الباطنية تعود إلى صدارة المشهد السياحي بعد التطوير.. القصور والأماكن التاريخية تستقطب الزائرين.. أشهر «وسعاية» لبيع المخدرات تحولت إلى محال تجارية وورش أثاث.. والمنطقة استبدلت «الديلر» بالطلاب

الإثنين، 22 أبريل 2024 02:00 م
الباطنية تعود إلى صدارة المشهد السياحي بعد التطوير.. القصور والأماكن التاريخية تستقطب الزائرين.. أشهر «وسعاية» لبيع المخدرات تحولت إلى محال تجارية وورش أثاث.. والمنطقة استبدلت «الديلر» بالطلاب تطوير منطقة الباطنية
كتب - محمود عبد الراضى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بعد أكثر من 50 سنة على تطهير الباطنية أشهر حى انتشرت به تجارة المخدرات، قررنا زيارته، للوقوف على حاله بعد أكثر من 5 عقود من الزمن، حيث ذهبنا إليه محملين بذكريات عديدة عن الحى الأشهر، الذى تناولته الدراما فى عدة أعمال، أبرزها فيلم «الباطنية»، للكاتب الكبير إسماعيل ولى الدين، وهى القصة التى جسدها الرائع محمود ياسين وفريد شوقى ونادية الجندى وأحمد زكى وفاروق الفيشاوى عن واحدة من أخطر أوكار تجارة المخدرات فى القرن الماضى.


هنا.. منطقة الباطنية، بمجرد أن تطأ قدمك شوارعها، تجد كل شىء قد تغير تماما، فقد تحولت المنطقة لواجهة سياحية توثق حكاية منطقة سكنها «البشوات»، فضلا عن تحول بعضها لورش لصناعة الأثاث والإنتاج.


هنا سكن «البشوات، والبهوات»، وما زالت منازلهم قائمة حتى الآن، فهنا يوجد منزل زينب خاتون، وبيت الست وسيلة، وشيد بها مجموعة من الآثار الإسلامية منها مجموعة محمد بك أبو الدهب، وكانت المنطقة مقرا لشيوخ الأزهر وعلمائه وطلابه الوافدين من جميع أنحاء العالم.


هذه المنطقة كانت أيضا أشهر أوكار تجارة المخدرات فى ثمانينيات القرن الماضى، حتى نجحت الشرطة فى تطهيرها والقضاء على أباطرة الكيف، واهتمت الدولة بها بإقامة مشروع استثمارى غير معالمها حتى صارت ملاذا آمنا ومتنفسا حضاريا لأهالى المنطقة، وواجهة سياحية يقصدها كثير من زوار العاصمة.


منزل زينب خاتون.. عندما تزور «الباطنية» لا بد أن تزور منزل زينب خاتون، وهو عبارة عن «بيت أثرى» يقع خلف الجامع الأزهر بالقاهرة، يخطف العيون من جمال التصميم وروعة البناء، لدرجة أنه بات مقصدا لتصوير الأفلام السينمائية والمسلسلات التليفزيونية.


يحكى لنا «محمد على» أحد سكان المنطقة، أن هذا المنزل كان مأوى للفدائيين ضد الاحتلال الفرنسى، حيث إن السيدة «زينب خاتون» قد شاركت الفدائيين فى المقاومة، وكانت تأويهم بمنزلها عندما يطاردهم الفرنسيون، وقد عثر فى البيت على سبع وعشرين جثة دفنت فى سرداب تحت الأرض، يعتقد أنها جثث الجرحى التى كانت زينب خاتون تأويهم داخل بيتها.


وحول تفاصيل المنزل من الداخل، يقول: إنه يشتمل على قاعات وأنماط هندسية وروعة فى التصميم، حتى أصبح قبلة لراغبى التصوير والاستمتاع به.


وفى عام 1486 قامت الأميرة شقراء هانم حفيدة السلطان الناصر حسن بن قلاوون أحد سلاطين المماليك، ببناء منزل جميل خلف الجامع الأزهر وظل هذا المنزل ملكها حتى عام 1517 ودخول العثمانيين مصر، وتعاقب الوافدون الجدد على سكن المنزل وأضافوا لمساتهم عليه.


وزينب خاتون هى إحدى خادمات محمد بك الألفى، أعتقها الألفى بك فتحررت زينب بل وتزوجت أميرا يدعى «الشريف حمزة الخربوطلى»، ولأن زينب تزوجت أميرا فقد أصبحت أميرة مثله بل وأضافت لقبا إلى اسمها وهو خاتون أى المرأة الشريفة الجليلة، لذا أصبح اسمها زينب خاتون.


واشترى لها زوجها منزل شقراء هانم حفيدة السلطان الناصر حسن بن قلاوون، وسمى المنزل باسمها منزل زينب خاتون وكانت آخر من سكن هذا البيت قبل أن يضم إلى وزارة الأوقاف المصرية والتى قامت بتأجيره للعديد من الشخصيات كان آخرهم قائد عسكرى بريطانى إبان فترة الاحتلال البريطانى لمصر.


بيت الهراوى.. تتحرك داخل المنطقة، فتقف كثيرا أمام «بيت الهراوى»، وهو أحد البيوت الأثرية القديمة بمدينة القاهرة، ويجاوره منزل وقف الست وسيلة، ويطل على منزل زينب خاتون بشارع محمد عبده بالأزهر.


أنشئ على يد أحمد بن يوسف الصيرفى سنة 1731م، وينسب هذا المنزل إلى الطبيب عبدالرحمن باشا الهراوى، وهو آخر من آلت إليه ملكية هذا المنزل سنة 1881م.


تقول «أسماء محمد»، أحد سكان المنطقة، إن المنزل يستخدم الآن كمزار أثرى تنطلق منه الاحتفالات الثقافية والفنية، حيث يستقبل عددا كبيرا من المواطنين بصفة مستمرة.


وحول مشتملات المنزل، تقول «أسماء محمد»: المنزل مكون من طابقين، يشتمل الطابق الأول على الممر وملحقاته التى تتمثل فى الطاحونة والإسطبل وحاصل الغلال وفناء المنزل وقاعة المقعد الصيفى والسلاملك وسلم الحرملك وملحقاته وغرفة السرداب، أما الطابق الثانى فيشتمل على المندرة وسلم يؤدى إلى القاعة الرئيسية وممر، ويوجد بناء بارز نصل منه إلى الأدوار العلوية وبه حجرة انتظار ذو سقف خشبى تفتح على الخارج بفتحة مكشوفة.


مجمع أبو الدهب.. داخل المنطقة يوجد أيضا مسجد ومدرسة وتكية محمد بك أبو الدهب أو مجمع أبو الدهب، يقع هذا المسجد تجاه الجامع الأزهر، شرع فى إنشائه الأمير محمد أبو الدهب سنة 1187 هـ - 1703م، وكان أبو الذهب تابعا لعلى بك الكبير أحد أمراء مصر، اشتراه سنة 1175 هجرية 17611م وقلده الإمارة وعرف بأبى الدهب، لأنه لما ارتدى الخلعة بالقلعة صار ينثر الذهب على الفقراء فى طريقه إلى منزله، وعظم شأنه فى وقت قصير إلى أن انفرد بإمارة مصر.


مسجد ومدرسة العينى.. الأمر لم يقتصر على هذا الحد، وإنما توجد بالمنطقة مدارس عتيقة وعريقة، فهنا توجد مدرسة العينى، وهى مدرسة تاريخية تقع فى القاهرة شيّدها فى عام 814 هجرية - 1411 ميلادية أبو محمود بن القاضى بن أحمد بن الحسين المعروف باسم العينى، الذى ولد فى عام 7622 هجرية، وتجاور هذه المدرسة جامع الأزهر وبيت الهراوى الأثرى، وعمل العينى فى عدد من الوظائف منها الحسبة بالقاهرة ثم تولى وظائف دينية منها قاضى قضاة الحنفية بمصر فى عام 829 هجرية وتوفى فى عام 855 هجرية ودفن بمدرسته.


مجموعة السلطان قايتباى.. أثناء وجودك بالمنطقة لا تغفل زيارة مجموعة السلطان قايتباى، المبنية على الطراز الإسلامى تعود إلى عصر المماليك الجراكسة، وتضم المجموعة عدة منشآت تتمثل فى مسجد ومدرسة وملحقاتها وقبة وسبيل وكتاب ومقعد للسلطان وحوض لسقاية الدواب وربع لإقامة الصوفية.


وحول أشهر تجار الكيف فى المنطقة قديما، يقول «عبدالرحمن أحمد»، إن المنطقة كان يوجد بها كبار حيتان وأباطرة الصنف فى مصر، لعل أبرزهم «العقاد»، حيث كان يلقب بـ«الحوت»، وكان صاحب خطط ودهاء، تجعله يفلت من رجال مكافحة المخدرات، وكان يضع سيناريوهات دخول وخروج كبار التجار لمنطقة الباطنية.


«العقاد» أنعش سوق الكيف بالمواد المخدرة وكان من أهم تجار الصنف، وتفنن فى إطلاق الأسماء المختلفة على المواد المخدرة، ونجح فى عقد عدة صفقات لجلب المواد المخدرة تمهيدا لبيعها لتجار التجزئة لترويجها على عملائه.


ورغم ما امتلكه الرجل من دهاء وذكاء فى التعامل، إلا أنه سقط فى قبضة الأمن بعد رصده وملاحقته ثم القبض عليه لتكون هذه الواقعة نقطة تحول فى سقوط مملكة الكيف بالباطنية.


وكان «العقاد» مادة دسمة للأعمال الدرامية، حيث تم تجسيد شخصيته فى مسلسل «الباطنية»، الذى تدور أحداثه فى حى الباطنية حول تاجر مخدرات يمتلك مغلقا للخشب كستار لتجارة المخدرات، تخرج ابنته عن طاعته، لتتزوج بضابط، بينما يقع ابنه فى حب فتاة فقيرة تدعى «وردة» يتزوجها عرفيا، ليفرقهما الأب، فتسعى وردة للانتقام، وتتصاعد الأحداث، فضلا عن وجود أسماء أخرى مثل «هدهد، وكتكت».
ويضيف: من أشهر تجار المخدرات أيضا «المعلمة خضرة» التى جاءت للمنطقة وكانت تستغل الأعشاب التى يأتى بها الطلاب الوافدون للأزهر وتعيد تصنيعها وبيعها للمدمنين، وذاع صيتها حتى أصبحت تاجرة معروفة وبنت فيلا، يوجد بها العديد من السراديب والأماكن السرية، حتى تم القبض عليها كأول سيدة تتهم فى قضية مخدرات، ثم سلمت الراية لابنها «الكابتن قوطة»، والذى كان له علاقات بالمشاهير ونجوم المجتمع حتى سقط أيضا فى قبضة الأمن.


طوابير المخدرات.. وحول طريقة بيع المخدرات، يقول أحد سكان المنطقة ـ رفض ذكر اسمه ـ كانت هناك منطقتان لبيع المخدرات، «الوسعاية الكبيرة، والوسعاية الصغيرة»، وكان التجار يجلسون على «طرابيزة» لبيع المخدرات للمدمنين الذين يقفون فى طوابير ممتدة لعدة أمتار قبل عدة قرون من الآن، ولكنها تحولت الآن إلى مكان به محال تجارية متراصة، وورش تصنيع الأثاث، وباتت المنطقة تستقبل الطلاب الوافدين الذين يأتون للدراسة فى الأزهر، حتى أصبح البعض يطلق عليها «باطنية العلم».


اقتحام الباطنية.. رغم توجيه عشرات الحملات الأمنية لمنطقة الباطنية ـ وقتها ـ إلا أن جميعها باءت بالفشل، حيث كان التجار يعرفون مواعيد انطلاق الحملات من العناصر السرية فيتم إخفاء المخدرات فى السراديب.


فطن اللواء أحمد رشدى، وزير الداخلية ـ وقتها ـ لذلك، ووضع خططا فيها دهاء شديد، من خلال سحب جميع العناصر السرية، بحجة عقد اجتماعات مع الوزير الجديد، واستعان بمرشدين من داخل المنطقة سربوا له معلومات خطيرة عن التجار، فحرك مأموريات ضخمة لم تعرف طريق وجهتها حتى وصلت للمكان وحاصرته واشتبكت مع التجار وأسقطتهم، ليتم تطهير المنطقة بالكامل لأول مرة من تجارة السموم، الأمر الذى أصاب التجار بالجنون، لدرجة أن أتباعهم ضخوا فى السوق بعد ذلك نوعا جديدا من المخدرات أطلقوا عليه «باى باى رشدى» بعد رحيل وزير الداخلية الذى قضى على مملكة الكيف فى مصر.


محافظة القاهرة.. من ناحيتها، قالت محافظة القاهرة: المحافظة تتميز بعدة مناطق تاريخية، وتراثية، تعتبر أصل القاهرة، وشهدت أحداثا على مدار سنوات غيرت وسطرت تاريخ العاصمة، ومن بين هذه المناطق منطقة الباطنية بالدرب الأحمر، حيث تعتبر من أشهر مناطق الدرب الأحمر، وعرفت فى البداية باسم «الباطليّة»، وذلك نسبة إلى أول طائفة سكنت تلك المنطقة، فقد ذكر المقريزى فيما رواه عن ابن عبدالظاهر وكان المعزّ لما قسم العطاء فى الناس جاءت طائفة فسألت عطاء فقيل لها: أفرغ ما كان حاضرا، ولم يبق شىء؛ فقالوا: رحنا نحن فى الباطل، فسمّوا بـ«الباطليّة».


وأضافت محافظة القاهرة أن المنطقة تعرضت لحريق هائل عام 663هـ أدى لدمارها بالكامل، وكان الناس يضربون بحريقها المثل لمن يشرب الماء كثيرا فيقولون «كأن فى باطنه حريق الباطليّة»، إلى أن أعُيد تعميرها عام 785هـ على يد «الطواشى بهادر بن عبدالله النبهانى الرومى» مقدم المماليك السلطانية والذى تولى وظيفة نظارة الجامع الأزهر أى «المشرف على شؤونه» حيث أقام دارا بها، وكان يخصص لكل شيخ من مشايخ المذاهب الأربعة دارا داخل المنطقة تعرف باسمه، ومن هنا تغير اسم المنطقة من الباطليّة إلى الباطنية أى «باطنة العلماء».

 

مجموعة-السلطان-قايتباي
مجموعة السلطان قايتباي

 

مدرسه-العينى
مدرسه العينى

 

منزل-زينب-خاتون
منزل زينب خاتون
 
11cc4720-0bbe-405a-ba97-2f288e4559eb
 
اليوم السابع
 

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة