كان يوم 25 أبريل 1982 عصيبا على الإسرائيليين، عاشوا فيها مشاعر الألم والهزيمة والخسارة، وكانت الدموع هي العنوان الرئيسى فى الدول العبرية مع انسحاب آخر جنود الإسرائيليين من شبه جزيرة سيناء ورفع العلم المصرى فوق الأرض الغالية بعد استعادتها بجهود الحرب والسلام.
ورصدت الصحف العالمية أحداث هذا اليوم التاريخى، قالت شبكة سى إن إن فى تقرير لمراسلها : فى السابعة والنصف صباح اليوم، 25 إبريل 1982، تم إنزال العلم الإسرائيلي للمرة الأخيرة فى شرم الشيخ لينتهى بذلك 15 عاما من الاحتلال الإسرائيلي. وكان الجانب الأكثر وضوحا فى تسليم الإسرائيليين لشبه جزيرة سيناء أنه فى هذا اليوم التاريخى لم يتصافح قادة البلدين، الشريكين فى السلام أبدا. فأخرجت قافلة صغيرة أخر 10 جنود إسرائيليين من سيناء، ودخلت الإدارة المصرية.
وعند رفح، ارتفع العلم الفلسطيني على بعد أقدام قليلة من الأرض التي تسيطر عليها إسرائيل، ولم يقم المصريون بإنزاله.
وتابعت سى إن إن قائلة إن العلم المصرى ارتفع على المعبر الحدودى الجديد جنوب رفح، وأبرزت الشبكة الاحتفالات التي شهدتها سيناء ومشاركة فى ماراثون وصل إلى رفح على الحدود من القاهرة، وقالت إنه فى هذا اليوم عادت شبه جزيرة سيناء كلها مصرية مرة أخرى
صحيفة واشنطن بوست بدورها قالت إن إسرائيل غادرت سيناء فى ظل مزيج من القلق والشكوك بشأن ترك الأرض التي خاضوا أربع حروب مريرة مع مصر لأجلها.
وأشارت الصحيفة إلى مقولة موشيه ديان، رئيس وزراء إسرائيل الأسبق فى عام 1970، التي قال فيها إن شرم الشيخ بدون سلام أفضل من سلام بدون شرم الشيخ للإسرائيليين، وقالت إن أغلب الإسرائيليين صدقوه. وقامت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ احتلال سيناء بتخصيص ملايين الدولارات فى سلسلة من المشروعات لإقامة الطرق المدنية والعسكرية والمنشآت فى سيناء ، وقاموا بالبناء والتعمير فى الصحراء فيما كان يوحى بأنهم سيظلون فيها بشكل دائم وـننه لن يتم تسليم أي أراض لمصر ـبدا.
وتوقعا لوجود يهودى دائم فى سيناء، قامت إسرائيل ببناء 17 مستوطنة سكنها 5 آلاف مستوطن بتكلغة مليارى دولار، بما فى ذلك إنشاء الطرق لخدمتهم.
وقالت واشنطن بوست إنه لم تكن هناك قضية مثيرة للخلاف فى إسرائيل، ولا حتى قبول تعويضات حرب من ألمانيا والتى أدت إلى أعمال شغب قبيحة فى الخمسينيات، مثل الجدل حول التخلي عن مستوطنات سيناء مقابل السلام.
وتحت عنوان: إسرائيل تكمل انسحابها وتترك سيناء لمصر، قالت صحيفة نيويورك تايمز بتاريخ 26 إبريل 1982، إن إسرائيل سحبت أخر جنودها من شبه جزيرة سيناء فى أجواء تسودها الكآبة، وتركت الصحراء البرية لمصر بموجب ما ورد فى معاهدة السلام.
وأضافت الصحيفة أن الانسحاب الإسرائيلي من سيناء اكتمل فى صمت فيما يعكس مدى الحزن والاستياء فى الدولة العبرية.
وذكرت نيويورك تايمز أن الخلافات بين مصر وإسرائيل ظلت قائمة حول نقاط عديدة على طول الحدود، لاسيما فى طابا، التي بنت فيها إسرائيل فندقا فخما، واستردتها مصر فيما بعد بالتحكيم الدولى. ودللت الصحيفة على مدى الحزن والصدمة الإسرائيلية من الانسحاب من سيناء، التي يعترونها ضمن الأرض الموعودة، وقالت إن نحو 1200 يهودى متشدد تحصنوا فى شقق وعلى أسطح المنازل فى بلدة بشمال سيناء وهددوا بالانتحار والعنف ضد القوات الإسرائيلية التي حاولت إخراجهم من المدينة، قبل أن يتم تدميرها بالجرافات.
وقالت وكالة يونايتدبرس برس إن إسرائيل أنزلت علمها من على سيناء بعد 15 عاما من الاحتلال وسط دموع الفرح من الإسرائيليين وصيحات الفرح من المصرين، وأعادت شبه الجزيرة على مصر مع تعهدات من كلا الطرفين بالسلام الدائم.
ونقلت الوكالة الأمريكية تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلى مناحم بيجين فى برنامج تلفزيونى مشترك مع الرئيس مبارك، والتي قال فيها إنه لن يكون هناك كمزيد من الحرب أو إراقة الدماء، مكررا كلمات الرئيس الراحل أنور السادات "سلام للأبد". (لكن الإسرائيليين وطوال عقود بعد ذلك واصلوا إرامة دماء الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين ولا يزالوا يفعلون ذلك فى غزة إلى الآن),
وقالت الوكالة إن الجنود الإسرائيليين كانوا ينتحبون وهم يرددون النشيد الوطنى قبل الانسحاب، وبعد ساعات كان محافظ جنوب سيناء اللواء فؤاد عزيز غالى ، أحد أبطال حرب أكتوبر، يبكى وهو يرفع العلم المصرى فى رفح.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة