"أزمة".. قصة قصيرة للكاتبة التونسية شيماء بن عمر

الخميس، 11 أبريل 2024 05:00 ص
"أزمة".. قصة قصيرة للكاتبة التونسية شيماء بن عمر شيماء بن عمر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"لا تشبهين المرأة التى تزوجتها منذ زمن غير ببعيد! وكأن هذه العروق أصبحت تحمل جليدا يأبى أن يذوب"..

قالها بدرامية تبعث على الضحك أكثر من أى شىء آخر..
لم تعقّب على كلامه بل واصلت بحثها عن منفضة السجائر فى عدم اكتراث صريح..
"أجيبى هيا!! لما تفعلين هذا بي؟!"
لا تستطيع إيجاد المنفضة...
ها هى تنفض رماد سيجارتها بعشوائية فوق السجاد الفارسى الفخم المزركش بألوانها المفضلة المائلة إلى درجات الخمرّى الغنية والتى اقتنتها بنفسها منذ سنوات قبل أن تجلس على حافة الأريكة المخملية...
"لم يكن ذلك ضروريا على فكرة..وغير لائق!".. أردف بنبرته الموبخة الساخطة التى لم تتغير طيلة شبه الحياة التى كانت تعيشها معه قبل أن يستدير نحو النافذة وهو يحشر يديه الاثنتين بغضب داخل جيوب بنطاله..
"متى ستوقع الأوراق إذا؟" ..قالتها وقد أخذ الملل مأخذه منها وهى تصنع صوتًا رتيبا كل مرة تركل بلطف حافة الطاولة البلورية التى تتوسط قاعة الجلوس بأطراف حذائها الجلدى المدبب والمصنوع من جلد العجل الرفيع...
"لن أمنحك ما يدور برأسك مطلقا!...على جثتي!!"
رفعت رأسها نحوه وهى تغرس نظرات متحدية أرفقتها بابتسامة مكتومة مالبثت أن تحولت إلى قهقهة شامتة ...
"تخيل كم ستكون هذه المحادثة أسهل بمراحل وغالبا أقصربكثير إذا ما ..." صمتت لتضفى بعضا من عنصر المفاجأة.. "عليكِ اللعنة!"
كانت تعلم كيف تنجح فى استفزازه كل مرة... أم تراه سخيفا، وسريع الغضب بلا أى داع ..
"لماذا تفعلين ذلك ؟ لماذا تصرين على هدم كل ما تعبنا من أجل بناءه لسنوات؟" علق بهدوء مفاجئ ومصطنع وقد قرفص أمامها ليصبحا فى نفس مستوى الطول...
"أظن أن أحدنا قد أصيب بفقدان للذاكرة ..أليس كذلك؟" قالتها وهى تحمل القلم بين السبابة والوسطى فى إشارة فهم مقصدها على الفور..
تلاقت عيناهما فى نظرة لا يفهمها إلا كلاهما ....نظرة لخصت كل معانى الخسارة والخذلان ...
تناول القلم على مضض، أحس لأول مرة انه فاقد السيطرة على كل شيء يخصه .. ماهذه الورطة..
أهذه هى النهاية؟؟
أخذت الوثائق وتوجهت نحو الباب، استدارت للمرة الأخيرة لتودع الفوضى والألم اللذان ظلا يرافقانها لسنوات...
هل يعنى ذلك أنها فازت؟؟ ربما ..
وهل يُسأل أحدهم عما سوف يربحه وهو الخاسر لكل شىء؟

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة