- صمود المرأة الفلسطينية أكثر ما يخيف الإسرائيليين و لم نتجاهل أزمة السودان
- جزء كبير من ميزانية الدولة المصرية يذهب لدعم اللاجئين.. والمصريين "قاموا بالواجب" فى هذا الملف
- مصر اتخذت قرارات اقتصادية صحيحة .. ورؤية أثارها يحتاج لبعض الوقت
- القضاء علي السوق السوداء فتح طريق تحويلات المصريين فى الخارج إلى النظام المصرفى الرسمي
- أغادر مصر نهاية العام بعد نهاية مهمتى بقائمة لا تحصي من الأصدقاء.. وخفة دم المصريين قادرة على اجتياز الأزمات
4 سنوات مرت منذ أن بدأ السفير كريستيان برجر عمله كرئيس لوفد الاتحاد الأوروبى بالقاهرة، محبا للعمل فى البلد التى درس تاريخها فى سنوات تعليمه الأولى بالنمسا، وشغفا بحضارتها بمختلف العصور، فلم ينس أن يزور بها متحفا ولا معبدا، مر على مدنها من الشمال وحتى الجنوب، منبهرا بكل حبة رمل بها، ومحبا لشعبها الودود، توالت الأزمات واحدة تلو الأخرى منذ بداية عمله فى 2020، بدأت بفيروس كورونا، ثم الصراعات الدولية والأزمات الاقتصادية، لكنه فى كل مرة يظهر ممثلا للاتحاد الأوروبى، معلنا دعم مصر ومشاركتها فى مواجهة الظروف الصعبة، معربا عن فخره المستمر للتعاون الوثيق مع مصر، التى أثبتت قوتها فى كل المواقف والأزمات، بعد أن ساعدت أوروبا فى حل أزمة نقص الغاز التى منعته عنها روسيا، وأصبحت مركزا للهيدروجين والطاقة المتجددة، ومنعت الهجرة غير الشرعية أن تصل سواحل القارة العجوز، وظهر تعاونها فى استقبال المساعدات الإنسانية إلى غزة فى مدينة العريش، واستقبالها آلاف اللاجئين من السودان.. كل هذا وأكثر تحدث عنه سفير الاتحاد الأوروبى كريستيان برجر فى حوار صحفى، على هامش وجوده بمدينة أسوان، لحضور فعاليات مهرجان أسوان الدولى لأفلام المرأة، وزيارة عدد المشروعات التى يمولها الاتحاد الأوروبى تستهدف بالأساس تمكين المرأة، وتعزيز دورها فى المجتمع ومكافحة العنف.. فإليكم الحوار:
فى البداية تحدث السفير الأوروبى عن الموقف الحالى للاتحاد الأوروبى تجاه غزة، خاصة بعد الهجوم الإيرانى على إسرائيل، قائلا: إن الهجوم على تل أبيب لا صلة له بما تقوم به إسرائيل ضد الفلسطينيين، بدليل استمرار الهجمات الإسرائيلية على غزة حتى أثناء الهجوم الإيرانى.
وقال «برجر »: ما لا نريد رؤيته هو حرب أخرى، فالعالم به الكثير من الصراعات، وهذا سيئ للمنطقة وللاتحاد الأوروبى.
وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبى يسير نحو وضع حد لعنف المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين فى الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة، إذ فرض عقوبات على 4 مستوطنين ومنظمتين إسرائيليتين متطرفتين، خلال الأيام الماضية.
كما يضغط الاتحاد الأوروبى بشدة من أجل وقف إطلاق النار، حيث شدد المجلس الأوروبى فى اختتام اجتماعاته فى بروكسل، على التزام الاتحاد الأوروبى التام بالمساهمة فى وقف التصعيد بمنطقة الشرق الأوسط وتحقيق الأمن فيها.
وأكد على زيادة المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، التى تأتى فى معظمها إلى مصر، مشيرا إلى وصول رحلات جوية أسبوعيا للعريش محملة بالمساعدات لغزة، يتم تسليمها إلى الهلال الأحمر المصرى وبعد ذلك للهلال الأحمر الفلسطينى، وكذلك زيادة الدعم المقدم أيضا إلى مصر التى تستقبل الفلسطينيين المصابين فى مستشفياتها للعلاج، واستئناف تمويل الأونروا بـ50 مليون يورو منذ حوالى 3 أسابيع، لحاجة الفلسطينيين للإمدادات التى تقدمها الوكالة والتى تعمل هناك منذ سنوات.
كما أشار «برجر » إلى التعاون والتواصل المستمر مع سيخريد كاخ، كبيرة منسقى الشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار فى غزة، للتأكيد على إدخال المزيد من المساعدات للقطاع، مضيفا أن قادة الاتحاد الأوروبى جوزيب بوريل، وأوروسولا فون دير لاين، وتشارلز ميشيل، يؤكدون باستمرار على ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، ليس فقط عن طريق الإنزال الجوى، ولكن أيضا عن طريق البر، وزيادة القدرة على دخول الشاحنات إلى غزة، ليس فقط بالجنوب فى رفح، ولكن أيضا فى الشمال خلال معبر إريز، وهو نقطة التفتيش القديمة المختصة بالبضائع.
وعن الاعتراف بدولة فلسطين، قال «برجر »: إن المناقشات بهذا الشأن مستمرة منذ سنوات، وهناك نحو 6 دول أوروبية اعترفت بفلسطين منذ فترة طويلة، كان آخرها السويد، مشيرا إلى وجود مناقشات مستمرة فى عدد من البرلمانات الأوروبية حول هذا الأمر، لكن لم يتم حتى الآن اتخاذ قرار أوروبى موحد.
وحول التعاون مع مصر، أكد «برجر » على قوة العلاقات المصرية الأوروبية، وبعد فوز الرئيس عبدالفتاح السيسى بفترة رئاسية جديدة، تم التأكيد على استمرار تطوير العلاقات مرة أخرى خاصة مع اتفاقية الشراكة الاستراتجية، قائلا: ما سنقوم به خلال الفترة المقبلة مع مصر تحت قيادة السيسى، هو تعميق تلك العلاقة مع التركيز على الاستثمار، حيث يتم العمل على إطلاق مؤتمر الأعمال يونيو المقبل، وثانيا التنقل، لتعزيز إمكانية سفر المصريين إلى أوروبا بطريقة قانونية، أيضا سيتم التركيز على ملف الطاقة وتحديدا الطاقة المتجددة، مع الرغبة فى تصدير الكهرباء إلى اليونان، من خلال خط يتم العمل عليه منذ عامين، وقد وافق عليه الاتحاد الأوروبى الآن، واعتباره مشروعا ذا اهتمام مشترك، لذلك يتم العمل على تعزيز الطاقة المتجددة بشكل حقيقى، معلنا افتتاح محطة جديدة لطاقة الرياح فى خليج السويس، يقوم الاتحاد الأوروبى بتمويلها، كما أشار إلى أن هناك تعاونا قويا فى مشروعات المياه.
وأكد «برجر » مناقشة زيادة حجم التجارة بين الاتحاد الأوروبى ومصر مع رئيسة المفوضية الأوروبية، واستغلال اتفاقية الشراكة بشكل أفضل لزيادة الصادرات إلى أوروبا، خاصة المنتجات الزراعية، مؤكدا أن هذه هى الخطة للسنتين المقبلتين على الأقل.
تحدث «برجر» عن وثيقة التفاهم التى تم التوقيع عليها مارس الماضى، بحضور قادة أوروبا، التى تنص على تقديم أول مليار يورو ثم 4 مليارات يورو على شكل قروض، موضحا أنه تتم مناقشة كيفية استخدام 1.8 مليار يورو لضمانات الاستثمار، حتى تأتى الشركات إلى هنا وتستثمر، مما يزيد من الصادرات إلى أوروبا.
ونفى «برجر» أن تكون اتفاقية الشراكة الاستراتيجية مع مصر، التى تم توقيعها مؤخرا بقيمة 5 مليارات يورو، لها أى علاقة بغزة، مشيرا إلى أن الاتفاق على الصفقة كان قبل وقت طويل من الحرب الإسرائيلية على غزة أو نزاع السودان، ولأن جزءا كبيرا من ميزانية الدولة المصرية يذهب لدعم اللاجيئن، لكنها ليست صفقة هجرة، فالاتفاقية تشمل جوانب متعددة، منها الطاقة والتعليم وتنمية المهارات وتعزيز التنقل والهجرة الشرعية، والاستثمار والتجارة ومجموعة واسعة من القطاعات التى ندعمها بهذه الأموال.
وأكد «برجر »: إن مصر بالفعل اتخذت خلال الفترة الماضية القرارات الاقتصادية الصحيحة، لكن رؤية تأثيرها على أرض الواقع هو ما يحتاج المزيد من الوقت.
تحدث «برجر » عن الوضع الحالى للاقتصاد فى مصر، مؤكدا أن نتائج القرارات قد تستغرق بعض الوقت لرؤية تأثيرها فى المجتمع، لكن هناك نتائج مبدأية ظهرت بالفعل، أهمها اختفاء السوق السوداء للعملة الأجنبية، وبالتالى عودة الواردات مرة أخرى، حيث يمكن استيراد وإخراج البضائع من ميناء الإسكندرية، كما أن التحويلات المالية المقبلة من المصريين فى الخارج تمر الآن مرة أخرى عبر النظام المصرفى، حيث لم يكن يحدث هذا من قبل، بسبب فرق سعر الصرف، وهو مهم لأن البنك المركزى الآن لديه عملة أجنبية تكفى دفع ثمن الواردات.
أعلن رئيس الاتحاد الأوروبى عن مؤتمر الأعمال الأوروبى المصرى الذى سينعقد فى 29 و30 يونيو، استجابة لدعوة الرئيس السيسى منذ أكثر من عام ونصف العام، لمعرفة احتياجات المستثمرين الأوروبيين لجعل مصر مكانا أكثر جذبا للاستثمار، موضحا أنه ستتم مناقشة الوضع الاقتصادى فى حلقات نقاشية متوازية، حول التشريعات والحوافز الأخرى التى يحتاجها مجتمع الأعمال مع التركيز على قطاعات بالطاقة، والهيدروجين والاقتصاد الأخضر وصناعة الحجر الموجودة فى أسوان للتصدير إلى الدول الأفريقية، لجعل أسوان مركزا لذلك، خاصة أن مصر تعمل على أن تكون مركزا لإنتاج الهيدروجين والأدوية واللقاحات والطاقة المتجددة، وبها الكثير من الإمكانات التى تحظى باهتمام كبير من المستثمرين الأوروبيين.
وصلت الأحاديث التى تشير إلى تجاهل الاتحاد الأوروبى أزمة السودان والمشاركة فى دعمها، إلى آذان سفير الاتحاد الأوروبى، حيث قال: الكثير من الناس يعتقدون أننا لم نعد نركز فى أزمة السودان، ولكن هذا ما يحدث دائما، فالأزمات حاليا تأتى تباعا، ولكن الاتحاد الأوروبى لم ينس السودان، حيث تتم مواصلة دعم السكان المدنيين مع استمرار العمليات الإنسانية، ومواصلة الحوار السياسى مع جميع الأطراف، حيث توجد ممثلة خاصة للاتحاد الأوروبى موجودة فى نيروبى، لكنها تتعامل أيضا مع السودان وأفريقيا بأكملها، وكانت فى مصر منذ أسبوعين فقط، لإجراء مناقشات مع وزير الخارجية لدعم الحل السياسى فى السودان.
وأشاد «برجر » بموقف مصر وشعبها إثر استقبال الآلاف من السودانين، الذين هربوا من الصراع، وقام الاتحاد الأوروبى بزيادة الدعم لمصر فى هذا الشأن، من خلال دعم منظمات مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وكاريتاس، الذين يقومون بدورهم بتقديم منح مالية للشعب السودانى الموجود بمصر ويحتاج إلى المال والدعم.
كما أشار إلى توقيع الاتحاد الأوروبى فى أسوان اتفاقية مع برنامج الأغذية العالمى، لتقديم المساعدة مرة أخرى للأشخاص القادمين من السودان والموجودين هنا فى محافظة أسوان، رغم ترحيب الشعب الأسوانى بهم وفتحوا منازلهم فى القرى لاستقبالهم، وهو أمر يستحق الثناء.
وأشاد سفير الاتحاد الأوروبى بدور مصر المحورى فى كل القضايا الدولية، مشيرا إلى عمله بعدد من دول الشرق الأوسط، لكن مصر حقا كما يقول المصريين «أم الدنيا»، والجميع يدرك أهميتها وتاريخها، كأهم دولة فى الشرق الأوسط وأفريقيا، ومحيط البحر المتوسط، بدليل أن أول ما تعلمه فى أوروبا فى سنوات تعليمه تاريخ مصر وعلم المصريات، لما لديها من 7000 سنة حضارة وحقب تاريخية مختلفة، بالإضافة إلى أنها فى العصر الحديث شيدت العاصمة الإدارية كما تروها الآن.
وتحدث عن السيدات الفلسطينيات، وكيف يتحملن الكثير من الأعباء والمهام الصعبة فى ظروف الحرب، مشيرا إلى أنه تعامل معهم بشكل مباشر حين كان يعمل بالقدس، ورأى كيف يحموا أبناءهم ومنازلهم خلال الانتفاضة الأولى، لذلك فلهم كل الاحترام، مؤكدا أن أكثر ما يخيف إسرائيل هو صوت المرأة الفلسطينية لقدرتها على الصمود ودعم زوجها وأسرتها.
واختتم السفير كريستيان برجر، رئيس وفد الاتحاد الأوروبى بالقاهرة، حواره بالرد على سؤال حول أهم الأشياء التى سيعود بها إلى بلده حين تنتهى مهمة عمله بمصر نهاية هذا العام، قائلا: أجندة مليئة بأرقام هواتف أصدقاء عددهم لا يحصى، أصدقاء لم يعهد بمثل خفة دمهم فى أى بلد آخر، وهو الأمر الذى يعد جزءا من الشخصية المصرية، رغم أى أزمات يمرون بها فإنهم قادرون على المزاح والضحك فى أى وقت، مما يجعل أضيق الأزمات تمر بسهولة ودون تعقيدات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة