سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 26 مارس 1963..فضيحة «الهواء الأسود».. مسرحية كتبها الكاتب الساخر أحمد رجب فى ساعة ونصف الساعة وقدمها للنقاد على أنها للكاتب العالمى «دروينمات»

الثلاثاء، 26 مارس 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 26 مارس 1963..فضيحة «الهواء الأسود».. مسرحية كتبها الكاتب الساخر أحمد رجب فى ساعة ونصف الساعة وقدمها للنقاد على أنها للكاتب العالمى «دروينمات»

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أراد الكاتب الساخر أحمد رجب أن يسخر من مسرح اللامعقول، فكتب كلاما فارغا «حسب وصفه» على شكل تمثيلية سماها «الهواء الأسود»، وكادت مجلة الكواكب أن تنشرها على سبيل التسلية، وفقا لما تذكرها فى عددها رقم 608، الصادر يوم 26 مارس، مثل هذا اليوم، 1963.


تكشف «الكواكب» أن خطتها فى النشر تغيرت، بسبب غلطة غريبة وهى أن أديب كبير قرأها دون أن يعرف حقيقة الأمر، فهز رأسه، وسأل: لمن هذه المسرحية؟ قلنا للأديب السويسرى دروينمات «يكتب بالألمانية»، فقال: مدهشة، أنا برضه قلت كده، ومن هنا جاءت فكرة أخذ القصة إلى أربعة نقاد ليقولوا رأيهم فيها.


وتحت عنوان «فضيحة الموسم.. الهواء الأسود.. مسرحية لم يكتبها دروينمات»، نشرت الكواكب النص المكتوب من أحمد رجب، وقالت إنه ينتمى إلى مسرح اللامعقول، وقالت إنها عرضته على أربعة من المختصين لأخذ رأيهم فيه وهم، المخرج المسرحى والفنان الشهير سعد أردش، والنقاد، الدكتور عبدالقادر القط، ورجاء النقاش، وعبدالفتاح البارودى.


ومما قاله «أردش»: «يعالج دروينمات مسألة الخير والشر والاختيار والجبرية فى سلوك الإنسان، والصورة اللونية هنا تعطينا متعة حسية كبيرة»، وقال عبدالقادر القط:  «هذه المسرحية تدخل فى نطاق جديد فى الفن المسرحى هو اللامعقول»، وقال «النقاش»: «هذه المسرحية تعبر عن مأساة الإنسان الحديث خاصة فى أوروبا وأمريكا، حيث بلغت الحضارة الصناعية أقصى درجة من درجات التقدم، ومع ذلك لم تحقق أى نوع من أنواع السعادة للإنسان».
وقال عبدالفتاح البارودى: «كنت أتوهم أنى قرأت كل مسرحيات الدنيا، ولكن يظهر أننا نتوهم كثيرا ونغفل أشياء كثيرة ولا شىء يوقظنا من الوهم والغفلة أكثر من أن نعتنى بقراءة مسرح اللامعقول، من أجل ذلك أرحب بترجمة كل التجارب، وهذه المسرحية «الهواء الأسود» ليس فيها جملة واحدة غير مفهومة، الفكرة فى غاية الوضوح والحوار فى غاية الوضوح، وكل ما فى الأمر أننا نعجز عن تلخيص المسرحية».


كانت المفاجأة التى وصفتها «الكواكب» بالفضيحة، ما كشف عنه أحمد رجب، قائلا: «أنا الموقع أدناه أحمد رجب، أقر وأعترف بأننى كاتب مسرحية «الهواء الأسود»، وأننى مؤلفها الأوحد، وأن الخواجة فردريك دورنيمات، الكاتب المسرحى السويسرى، لا علاقة له إطلاقا بهذه المسرحية، وليس له أى إنتاج مسرحى هذا الموسم، وأنا الموقع أدناه أحمد بن رجب، أقر وأعترف بأننى كتبت هذه المسرحية فى مكتبى بالغرفة رقم 406 بمبنى دار الهلال بالسيدة زينب، وأن هذه المسرحية لم تكتب إطلاقا فى لوزان ولا جنيف ولا زيورخ، وأنا الموقع أدناه المؤلف الأوحد لمسرحية «الهواء الأسود»، ولا أعرف لماذا كنت أفطس على نفسى من الضحك كلما كتبت عبارة حوار لا معنى له، أو كلما خط قلمى جملة منطلقة على السجية بلا أى تفكير ولا تدبير».


يكشف «رجب»: «المسرحية لم تستغرق منه فى كتابتها أكثر من ساعة ونصف الساعة، وكنت أكتبها بلا أى تفكير ولا منطق، الأمر الذى سهل مهمتى كثيرا، فما دام مسرح اللامعقول لا يحكمه أى منطق أو مألوف، فمش ضرورى منطق ولا مألوف»، يضيف «رجب» أنه عند انتهائه من كتابة المسرحية، دخل عليه مرسى الشافعى مدير تحرير مجلة المصور، ولما قرأها كاد أن يقع من الضحك، واقترح تسميتها «الهواء الأسود»، ويقول: إنه تحير فى توقيع المسرحية، هل باسم أحمد فردريك، أم أحمد يونسكو، أم أحمد بيكيت، أم رجب دورنيمات، باعتبار أن إنتاجه لم يصل إلينا بعد، وممكن الحكاية تموت».


أحدث نشر الموضوع ضجة هائلة، وأوقع «أردش والنقاش والبارودى والقط» فى حرج كبير، وفرض الموضوع نفسه فى العدد التالى من الكواكب 609، حيث نشرت تعليقات الأربعة.


قال سعد أردش: إنه كتب رأيه تحت إلحاح محرر الكواكب بالاستعجال، رغم أنه طلب منه النص الأصلى الذى ترجمت منه هذه المسرحية، فتحجج بأنهم على وشك الطبع، ووجه عبدالفتاح البارودى اتهامات عنيفة لأحمد رجب، قائلا: «كفاية بكش على الناس، يكفيك بكشا أن تكتب فى الفن بلا علم وبلا تخصص ثم فى النهاية تأتى لتبكش على المتخصصين».


وطلب عبدالقادر القط من أحمد رجب أن يدله على كلمة واحدة فى تعليقه تشير إلى أنه اعتبر مسرحيته هذه من الطراز الرفيع، وقال رجاء النقاش: إن الفضيحة للمجلة وليس للنقاد، فما ذنب الناقد إذا جاءه صحفى يرجوه أن يكتب كلمة فى تقديم مسرحية ستصدرها «الكواكب» فى ملحق خاص، وأضاف: «أعترف حقا وصدقا أننى تعرضت لفضيحة لسبب واحد هو ثقتى فى رئيس تحرير الكواكب «سعد الدين توفيق»، واحترامى له، ويبدو أننى ارتكبت بهذا ذنبا أستحق عليه أسوأ العقاب».. واستمرت المعركة لأسابيع.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة