ـ مصر قبلة الطلاب الكويتيين و افتتاح "بيت الكويت بالقاهرة" عام 1958
وشائج ومواقف يصعب حصرها فى كلمات معدودات، نسجت معاً بنياناً راسخاً من العلاقات الممتدة لعقود..تلك هى العلاقات المصرية ـ الكويتية؛ التى تنمو وتزداد قوةً وتباتاً يوماً تلو الآخر. إنها علاقات عابرة للأزمات، ساعيةً لأفق أرحب من التعاون المثمر لشعبى البلدين.
تتميز تلك العلاقات بعراقة الترابط الرسمي والشعبي بين البلدين، والذي يمثل نموذجًا للعلاقات الاستراتيجية في العالم العربي، كما تحرص قيادتي الدولتين على التنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية والعربية والعالمية.
فى هذا السياق تأتي زيارة أمير الكويت، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، اليوم الثلاثاء، إلى مصر تأكيداً للسعي الدائم من قبل قيادتى البلدين نحو تعزيز العلاقات الثنائية والارتقاء بها لمستويات أعلى في المجالات كافة.
تُعد زيارة الشيخ مصر هى الزيارة الرسمية الأولى منذ توليه مقاليد الحكم في ديسمبر من العام الماضي
وقد شهدت العلاقات الثنائية تطورا مستمرا على مدار عقود من التنسيق والتعاون على الأصعدة المختلفة السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية والتعليمية والإعلامية والقضائية والفنية والسياحية والصحية والزراعية إضافة إلى العلاقات الاجتماعية التى تجمع الشعبين المصرى والكويتى، وتعد الجالية المصرية بالكويت من أكبر الجاليات المصرية في الخليج.
وإضافة إلى العلاقات السياسية والاقتصادية والإعلامية هناك تعاون مستمر بين البلدين في المجالات العسكرية والأمنية والتعليمية والثقافية والرياضية والعلمية بما يسهم في تعزيز الروابط التاريخية بين البلدين وتحقيق المصالح المشتركة.
وتعددت ثمار تلك العلاقات من خلال اللجنة المشتركة العليا بين البلدين للنهوض بالتعاون الثنائي في مختلف المجالات؛ فيما عقدت اللجنة آخر اجتماعاتها في الكويت في ديسمبر عام 2018.
رؤى مشتركة
الأمير الراحل صباح الاحمد الجابر الصباح يقلد الرئيس السيسى قلادة مبارك الكبير
ثمة مواقف مشرفة تجمع الكويت ومصر حيال الكثير من القضايا المهمة، فتوحدت الرؤى حول السلام كمنطلق للعمل العربى فى كافة القضايا ، وتوافقت رؤى الدولتين حول القضايا الإقليمية والدولية الجوهرية.
تعاون للتصدى للإرهاب
كان أيضا للتعاون المشترك بين مصر والكويت على صعيد التصدي للإرهاب في منطقة الشرق الأوسط دور مهم فى بتر جذور تلك الآفة، الذى وساهم هذا الدعم والمساندة والتعاون المشترك لبناء سد منيع وحصن حصين في مواجهة أي مخاطر مستقبلية.
محطات مضيئة
يعود تاريخ العلاقات المصرية ـ الكويتية إلى أواسط القرن الـ19، حيث كانت مقتصرة على العلاقات التجارية، ثم تطورت للعلاقات الدبلوماسية فى عام 1961 تحديدا فى 20 ديسمبر، حيث كانت مصر من أوائل الدول التي اعترفت بسيادة الكويت واستقلالها، وقدم السفير الكويتى الراحل عبدالعزيز حسين في ذلك التاريخ ، أوراق اعتماده إلى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر كأول سفير مفوض لدولة الكويت فى مصر، وبذلك تم تدشين العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
واستمرت تلك العلاقات فى التطور يوما ً تلو الآخر، ففي 19 مارس عام 1962 عينت مصر أول سفير لها لدى الكويت؛ حيث قدم السفير محمد محمود عبدالعزيز أوراق اعتماده إلى أمير الكويت الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح؛ لتنطلق مرحلة جديدة من العلاقات الوثيقة بين البلدين الشقيقين.
استمرت العلاقات الدبلوماسية فى النمو عبر محطات عديدة، ومن بين أبرز محطاتها الزيارة التى قام بها وزير الخارجية سامح شكرى لدولة الكويت عام 2020، التى بحثا خلالها سبل تعزيز التعاون القائم بين البلدين في مختلف المجالات وعلى الأصعدة كافة ودفع العلاقات لآفاق أرحب وتبادلا الرؤى حول التحديات التى تعصف بالمنطقة، مؤكدَين قوة وتميز العلاقات المصرية الكويتية.
فيما أكدت الدولتان على لسان وزيرى خارجيتهما رفضهما التام لكل ما يمس العلاقات الأخوية بين البلدين.
دعم متبادل
تشكل مصر عمقا استراتيجيا للدول العربية ومن ضمنها دولة الكويت، وكانت مصر السند الدائم للكويت فى المواقف العصيبة، فقد عارضت مصر بقوة حينها تهديدات الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم لضم الكويت، وأيدت مصر في جامعة الدول العربية استدعاء الكويت حينها لقوات بريطانية بل وشاركت في القوات العربية التي تجمعت وقتها للدفاع عن الكويت، حيث ساهمت في تحريرها عام 1991 وكان لها دور فعال في عودة السيادة الكويتية على كامل أراضيها.
وبالمقابل، دعمت الكويت مصر في عدة مواقف، منها دعم الكويت لحقوق مصر الشرعية بالاستفادة من مياه نهر النيل وفقاً لما تقضي به الاتفاقيات الدولية ذات الصلة وانتهاء بحقها المشروع في الدفاع عن حدودها من كل النواحي وخصوصاً الحدود الغربية في اتجاه ليبيا.
كما أيدت الكويت إرادة الشعب المصري في التخلص من حكم الإخوان، خلال ثورة 30 يونيو 2013، ودعمت مصر سياسيا في المحافل الدولية واقتصاديا بتدفق المساعدات المالية.
وسبق كل ذلك أن دعمت الكويت الوحدة المصرية – السورية عام 1958 ووقوفها إلى جانب مصر في مواجهة عدوان يونيو عام 1967 وفي حرب أكتوبر عام 1973.
مصر.. قبلة الطلاب الكويتيين
وكانت مصر قبلة الطلاب الكويتيين، حيث شهد عام 1938 إيفاد بعثة من خمسة طلبة إلى مصر ثم تم إرسال أربعة طلبة في عام 1939 أتبعها مجلس المعارف في الكويت بإرسال 17 طالباً عام 1943 ؛ فيما تبنى الأزهر الإشراف على المعهد الديني في الكويت عام 1945.
وفي عام 1945 افتتحت الكويت "بيت الكويت في القاهرة" للإشراف على شؤون الطلبة الدارسين؛ وتم افتتاح البيت رسمياً في الأول من أكتوبر عام 1958 بحضور الرئيس الراحل جمال عبدالناصر والشيخ عبدالله الجابر الصباح رئيس دائرة المعارف الكويتية آنذاك.
وكان الطلبة الكويتيون يواصلون الدراسة التي توقف عندها التعليم في الكويت فينهون المرحلة الثانوية ثم يلتحقون بجامعة القاهرة وما شابهها من معاهد عليا لمتابعة الدراسات الجامعية والعليا.
علاقات ثقافية وإعلامية
وعلى صعيد العلاقات الإعلامية فإن البلدين وقعا في سبتمبر عام 1998 في القاهرة اتفاقية التعاون الإعلامي المشترك التي تهدف إلى دعم التعاون في مختلف المجالات الإعلامية؛ فيما وقعت وكالة الأنباء الكويتية "كونا" ووكالة أنباء الشرق الأوسط "أ ش أ" في سبتمبر عام 2017 ملحقا للاتفاقية لدعم وتوطيد العلاقات الإعلامية الثنائية وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الوكالتين في الخدمات التي تقدمها كل منهما.
تعاون برلمانى
ولم تقتصر العلاقات الثنائية على هذه الجوانب؛ بل إن هناك تعاونا أيضا على الصعيد البرلماني بين مجلس النواب و مجلس الأمة الكويتي وهى علاقات تعاون متنامية بشكل مستمر عبر لجنة الصداقة المشتركة وتبادل الزيارات والتنسيق المستمر في المحافل المختلفة بشأن القضايا الإقليمية والعربية والدولية.
زيارات متبادلة
تعددت الزيارات المتبادلة بين قيادتى مصر والكويت، لتترجم العلاقات الثنائية المتميزة التى تجمع الدولتين.
وقد زار الشيخ مشعل مصر أكثر من مرة قبل توليه حكم الكويت، ففى أكتوبر عام 2023 حينما كان ولياً للمشاركة فى قمة القاهرة للسلام، كممثل للأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح.
كما زارها في نوفمبر عام 2022 للمشاركة فى مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ والنسخة الثانية من قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر.
وفي 17 ديسمبر عام 2023 زار الرئيس عبدالفتاح السيسي الكويت، حيث قدم واجب العزاء في وفاة الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، والتقى خلالها الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح معرباً عن خالص التمنيات له بالتوفيق في استكمال مسيرة التقدم والنماء بالدولة.
وسبقها زيارة رسمية للرئيس السيسى إلى الكويت في 22 فبراير عام 2022 التقى خلالها أمير البلاد الراحل وناقشا عدداً من القضايا الإقليمية والدولية التي تهم البلدين الشقيقين وسبل التعاون المثمر بينهما في مختلف المجالات.
كما زار الرئيس عبد الفتاح السيسى الكويت عام2020 للقاء الشيخ نواف الجابر الصباح أمير دولة الكويت وتقديم واجب العزاء والمواساة لأسرة الصباح، في وفاة الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.
وسبق ذلك زيارة قام بها الرئيس السيسى للكويت عام 2019 وتم توقيع عدد من اتفاقيات التعاون بين البلدين.
وزارها أيضا عام 2017 وبحث سبل تعزيز العلاقات المصرية الكويتية في كافة المجالات وتعزيز الأمن القومي للمنطقة، كما زار الرئيس السيسى الكويت عام 2015 وقلده أمير دولة الكويت قلادة مبارك الكبير أرفع وسام في دولة الكويت.
يونيو 2014
الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير الكويت، زار مصر مع وفد مرافق له، لحضور حفل تنصيب المشير عبدالفتاح السيسي، رئيسا لمصر.
ورافق أمير الكويت وفد رسمي، ضم النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية وقتذاك الشيخ صباح الخالد الأحمد الصباح، ومدير مكتب الأمير أحمد فهد الفهد، والمستشار في الديوان الأميري الدكتور يوسف حمد الإبراهيم، وعددا من كبار المسؤولين في الديوان الأميري.
وفى يونيو 2007 زار الشيخ نواف الأحمد، حينما كان وليا للعهد، مصر ضمن جولة عربية شملت سورية والأردن، واستمرت الجولة 4 أيام يرافقه وفد رسمي كبير، وتم التشاور حول مختلف القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
وفى مارس 2003 زار الشيخ صباح الأحمد وقت أن كان رئيسا لمجلس الوزراء الكويتى، مدينة شرم الشيخ، نائبا عن أمير الكويت وقتذاك الشيخ جابر الأحمد الصباح، خلال انعقاد القمة العربية فى دورتها الخامسة عشرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة