سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 6 مارس 1801.. الجنرال مينو قائد الاحتلال الفرنسى يصف الإنجليز بأنهم «يظلمون كل جنس للبشر» ويتوعد بقتل كل من يشارك فى ثورة أثناء حملتهم إلى مصر

الأربعاء، 06 مارس 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 6 مارس 1801.. الجنرال مينو قائد الاحتلال الفرنسى يصف الإنجليز بأنهم «يظلمون كل جنس للبشر» ويتوعد بقتل كل من يشارك فى ثورة أثناء حملتهم إلى مصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ساد الاضطراب بين قوات الاحتلال الفرنسى لمصر حين علموا بقدوم حملة إنجليزية عثمانية لطردهم، وأخذ الجنرال مينو يتوعد كل من يذيع أخبارها بين الأهالى، وأصدر منشورا بتاريخ يوم 25 فبراير سنة 1801 يطمئن فيه المصريين، ويحذرهم من تصديق الأخبار «الكاذبة»، وأنذر كل من يثبت عليه إذاعتها بالقتل، حسبما يذكر عبدالرحمن الرافعى فى الجزء الثانى من موسوعته «تاريخ الحركة القومية، وتطور نظام الحكم فى مصر».
 
كان الجنرال مينو قائدا للاحتلال الفرنسى بعد عودة نابليون بونابرت إلى فرنسا، ثم مقتل خليفته الجنرال كليبر على أيدى سليمان الحلبى، وكان إنجلترا تعمل جاهدة لطرد الفرنسيين من مصر لتحل محلها، وحسب الرافعى: «كانت إنجلترا تحرض تركيا على محاربة فرنسا وإجلائها عن مصر، كانت ترمى لا إلى إجلاء الفرنسيين عنها فحسب، بل أخذت تنتهز الفرص لاحتلالها وتثبيت قدمها فيها».
 
يذكر الرافعى، أن إنجلترا رسمت خطتها الحربية مع الباب العالى، بأن يزحف الجيش العثمانى برا من طريق العريش وقطية، وفى الوقت نفسه ينزل فى «أبوقير» جيش إنجليزى تركى بحماية الأسطول البريطانى والقوات التركية، وينزل بالسويس جيش هندى قادم من الهند على ظهر السفن الإنجليزية فى البحر الأحمر، فتلتقى القوات الثلاث على أرض مصر وتطويق الجيش الفرنسى بها.
 
نفد الإنجليز والعثمانيون خطتهم، وعلم «مينو» فتوعد كل من يذيع أخبارها بين الأهالى، وأصدر منشوره التحذيرى، ويذكر الرافعى، أنه بالرغم من تكتم الفرنسيين أنباء الحملة الإنجليزية العثمانية، علم بها الناس قاطبة، فلم ير مينو بدا من أن يكاشف أعضاء الديوان، فانعقد فى 6 مارس، مثل هذا اليوم عام 1801، وحضر اجتماعه المسيو فوربيه القوميسير الفرنسى، وخاطب الأعضاء فى شأن الموقف الحربى، وأبلغهم ترجمة منشور «مينو»، ويذكر فيه «الإنجليز الذين يظلمون كل جنس للبشر، قد ظهروا فى السواحل ومعهم العثمانيون، وأن الفرنسيين عازمون على ردهم جميعا على أعقابهم، وطلب من المصريين أن يلزموا السكينة، وتوعد كل من يتحرك للفتنة بالقتل، ونوه فى منشوره بما وقع بالمصريين من القتل والنكال والمغارم فى ثورة القاهرة الأخيرة.
 
كان المنشور بتوقيع «خالص الفؤاد عبدالله جاك مينو»، ولما تليت ترجمته، دارت مناقشات بين الأعضاء وبين المسيو فوربيه، ينقلها الرافعى عن الجبرتى، قائلا: «قال الجبرتى فى هذا الصدد ما فحواه: ولما قرئ الفرمان المذكور قال بعض الحاضرين إن العقلاء لا يسعون فى الفساد، وإذا تحركت فتنة لزموا بيوتهم، فأجاب فوربيه: ينبغى للعقلاء ولأمثالكم نصيحة المفسدين فإن البلاء يعم المفسد وغيره، فقال بعضهم هذا ليس بجيد بل العقاب لا يكون إلا على المذنب، قال تعالى: «كل نفس بما كسبت رهينة»، وقال آخر قال تعالى أيضا: «ولا تزروا وازرة وزر أخرى»، فقال فوربيه: المفسدون فيما تقدم هاجوا الفتنة فعمت العقوبة، والمدافع لا عقل لها حتى تميز بين المفسد والمصلح، فإنها لا تقرأ القرآن، وقال آخر: والمخلص نيته تخلصه، فقال فوربيه: إن المصلح من يشمل صلاحية الرعية، فإن صلاحه فى حد ذاته يخصه فقط، والثانى أكثر نفعا».
 
يضيف الرافعى: «طال الجدل والبحث على هذا النحو، وانتهت الجلسة على غير نتيجة، ولما علم مينو بما دار من مناقشة ارتاب فى نية أعضاء الديوان، وكتب منشورا آخر أبلغه فى نفس اليوم إلى الأعضاء فى بيوتهم، ومضمونه إنذارهم بأنه تلقى عليهم علانية تبعة كل ثورة تحصل من الأهالى، وألقى هذا الإنذار على عاتق أعضاء الديوان تبعة رهيبة، لأنهم إذا ضمنوا أنفسهم فمن أين لهم أن يضمنوا سلوك الجماهير».
 
أمام هذا الأمر، اجتمع أعضاء الديوان فى دار رئيسهم الشيخ الشرقاوى، ويذكر الرافعى: حضر الاجتماع الأغا «المحافظ» والوالى «رئيس الشرطة»، والمحتسب، وأحضروا مشايخ الحارات وكبراء الأخطاط ونصحوهم وأنذروهم، وأمروهم بضبط من هو دونهم وألا يغفلوا أمر عامتهم وحذروهم وخوفوهم العاقبة، وما يترتب على قيام المفسدين وجهل الجاهلين وأنهم المأخوذون بذلك.
 
يعلق الرافعى: «الواقع أن سكان القاهرة فى ذلك الحين لم يكونوا يفكرون فى القيام بثورة أو فتنة، لأن ما نزل بهم من المغارم والمظالم المتتابعة وما كان يشغلهم من سداد ما فرض عليهم من الضرائب الفادحة والغرامات كان يحول دون قيامهم بثورة، وأخذ الفرنسيون من جهتهم يستعدون للحرب والقتال، وينقلون أمتعتهم إلى القلعة، فتوهم الناس أنهم سيضربون المدينة بالمدافع، فشرعوا فى الهجرة من القاهرة إلى الأقاليم، واشتد انزعاج الفرنسيين واضطرابهم، فاعتقلوا السيد محمد السادات وأصعدوه إلى القلعة من غير إهانة، وبقى رهن الاعتقال إلى أن جلا الفرنسيون عن مصر، ومات ولده أثناء الاعتقال فأذنوا له فقط بحضور الجنازة وعاد به الحارس إلى السجن». 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة