"سيد قراء هذا الزمن، موسيقى بفطرته وطبيعته، إنه يزجى إلى نفوسنا أرفع أنواعها وأقدس وأزهى ألوانها، وإنه بصوته فقط يأسرنا ويسحرنا دون أن يحتاج إلى أوركسترا".. هكذا وصف الأديب محمد السيد المويلحى الشيخ محمد رفعت، أما على خليل "شيخ الإذاعيين" فيقول عنه: "إنه كان هادئ النفس، تحس وأنت جالس معه أن الرجل مستمتع بحياته وكأنه فى جنة الخلد، كان كيانًا ملائكيًّا، ترى فى وجهه الصفاء والنقاء والطمأنينة والإيمان الخالص للخالق، وكأنه ليس من أهل الأرض".
ما من مصرى إلا ويرتبط لديه أذان المغرب فى شهر رمضان بصوته، إنه الشيخ "المعجزة" و"قيثارة السماء"... فقد الشيخ محمد رفعت بصره صغيراً وهو فى سن الثانية من عمره، وقيل إن إحدى السيدات حسدته فقالت: له عيون ملوك فالعين حق تدخل الجمل القدر وتدخل الرجل القبر، فأصيب بالعمى نتيجة مرض أصاب عينيه، وحفظ القرآن فى سن الخامسة، حيث التحق بكتاب مسجد فاضل باشا بدرب الجماميز بالسيدة زينب ودرس علم القراءات وعلم التفسير ثم المقامات الموسيقية على أيدى شيوخ عصره، توفى والده محمود رفعت والذى كان يعمل مأمورا بقسم شرطة الخليفة وهو فى التاسعة من عمره فوجد الطفل اليتيم نفسه مسئولا عن أسرته وأصبح عائلها الوحيد، فلجأ إلى القرآن يعتصم به ولا يرتزق منه، تولى القراءة بمسجد فاضل باشا بحى السيدة زينب سنة 1918م وهو فى سن الخامسة عشرة، فبلغ شهرة ونال محبة الناس، وافتتح بث الإذاعة المصرية سنة 1934م، وذلك بعد أن استفتى شيخ الأزهر محمد الأحمدى الظواهرى عن جواز إذاعة القرآن الكريم فأفتى له بجواز ذلك فافتتحها بقول من أول سورة الفتح (إنا فتحنا لك فتحا مبينا)، فكان أول قارئ بالإذاعة الأهلية، وسجل له صديقاه "زكريا باشا مهران" والحاج "محمد خميس" سورتى الكهف ومريم على أسطوانة.
أصيب الشيخ محمد رفعت فى عام 1943م بمرض سرطان الحنجرة الذى كان معروفاً وقتئذ "بمرض الزغطة"، حينما كان يقرأ القرآن وتحديدًا فى سورة الكهف وشعر بغصة فى حلقة واحتباس فى صوته فشعر بالانكسار وحاول أن يكمل القراءة إلا أنه لم يستطع وبكى وأبكى من حوله.
ويقال: إنه بالرغم أنه لم يكن يملك تكاليف العلاج إلا أنه اعتذر عن قبول أى مدد أو عون ألح به عليه ملوك ورؤساء العالم الإسلامى، وكانت كلمته المشهورة "إن قارئ القرآن لا يهان"، وفضل أن يبيع أثاث بيته، وتوفى فى نفس يوم مولده عام 1950.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة