خبير دولى: مصر استردت طابا بسلاح القانون الدولى بعد انتصارات أكتوبر

الخميس، 25 أبريل 2024 04:00 ص
خبير دولى: مصر استردت طابا بسلاح القانون الدولى بعد انتصارات أكتوبر الدكتور محمد محمود مهران أستاذ القانون الدولي
كتب محمد عبد الرازق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قال الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي، إن حرب أكتوبر المجيدة عام 1973 شكلت نقطة تحول فارقة في تاريخ الصراع "العربي - الإسرائيلي"، حيث استطاع الجيش المصري تحطيم خط بارليف الحصين واستعادة السيادة على سيناء بالقوة العسكرية، مما غيّر موازين القوى وأجبر إسرائيل على الاعتراف بالحقوق المصرية المشروعة.

وأضاف "مهران" في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أن مصر بحنكة قيادتها السياسية، استطاعت ترجمة الانتصار العسكري إلى مكاسب سياسية وقانونية من خلال اتفاقية كامب ديفيد للسلام عام 1979، والتي نصت على انسحاب إسرائيل الكامل من سيناء وإعادتها للسيادة المصرية الكاملة، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الصراع.

وأوضح أن مسيرة استعادة الأرض لم تكتمل بانسحاب إسرائيل من سيناء عام 1982 وفقًا لاتفاقية السلام، حيث احتفظت بمدينة طابا الساحلية الاستراتيجية، في محاولة لفرض أمر واقع جديد، إلا أن مصر تصدت لهذا التحدي بحنكة دبلوماسية وقانونية، ولجأت إلى التحكيم الدولي لحسم وضع المدينة استنادًا لقواعد القانون الدولي.

وأشار إلي أنه في 15 مارس 1989، صدر قرار هيئة التحكيم الدولية لصالح مصر، مؤكدًا سيادتها الكاملة على طابا، وملزمًا إسرائيل بالانسحاب منها دون قيد أو شرط. وبذلك، انتصرت الحجة القانونية المصرية، وعادت آخر شبر من أرض سيناء الغالية لحضن الوطن، ليكتمل التحرير، ويتحقق الحلم الذي طالما انتظره المصريون.

واعتبر الدكتور مهران أن تجربة مصر في اللجوء للتحكيم الدولي لاستعادة طابا تعد من التجارب الرائدة التي أثبتت فعالية القانون الدولي وآلياته السلمية في فض المنازعات بين الدول وتسوية قضايا الحدود والسيادة الإقليمية طبقًا لمبادئ العدل والإنصاف، حيث لجأت مصر لحل النزاع طبقا لقواعد القانون الدولي، ووفقا لما نصت عليه اتفاقية السلام في مادتها السابعة بشأن حل الخلافات بين الطرفين فيما يتعلق بتطبيق أو تفسير الاتفاقية عن طريق المفاوضات أو التوفيق أو التحكيم الدولي.

كما أضاف أن لجوء مصر للتحكيم بشأن طابا يعد تطبيقًا عمليًا لنصوص ميثاق الأمم المتحدة، لا سيما المادة 33 منه، والتي تحث الدول على تسوية منازعاتها بالطرق السلمية، ومنها التحكيم الدولي، كما يجسد التزامها بقواعد القانون الدولي والمعاهدات التي صدّقت عليها، مثل اتفاقية لاهاي لفض المنازعات الدولية بالطرق السلمية لعام 1899.

هذا وأشار أيضا الخبير القانوني إلى أن التحكيم الدولي بشأن طابا أرسى سوابق قانونية مهمة، تصب في تعزيز دور القانون في حل النزاعات الحدودية، حيث استندت هيئة التحكيم إلى اتفاقية الحدود بين مصر وفلسطين عام 1906 زمن الحكم العثماني، والخرائط الملحقة بها، فضلًا عن القواعد العرفية لتعيين الحدود، مما يظهر أن ثمة معايير قانونية واضحة يمكن الارتكان إليها.

وأوضح مهران أن مصر أثبتت احترامها للقانون الدولي عبر التزامها باتفاقية السلام، رغم التحديات، ونجحت في استعادة حقوقها كاملة وتأمين حدودها الشرقية، مؤكداً أن القوة العسكرية وحدها لا تكفي لحل الصراعات، بل لا بد من استراتيجية شاملة تجمع بين الردع العسكري والعمل السياسي والدبلوماسي والقانوني لفرض الحقوق واستعادة الأرض والحفاظ على السلام، وهو ما نفذته مصر بحذافيره.

كما بين أن تجربة مصر، رغم خصوصيتها، يمكن أن تلهم شعوب المنطقة وقياداتها لإنهاء الاحتلال وتحقيق تطلعاتها في الحرية والاستقلال، من خلال التوظيف الذكي للقوة بجانب الالتزام بالشرعية الدولية وقواعد القانون، باعتباره السبيل الأمثل لتحقيق السلام العادل والشامل.

ونوه أستاذ القانون الدولي الي أن ذكرى انتصارات أكتوبر ستظل نبراسًا للأمة العربية، وشاهدة على قدرة الإرادة الوطنية الصلبة في هزيمة المستحيل وكسر القيود، مشددًا على أن مصر ماضية في طريق البناء والتنمية، مع الحفاظ على أمنها واستقرارها ومكتسباتها التاريخية، ولعب دور محوري في تعزيز السلام والاستقرار الإقليمي والدولي.

هذا بالإضافة إلي تاكيده علي أن هذا الإنجاز التاريخي يؤكد قدرة مصر على انتزاع حقوقها كاملة بالسبل السلمية والقانونية، حتى بعد اتفاقيات السلام، مشيرًا إلى أنه درس بليغ لكل القوى الطامعة بأن مصر لن تفرط بحبة رمل واحدة من أراضيها، وأنها قادرة على صون سيادتها بكل السبل المشروعة، وتحت كل الظروف، مشددا علي أن التجربة المصرية في استرداد طابا شكلت انتصارًا مهمًا لسيادة القانون الدولي وإعلاءً لمنطق الحوار والتسوية السلمية على منطق القوة والفرض الأحادي للأمر الواقع، وهي بذلك نموذج يحتذى لكافة دول المنطقة والعالم في حل نزاعاتها بالطرق الحضارية والمشروعة.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة