أكد الدكتور محمد سالم أبو عاصي، أستاذ التفسير وعميد كلية الدراسات العليا السابق بجامعة الأزهر، على أهمية تطوير معايير تفسير القرآن الكريم لتتناسب مع متطلبات العصر، مشيرا إلى أن العلماء القدامى كالطبري والقرطبي وابن كثير قد وضعوا أسسًا راسخة لهذا العلم، ولكن مع تقدم الزمان، ظهرت الحاجة لتحديث هذه المعايير.
وذكر أبو عاصي، خلال لقائه مع الإعلامي الدكتور محمد الباز، في برنامج "أبواب القرآن" المُذاع على قناة "إكسترا نيوز"، أن الكتب الكلاسيكية مثل "الإتقان" للسيوطي و"البرهان" للزركشي قد حددت أكثر من اثني عشر شرطًا للمفسر، تشمل الإلمام بعلوم اللغة والبيان والنحو والصرف وعلوم القرآن والحديث.
وأضاف أن الشيخ محمد عبده قد أدخل تعديلات على هذه المعايير، مؤكدًا على ضرورة العلم بمفردات القرآن وفهمها من خلال اللغة والسياق القرآني، مشددًا على أن السياق يلعب دورًا محوريًا في تحديد المعاني القرآنية، وأنه يجب تفسير القرآن بالقرآن لاستخراج المعاني الثانوية التي تتجاوز المعنى الظاهري للألفاظ.
وأكد على أهمية فهم أساليب القرآن والمعاني البلاغية التي تتضمنها الآيات، مستشهدًا بما عبر عنه عبدالقاهر الجرجاني بـ"معنى المعنى"، ومثال ذلك الفهم العميق لآية "إياك نعبد وإياك نستعين" التي تتجاوز مجرد الدعاء إلى توجيه العبادة والاستعانة بالله.
وألقى الدكتور محمد سالم أبو عاصي، الضوء على التحديات التي تواجه المفسرين في فهم وترجمة النص القرآني، مؤكدا على أهمية الإلمام بأساليب اللغة وأسرار البلاغة لتحقيق فهم أعمق للمعاني الثانوية التي تكمن وراء الألفاظ الظاهرة.
وشدد أبو عاصي، على أن القرآن يخلو من الريب، موضحًا الفرق بين الشك الذي يرافقه قلق واضطراب، والشك الذي يتساوى فيه الطرفان، موضحا أن هذا الفهم يساعد في استيعاب الأسرار القرآنية ويعزز من صعوبة ترجمة المعاني الدقيقة.
أضاف أبو عاصي أن فهم القرآن يتطلب معرفة بأحوال البشر والسياق الاجتماعي والثقافي الذي يُفسر فيه، مشيرًا إلى أن القرآن جاء لخدمة الناس ويجب أن يُفسر بما يتناسب مع أحوالهم وظروفهم.
وفي تعليقه على الآية "كان الناس أمة واحدة"، أشار إلى تعليقات الشيخ محمد عبده حول أهمية فهم كيفية توحد الأمة وأسباب اختلافها وتفرقها عبر العصور، مؤكدًا على أن الفهم الصحيح للآيات يتطلب دراسة دقيقة للتاريخ والسياق الإنساني.
وأكد أستاذ التفسير وعميد كلية الدراسات العليا السابق بجامعة الأزهر، على أهمية معرفة المفسر لأحوال الناس والبيئة التي يعيشون فيها، موضحا أن هذا الشرط يعد من الأسس التي نادى بها الإمام محمد عبده.
وأشار الدكتور أبو عاصي، إلى أن المرونة في تأويل النص القرآني تسمح بتعدد المعاني، بما يتناسب مع الثقافات المختلفة، شريطة ألا تتعارض هذه المعاني مع بنية النص الأصلية، وأضاف أنه يجوز للمفسر أن يختار التفسير الذي يتلاءم مع البيئة التي يعيش فيها الناس، دون الإخلال بالمعنى العام للآية.
وتطرق الدكتور أبو عاصي إلى السؤال الجوهري حول إمكانية انتقاء المفسر لمعنى معين يناسب بيئة دون أخرى، مؤكدًا على جواز ذلك طالما أن النص يحتمل هذه المعاني ولا يتناقض مع اللفظ القرآني نفسه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة