قال الكاتب الصحفي أحمد ناجى قمحة، رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية، إنه وفقًا لوقائع وتفاعلات الأحداث الإقليمية والدولية الجارية والمتواترة، أجمع الكثير من الباحثين والمحللين على أنها تدلل وفقًا للعديد من المؤشرات على أننا بصدد صياغة نظام عالمى جديد، متابعا :"حيث استمرت التهديدات المحيطة بمنظومة الأمن العالمى، على أصعدته المختلفة، فى التدهور نحو المزيد من الانزلاق السريع إلى نموذج الدولة الفاشلة للعديد من الدول حول العالم، خاصة فى القارة الإفريقية والمنطقة العربية كضريبة تدفعها نتيجة لصراع القوى الكبرى والإقليمية عليها، أو اللجوء إلى المواجهات العسكرية المباشرة بكل ما تحمله من مخاطر على أوضاع الغذاء والاقتصاد والمجتمع والبيئة".
وأضاف أحمد ناجى قمحة في افتتاحية مجلة السياسة الدولية، أن ذلك يتضح فى الأزمة الروسية-الأوكرانية، والتطورات الكارثية فى المسارين الحقوقى والإنسانى لتفاعلات القضية الفلسطينية، أو تفشى مهددات الأمن العالمى غير التقليدية كما فى جائحة كورونا، وكما فى المهدد البيئى الذى باتت تأثيراته واضحة فى المناخ والتغير البيولوجى بما سينعكس حتمًا على الإنسان، فضلا عن تهديدات الفواعل من دون الدول الممثلة فى التنظيمات الإرهابية التى تتبنى منهجًا تكفيريًا متطرفًا وتمارس الإرهاب عبر تنظيمات وحركات وجماعات، باتت تتحدى الأمن العالمى الذى لا يزال عاجزًا عن مواجهتها تعريفًا وتشريعًا.
وتابع :" يمثل كل ما سبق تهديدًا مباشرًا لـ"الأنسنة العالمية"، من حيث تهديد أمن واستقرار الشعوب، وتراجع معدلات الأمن والأمان، وانتشار المخاوف على المستقبل، والأزمات الاقتصادية العالمية، بما يخلق تحديات اجتماعية واقتصادية وأمنية كبرى أمام الدول النامية، التى تسعى لتحقيق أعلى درجات التكامل مع المؤشرات الأممية للتنمية المستدامة المتعلقة بتحقيق أكبر قدر من التمكين الاقتصادى والاجتماعى والسياسى والبيئى لشعوبها، للانتقال بها لمرحلة متقدمة من الرفاهية، بما يقلل الفجوة بين شعوب الجنوب النامى -التى لا تزال تدفع ثمن تقدم وتطور الشرق والغرب- وشعوب الشمال المتقدم."
وأشار الى أننا فى مرحلة المخاض الصعب، إما لنظام عالمى جديد سينتج حتمًا نتيجة غطرسة القوة والانسياق خلف صدام الإرادات، وإما فوضى كبرى تعقب ما هو أكثر تهديدًا -وفقًا للمؤشرات السابقة- من أن العالم يمضى إليها بخطى متسارعة بما يهدد بالوصول لحرب عالمية، مضيفا :"وحتى لحظة اليقين فى ماهية وشكل هذا النظام، الذى غالبًا سيكون أميل إلى التعددية القطبية، التى تشمل دولًا وكيانات اقتصادية، تحاول أن تقلل من تمييزية فجوة العدالة على الأصعدة كافة، ستظل الإنسانية تعانى وتستنزف حضاراتها، ما دام بعض المراقبين مقتنعين بالتفوق القيمى والعنصرى لما طرحته نظريات الهيمنة الغربية فى العلاقات الدولية، بهدف تمكين دولها من فرض إرادتها، والتى من أسفٍ لا تناظرها أى نظريات تدافع عن الحق العربى وحقوق شعوب الجنوب.
وأوضح أن القطبية الأحادية كارثة حلت بالعالم، وأن هذا النظام القطبى الأوحد فرض الغطرسة والقوة فى التعامل مع جميع الأطراف الدولية، ومع منظمة الأمم المتحدة، ومارس بعنف الدفاع عن حقوقه إلى أبعد مدى، ومن ثم، قد تكون هذه لحظة تاريخية فارقة، ستسمح بتغيير هذا النمط فى تفاعلات النظام الدولى، مضيفا :"وتبقى الأمم المتحدة على المحك، إما إجراء إصلاحات هيكلية حالَّة وجادة فى تشكيلها، وطريقة عمل مؤسساتها بما يضمن العدالة للجميع، وتصحيحا واجبا لتشكيل مجلس الأمن، يراعى فيه التمثيل العادل لشعوب الجنوب، حتى لو مناطقيًا، مع منح الجميع آلية عادلة للتصويت بما يحقق مصالح كل شعوب العالم، وأخيرًا آليات تضمن إنفاذ ما يتم اتخاذه من قرارات بالفاعلية المطلوبة ومن دون إبطاء أو تأخير. أما إذا تحقق السيناريو الأسوأ، فسنكون أمام لحظة انهيار للمنظمة كتلك التى أصابت عصبة الأمم، ومن ثم إعادة تأسيس منظمة أممية جديدة تحقق التوازن بين قوى العالم، بحثًا عن تحقيق السلم والأمن العالميين".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة