحدث بحيادية وموضوعية، فهل مثل هذه الأمور مطبقة الآن؟؟  وبنظرة لواقع الإعلام الان، نجد التجاوزات  الاعلامية تنتشر في كل منابر الإعلام وبصفة خاصة الإعلام الرقمي الأكثر انتشارا  وسيطرة هذه الأيام .


والمطلوب مننا  كإعلاميين التمسك بأخلاقيات مهنتنا السامية والعمل على نشر مبادئها في أوساط الجيل الإعلامي الجديد من أجل خلق مهنة إعلامية  واعية تحمل هموم المجتمع، والمطلوب أيضا العمل على خلق جيل واعي بالرسالة المجتمعية الإعلامية  ودورها في بناء مجتمع سليم  خالي من الأمراض المجتمعية العصرية .


فالإعلام كمهنة تقوم على أسس من الأخلاق ، وواجب التحلي بها لكل فرد يمتهنها .


وهناك العديد من القضايا التي تمس الإعلام والتي يجب أن يتمسك الإعلامي  بأخلاق مهنته تجاهها مثل: السلطة والواجب، الحرية والمسؤولية والحقيقة، والتعددية، الاختلاف، الصالح العام، واحترام الآخر وهي مفاهيم فلسفية، من الصعب تجاوزها حين نتطرق الى قضايا الاعلام، لكونها تساعدنا على إدراك "المعنى"؟ لماذا نقوم بهذا التجاوز في المهنة الإعلامية  ولا نقوم بذاك؟ ماهي المحددات الكبرى لأفكارنا وسلوكنا؟ ماهي نوع القيم او المسؤولية او الاخلاق الواجب الالتزام بها في ممارسة الإعلام؟ ومن الذي يحددها؟ اين تبدأ …واين تقف حرية التعبير؟ كيف نضمن التعددية والاختلاف والعدالة والصحة.


"فالأخلاق تطرح في مهنة الإعلام إشكاليتين:


1. إشكالية تحديد مفهوم الأخلاق ذاتها: ماهي مرجعيتها، هل هي دينية أم عرفية أم وضعية؟ ما هي مبادئها هل هي ملزمة أم لا ...؟


2. وإشكالية ترجمة هذه الأخلاق الي قوانين وإجراءات وتنظيمات، تحدد مسؤولية كل طرف بدقة، ماله ما عليه، مايجب أن يقوم به أو يمتنع عنه؟ وهو ما يفيد ضرورة التفريق هنا بين ما هو أخلاقي محض، أي يرجع الى الضمير الفردي وما هو أخلاقي قانوني يخضع الى المحاسبة والعقاب.


وتتلخص  اخلاقيات المهنة الإعلامية في قيم الصـــــــــدق وإحترام الكرامة الإنسانيةوالنزاهة والمسؤولية والعدالة ، والمسئولية شرط أساسي لممارسة الحرية بحيث لا تتجاوز حدود حريات الآخرين.


فالحرية تعني روح العمل الأعلامي ، والمسئولية هي حالة وعيه برسالته ومعيار الرشد للمارسة المهنية، وأن الضمير المهني يعني البوصلة الذاتية التي تقود خطي الإعلاميين الى غايات الممارسة.


والمجتمع يتوقع من الإعلام أن يكون عمل نافعا له ، وأن الإعلاميين أنفسهم يفترضون في مهنتهم هذا النفع ، ويرون أنهم ينفعون المجتمع  والرأي العام كما ينفعون أوطانهم والبشرية كلها، فما دام الإعلام  عملا نافعا ، فهو شأن كل عمل نافع مشروط بالسياق التاريخي والاجتماعي الذي يعمل في إطاره وقدرته علي تحقيق الإصلاح والتقدم بالمجتمع. 


إن الالتزام بالأخلاقيات في مهنة الإعلام  هو الأمر الذي يحتم إحترام هذه المهنة ووضع ما يسمى أدلة السلوك أو مواثيق الشرف ناجزة والتي تنص على ان الإعلام مسئولية إجتماعية ورسالة وطنية، مع الالتزام بالموضوعية والدقة المهنية العالية وعدم استغلال المهنة للحصول على مكاسب شخصية، والمحافظة على سرية مصادر المعلومات، والتحقق من الأخبار قبل نشرها ، والابتعاد عن الأساليب الملتوية وغير المشروعة في الحصول على الاخبار والمعلومات.
الا أنه  من المؤكد أن أخلاقيات المهنة لا تأتي من مواثيق شرف فقط ، بل تنبع من ضمير الإعلامي، وضرورة التربية المهنية لشباب الإعلاميين  من شيوخ المهنة .


والعمل علي  نبذ صحافة الابتذال والابتزاز والمبالغة والتشهير واستنكار كل مظاهر النشر التي تقوم على أستغلال الجريمة والجنس وانتهاك حرمة الحياة الخاصة، والتصدي لهذه الممارسات لمنع إفلاتها من العقوبة.
والاتفاق على آلية مهنية ملائمة لمحاسبة المخالفين من خلال دعوة الهيئات و النقابات والاتحادات والمنظمات الإعلامية  إلى الاضطلاع بمسئولية الرصد السريع لانتهاكات حرية الإعلام  .


وحث النقابات والاتحادات الإعلامية على تبني برامج تدريب ونثقيف مهنية تعالج موضوعات الثقافة القانونية وتشريعات الإعلام المحلية والإقليمية والدولية، والاهتمام بتنمية المهارات والقدرات المهنية بما يواكب تقنيات الاتصال الحديثة.


وكذلك الاهتمام المستمر بتطوير مقررات أخلاقيات وتشريعات الإعلام في كليات ومعاهد الإعلام والتي تساعد في زيادة الوعي لدي دارسي الاعلام بالقيم والأخلاقيات  المهنية في الإعلام وكيفية حمايتها من منطلق أن الإعلام رسالة أولا وأخيرا ، ورغم أن القانون هو الرادع القوي المطلوب بقوة حاليا للتصدي  لكل من يخالف ذلك، فالأصل أن يكون الإعلامي صاحب ضمير حي وشخصية أخلاقية حيث يتسم  أصحاب الضمائر الحية بكونهم أكفاء  شرفاء مثابرين وجديرين بالثقة وقادرين على الإنجاز، وهو ما نحتاجه في بناء الجمهورية الجديدة وتقدم الوطن الغالي.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة