عصام محمد عبد القادر

الأمن الفكري منهج الإعمار

الأربعاء، 10 أبريل 2024 09:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تسعى الدولة المصرية بشكل ممنهج إلى ترسيخ القيم النبيلة والعادات والتقاليد الراسخة الأصيلة لدى أبناء الأمة من خلال مؤسسات وطنية تعمل على تعضيد الوعي الصحيح بشتى أنماطه، وهذا بالطبع يؤدي إلى تحصين الفكر ضد الهجمات التي تتناقض وتتعارض مع ما تستهدفه مؤسسات الدولة؛ فغاية تشويه الفكر تكمن في فلسفة الهدم الذي يضاد البناء والإعمار.

وليس هناك خلاف حول أهمية الأمن الفكري للمجتمع؛ حيث إن استقرار النفس التي تدعم الإيجابية والبنائية لدى الفرد بما يحثه على أن يحسن ويطور من خبراته المعرفية والمهارية منها بما ينعكس على رؤيته التي يستشرف بها مستقبله المشرق، ومن ثم يعمل بجد واجتهاد فيما يوكل له من مهام وأعمال، ويحاول بكل السبل أن يواكب المستجدات والمستحدثات التي ترتبط بتخصصه النوعي.

ونعتمد بصورة كلية في بناء الفكر الصحيح لدى الإنسان على تعليمه العلوم المختلفة التي تسهم في رقي تفكيره وإعمال ذهنه؛ ليدرك الحقيقة ويكتشف مكنونها لتزول جهالته ببعض الأمور أو القضايا التي يتعرض لها بصورة مقصودة، وفي المقابل يتضح له الزيف الذي يقابل تلكما الحقيقة؛ فيستطيع ان يحل ما يواجهه من مشكلات ويتغلب على ما يعترضه من تحديات، ويقدم حلولًا مبتكرة للأزمات التي تفرض نفسها على واقعه المعاش.

ونجد أن صاحب الفكر القويم يحسن استخدام أدواته في خدمة البشرية وتحقيق ماهية الإعمار في الأرض، وهذا يعني أنه يواكب التقدم العلمي ويؤمن بضرورة توظيف نتائجه ويحرص على الاستزادة من خبرات الآخرين المفيدة بهدف إحداث تنمية لخبراته التي تصقل لديه مواهبًا عديدة سواءً ارتبطت بالجانب العملي أو الفكري لديه، بما يحقق ميزة التوازن النفسي ليستطيع أن يستثمر طاقاته في المسار الصحيح، وهو ما يؤدي حتمًا لعلو الطموح لديه ليصل لمبتغاه، ومن يدرك تمامًا أنه استخلافه في الأرض لإعمارها.

ولندرك أن التربية الصحيحة تُعد مقومًا رئيسًا للأمن الفكري؛ حيث إنها تهتم بالفرد بصورة تتسم بالتكامل في جوانبها؛ فتغذي الروح بصحيح الفكر والمعتقد، وتنمي مهاراته الاجتماعية التي تتسق مع قيم وعادات مجتمعه، وتعلى من تقدير الذات لتحفظ للنفس كرامتها، وتهتم بالوجدان ليصبح راقيًا ضابطًا للقلب والسلوك؛ فيخرج من حالة حب الذات إلى محبة الآخرين، وما وصف لا يعتبر مسئولية مؤسسة بعينها؛ لكنها مسئولية مجتمعية تشاركية.

ودعونا لا نقلل من أهمية التعزيز للإنسان؛ فعندما نرى أو نرصد أو نشاهد منه فعلًا جميلًا أو خيرًا أو صالحًا ينبغي أن نزكيه، بل ونعضده، كي يشعر بأهمية ما يقوم به ومن ثم يحرص على تكراره، وثمرة هذا الأمر يجعله في حالة من اليقظة الفكرية والممارسية، وفي وضعية التدريب والتعلم الذاتي المستدام، وبالطبع يتحمل مسئولية ما يؤديه؛ حيث يثق في قدراته ويحاول بصورة تلقائية أن يقوم مساره ليصحح ما قد يقع فيه من خطأ، ويطور من شخصيته.

ونقدر تمامًا ما يبذل من جهود منظمة ومقصودة تستهدف تنمية مهارات التفكير العليا لدى الأبناء؛ إذ تُعد بالغة الأهمية لتحقيق الأمن الفكري لديهم، وبالطبع تنمية تلك المهارة يكون وفق أسس ومعايير وخطوات إجرائية متدرجة، تمكن الفرد من أن يمارس التفكير المنطقي بمهاراته الفرعية المتعددة من استدلال واستنتاج، يتلوه التفكير الناقد الذي يجعله يصل لمراحل المحاججة ورصد الفجوات والسلبيات وتحديد مواطن الضعف وتقدير جوانب القوة، ومن ثم يتمكن من تمييز الخبيث من الطيب والثمين من الرث، والتفرقة بين ما يراد به حق وما يبتغى به باطلًا قولًا وفعلًا.

إننا في أشد الاحتياج لتحقيق الأمن الفكري بين أطياف المجتمع المصري؛ لنضمن شيوع حالة الطمأنينة التي ترتكن على نفس سوية تؤمن بضرورة وأهمية الاستقرار لتسير الحياة بصورة طبيعية تطغى عليها نبرة الإعمار، وفي المقابل تتعالى لغة العقول لتدحر كل فكرة تحاول أن تخرج عن وسيطة المنهج القومي؛ فقد صارت المنعة قوية لدى من يتمتعون بالفكر القويم، وبات الانحراف الفكري لا يقبله أو يتعايش معه من يمتلك رشد التفكير.

ما نعيشه ونعايشه من زخم وأحداث عالمية متجددة ومتقلبة يؤكد أن الأمن الفكري أضحى منهجية إعمار في بلادنا الحبيبة لنستكمل نهضتها ومسارها نحو التقدم والرقي، ونقاوم بصورة مجتمعية وجماعية كل ما يحاول بث السموم لأفكار شاردة تستهدف إسقاط القيم المجتمع النبيلة في هاوية سحيقة، ومن ثم نؤكد على أن الأمن الفكري الحصن الحصين ضد الشائعات المغرضة بكل تنوعاتها، وألوانها، وصورها، ومصادرها.

حفظ الله وطننا الغالي وقيادته السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة