وائل السمرى يكتب: فى إمبراطورية ميم خالد النبوى يكسب التحدى.. وصناع العمل قدموا عملا مختلفا وخرجوا من فخ المقارنة مع الفيلم سالمين.. والنبوى نحت شخصية الأب بطريقة الكوميديا الخفيفة فضمن صيغة النجاح

الثلاثاء، 12 مارس 2024 10:58 م
وائل السمرى يكتب: فى إمبراطورية ميم خالد النبوى يكسب التحدى.. وصناع العمل قدموا عملا مختلفا وخرجوا من فخ المقارنة مع الفيلم سالمين.. والنبوى نحت شخصية الأب بطريقة الكوميديا الخفيفة فضمن صيغة النجاح مسلسل إمبراطورية ميم
وائل السمرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
 
المغامرة نصف الإبداع، والنصف الآخر يعتمد على آليات تنفيذ هذه المغامرة، وقد اختار الفنان الكبير "خالد النبوي" أن يدخل إلى غمار المغامرة من أوسع أوابها باختياره قصة رواية "أمبراطورية ميم" لإحسان عبد القدوس والتي سبق وأن قدمتها سيدة الشاشة العربية "فاتن حمامة" وهو ما يضع العمل في العديد من التحديات الكبرى التي غالبا ما يفضل النجوم أن يتجنبوها، مكتفين بتحدي تقديم عمل جيد فحسب، ومن هنا تأتي المعضلة الكبرى، والتي تتجسد في أن أبطال عمل مسلسل "إمبراطورية ميم" جعلوا التحدي الواحد أثنين، الأول وضع أنفسهم في مقارنة مع عمل من كلاسيكيات السينما العربية، والثاني تقديم عمل جيد في بنائه وإيقاعه ورسالته وتقنياته، فهل نجح العمل في هذا؟ 
هنا لا بد أن نقر بأن المهمة كانت أثقل على الفنان خالد النبوي، فمن ناحية العمل يحمل اسمه كبطل رئيسي، ومن ناحية أخرى الاسم الآخر الذي سيوضع في مقارنة معه هو "سيدة الشاشة العربية" ويكفي اسمها وحده لكي يشعر غالبية المتابعين بالإشفاق على "النبوي" ثالثا، هناك تحدي من نوع آخر هو اختلاف العصر الذي قدمته فيه الرواية والفيلم عن العصر الحاضر، وهو ما يزيد من تعقيد الأحداث ويزيد من التحديات التي يخوضها المسلسل، رابعا اختلاف طبيعة المسلسل التليفزيوني عن الفيلم السينمائي، وهو ما يفقد المسلسل الكثير من عوامل الجذب الجماهيري التي لا أتخيل أن المسلسل الرمضاني سيقدمها، مثل شخصية "هشام سليم" في الفيلم التي كان لها الكثير من المغامرات المراهقة وحوت شخصيته الكثير من الزخيرة الدرامية.
كل هذه التحديات جعلت مهمة تقديم مسلسل جيد أمرا غاية في الصعوبة، وهي مهمة ثقيلة سواء على خالد النبوي أو على المخرج محمد سلامة أو كاتب السيناريو محمد سليمان عبد الملك، وقبل عرض المسلسل كنت أسأل نفسي وأنا أعرف الإجابة مسبقا: هل سيتفوق المسلسل على الفيلم؟ وإن كانت الغلبة للفيلم - وهو الرأي الذي كنت أميل إليه-  فبأي نسبة، لكني في الحقيقة من اللحظات الأولى للمسلسل نسيت هذه التساؤلات تماما.
من بداية تتر المقدمة أيقنت تماما أن المسلسل نجا تماما من فخ المقارنة بينه والفيلم، فالمسلسل ليس أفضل من الفيلم ولا أسوأ منه، المسلسل مختلف عنه تماما، وقد استطاع صانعوا العمل أن يغيروا صيغة السؤال باحترافية وإتقان، بل وأنسونا أن ذات القصة قدمت منذ أكثر من نصف قرن وأن العظيمة فاتن حمامة هي التي تصدرت الأفيشات وقتها، وأثبتوا أن المغامرة أحيانا تؤدي إلى النجاح تصديقا لقول الشاعر "سلم الخاسر".
من راقب الناس مات هما وفاز باللذات كل جسور
 وقد تمتع العمل بالفعل بالكثير من الجسارة، بداية من الموسيقى الراقية الرائقة التي قدمها "خالد حماد" والتي عبرت عن روح النص بصيغته الجديدة بما فيه من إيقاع سريع وابتكار في الجملة اللحنية وتنويع على الحالات والمشاعر المختلفة لتصبح الموسيقى روحا إضافية للعمل، والأغنية الجميلة السريعة المعبرة التي تزينت بصوت الكبير "مدحت صالح" ثم اختيار الشخصيات الرئيسية للعمل بداية من خالد النبوي الذي أثبت أن لديه الكثير والكثير، وأن جعبته الاحترافية مازالت قادرة على إدهاشنا بأنواع أخرى من قاموس الأداء التمثيلي فقاد إيقاع الجميع، وحافظ على حرفية شخصيته المبتكرة مقدما دور الأب بكل مفرداته الحانية والحازمة في آن، بالإضافة إلى الفنان الكبيرة نشوى مصطفى التي أضفت لمسة غاية في اللطافة والبهجة على العمل بأدائها الرفيع وتعبيرات وجهها المتميزة، وبصمة أدائها المتفردة، لتشكل مع الفنان دائم التألق "محمود حافظ" ثنائي البهجة والاختلاف في إيقاع المسلسل المتسارع.
منذ الحلقة الأولى ربح المسلسل كل ما يمكن أن يربحه مسلسل في بدايته، فقدم جوا عائليا لطيفا، وقدم تحديات معاصرة كبيرة، قادها بإتقان الفنان المهم "مروان النبوي" الذي ضبط بوصلة أدائه بما يبرز الاختلاف عن أبيه - في المسلسل والحياة - ويؤكدها في آن، وكذلك فعلت كلا من هاجر السراج وإلهام صفي الدين التي تقمصت شخصية البنت المتحفزة التي تميل إلى العنف لكن بداخلها الكثير من الحب والكثير من المشاعر المضطربة والتي أتوقع أن تتطور بشكل أكثر درامية في الحلقات القادمة، وكان لوجود الفنانة إيمان السيد بأدائها المميز لمسات كوميدية تشارك في الدراما وتنميها.
مازل المسلسل في بدايته، لكن هذا لا يمنع من أن نشير بأصابع الإعجاب إلى كل صناع العمل، بداية الشركة المتحدة التي احتضنت العمل ووفرت له كل السبل لتحقيق النجاح، والمنتج الكبير تامر مرتضى وشركة أروما للإنتاج الفني التي حجزت لنفسها مكانا مميزا في تاريخ الدراما بأعمال تأكد تميزها وإدراكها لخلطة النجاح السرية، وكذلك المخرج محمد سلامة قائد العمل الذي أتقن تنفيذ كل عناصره، كما صاغ رؤيته الإخراجية بالكثير من الإبهار، والمؤلف محمد سليمان عبد الملك الذي وضعنا في عالم جديد تماما وأصيل تماما.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة