حذر الدكتور محمد سالم أبو عاصي، الأستاذ بجامعة الأزهر وعميد كلية الدراسات العليا سابقًا، من مخاطر تحريف معاني القرآن الكريم لخدمة أجندات متطرفة.
وأشار أبو عاصي خلال لقائه مع الإعلامي الدكتور محمد الباز، في برنامج "أبواب القرآن"، المذاع عبر قناة إكسترا نيوز، إلى أن بعض المفسرين يستغلون النصوص القرآنية خارج سياقها الصحيح، مما يؤدي إلى تفسيرات مغلوطة قد تصل إلى حد التحريم والتكفير.
ومن جانبه، أكد الباز على خطورة هذه الممارسات، مستشهدًا بأمثلة منها تفسير "لهو الحديث" بمعنى الغناء وتحريمه، وتفسير الجهاد بمعناه العام دون تحديد، مما يؤثر مباشرة على حياة الناس.
وأضاف أبو عاصي أن هناك من يقوم بتأويل النصوص لأغراض مذهبية، مثل تفسير آيات قصة سيدنا موسى مع فرعون بما لا يتناسب مع السياق، أو تأويل آيات الحشر للإشارة إلى الإمام المنتظر، وهو ما يعد خروجًا عن النص القرآني وتحريفًا لمعانيه.
وأوضح أبو عاصي، مواقفه من بعض التفسيرات الشائعة للنص القرآني، متطرقا إلى مسألة الإمام المنتظر، مؤكدًا أن القرآن يتحدث عن نوعين من الحشر: حشر يوم القيامة وحشر في الحياة الدنيا، وأن الآيات لا تشير إلى هذه الفكرة.
كما ناقش أبو عاصي التفسيرات المختلفة للآيات القرآنية، مشيرًا إلى أن بعض المفسرين يفسرون الأذى والسب الوارد في القرآن على أنه ما واجهه الأنبياء من قبل، بينما يرى آخرون أن “ما يقال لك” يعني الوحي الذي جاء الرسل من قبل، وأضاف أنه على الرغم من وجود احتمال لهذا التفسير، إلا أن سياق القرآن يدل على خلافه.
وأشار إلى أخطاء شائعة في فهم النص القرآني، مثل نسبة قول “وما ابرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء” لسيدنا يوسف، بينما هو في الحقيقة قول امرأة العزيز، مؤكدا على أهمية السياق في تحديد المعنى، وموضحًا أن الكلمات تستمد معانيها من السياق الذي ترد فيه، وهو ما يُعد روح الكلام وجوهره.
وأكد سالم أبو عاصي، على أهمية السياق في فهم النص القرآني، مشيرًا إلى أن المعاني اللغوية قد تختلف عن المعاني القرآنية، موضحا أن الكلمات يجب أن تُفهم ضمن سياقها لتجنب التفسيرات المغلوطة التي قد تؤدي إلى تصرفات متطرفة.
وأضاف أن هناك أمثلة عديدة في القرآن تُظهر كيف يمكن للتأويل الخاطئ أن يؤدي إلى فهم مغاير للمقاصد الحقيقية، مثل استشهاده بآية "فاقتلوا المشركين" التي استُخدمت خارج سياقها لتبرير العنف، مشيرا إلى أن الإسلام يدعو إلى التعارف والتعايش السلمي بين الشعوب، وليس إلى العنف والدمار.
وأكد الإعلامي الدكتور محمد الباز، مقدم البرنامج، على خطورة إساءة استخدام النصوص الدينية في إثارة الفتن والصراعات، مشددًا على ضرورة الفهم الصحيح للنصوص وتطبيقها بما يتوافق مع مقاصدها السامية، وأشار إلى أن الدين يجب ألا يُستخدم كأداة لتحقيق مصالح ضيقة أو أهداف سياسية.
وأوضح عميد كلية الدراسات العليا السابق، مفهوم الربا في الإسلام وعلاقته بالمعاملات المالية الحديثةن مؤكدا ور محمد الباز، في برنامج "أبواب القرآن"، المذاع عبر قناة إكسترا نيوز، على أهمية فهم الآيات القرآنية في سياقها الصحيح، مشيرًا إلى أن الخطأ الشائع هو تفسير آية "لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة" من سورة آل عمران على أنها تحرم الربا فقط إذا كان مضاعفًا، ولكن، كما أشار، فإن آية "وأحل الله البيع وحرم الربا" من سورة البقرة تقدم تحريمًا عامًا ومطلقًا للربا بغض النظر عن مقداره.
وفي تعليقه على الآية "فإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون"، شدد على أن أي زيادة على المال الأصلي تعتبر ربا، سواء كانت مضاعفة أم لا، وأضاف أن العدل يجب أن يكون أساس المعاملات المالية، مستشهدًا بمثال عملي حول تسديد دين بعملة مختلفة عن العملة الأصلية للقرض، مؤكدًا على ضرورة الحفاظ على قيمة العملة وقت السداد مقارنة بوقت الإقراض.
وأشار أبو عاصي إلى أن الفقهاء، وخاصة الحنفية، قد ناقشوا هذه القضايا بتعمق، مؤكدًا على أنه من الأفضل أخلاقيًا ودينيًا أن يتم تسديد القرض دون زيادة، ولكن إذا كان هناك اتفاق على زيادة تعوض التغير في قيمة العملة، فلا يعتبر ذلك ربا، وأكد على أن العدالة وعدم الظلم هما المعياران الأساسيان في تحديد ما إذا كانت المعاملة تنطوي على ربا أم لا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة