دندراوى الهوارى

تهجير وقتل ودمار.. فاتورة الفوضى المدمرة فى السودان الشقيق!

الإثنين، 05 فبراير 2024 11:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وجع وحزن وحسرة تسيطر على قلوب الأمة العربية بشكل عام، ومصر على وجه الخصوص، مما يجرى فى بلد عربى شقيق عريق، فالسودان وطن تربطه بمصر كل روابط الدم والإخاء والعقيدة والمصاهرة والجيرة، وامتداد طبيعى للأمن القومى المصرى.. الفوضى وصلت مداها فى البلد الشقيق، ووضعت البلاد فى خانة الدول الفاشلة، وسط صمت عربى وإقليمى ودولى غريب، وكأن السودان منبوذ، غير مرغوب فى بقائه على خريطة الدول المستقرة والآمنة والباحثة عن التنمية والتقدم والازدهار.
 
التقارير الواردة من منظمات أفريقية ودولية خلال الأيام القليلة الماضية، عن الأوضاع التى وصلت إليها البلاد، كارثية، ويأتى تقرير المركز الأفريقى للعدالة ودراسات السلام «ACJPS» لينكئ الجراح، ويرصد جرائم تنتهك كبرياء وكرامة الإنسان، فالتقرير حمل عنوان «النزاع المسلح فى السودان.. حرب على أجساد النساء».. كاشفا من خلال توثيق حوادث وشهادات الناجيات عن العنف الجنسى خلال النزاع المسلح المستمر فى السودان مع التركيز على حوداث الاغتصاب والاستعباد، وتوضح الشهادات الواردة فى البيان أن جرائم الاغتصاب تتم بطريقة ممنهجة وبشكل واسع فى مناطق النزاع. واتهم التقرير قوات الدعم السريع بارتكاب هذه الجرائم التى يندى لها الجبين، بجانب عصابات قطاع الطرق التى انتشرت وتستغل الفوضى لممارسة أعمالها الإجرامية، فى تصادم مع القيم والأخلاق والعادات والتقاليد العربية، وتقاطعها مع صحيح الدين.
 
التقرير لم يكتف برصد جرائم الاغتصاب، ولكن أشار إلى الاستعباد الجنسى، وأن هناك أسواقا لبيع النساء فى «خور جهنم» بمنطقة دارفور، تباع فيها النساء المختطفات من شمال السودان وتحديدا من الخرطوم، أبرز مناطق النزاع المسلح، عندما تقودهن الميليشيات والعصابات ومجموعات قطاع الطرق إلى دارفور، ونقلهن عبر استخدام سيارات مكشوفة، وأن هناك شهود عيان أكدوا أنهم شاهدوا فتيات على متن تلك السيارات وبعضهن مقيدات بالسلاسل، لبيعهن واستعبادهن، من ناحية، ومساومة أسر بعض القاصرات للحصول على مقابل مادى من ناحية ثانية.
 
وأكد التقرير، أن الظاهرة فى تنامٍ كبير، وأنه صار من المعتاد أن يشاهد فى الطرق العامة، ومنها الطريق المؤدى إلى «كبكابية» اقتياد عشرات الفتيات فوق سيارات مكشوفة، ومقيدة بالسلاسل، والدفع بهن إلى الأسواق فى دارفور، وغيرها. 
 
ورصد التقرير اعترافات بعض الناجيات، واللاتى وصل عددهن إلى 45 ناجية، بجانب روايات الشهود وأسر الضحايا اللاتى حررهن الجيش السودانى، والتى سردت تفاصيل الأسواق، وبيع الفتيات لأجانب من تشاد والنيجر.
 
تقرير المركز الأفريقى للعدالة ودراسات السلام، يتسق مع تقارير منظمات حقوقية دولية وإقليمية ومحلية رصدت ضلوع عناصر من قوات الدعم السريع، بارتكاب جرائم اغتصاب وعنف جنسى فى مناطق سيطرتها، إذ أعلنت «هيومن رايتس ووتش» أن قوات الدعم السريع، وميليشيات متحالفة معها فى السودان، اغتصبت عشرات النساء والفتيات فى الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور.
 
كما أكد الاتحاد الدولى لتنظيم الأسرة أنه وبعد مرور 10 أشهر على الحرب، ارتفعت معدلات العنف ضد النساء بشكل صادم ومؤلم، وتحديدا العنف الجنسى المتصل بالصراع، وعمليات الخطف، والاختفاء القسرى، ولفت الاتحاد الدولى لتنظيم الأسرة إلى منحى خطير للحرب، وذلك بإجبار النساء على المشاركة فى المعارك المسلحة، ومساعدة المسلحين بالإكراه!
 
«منظمة مستقبل النساء الدارفورية» لم تختلف كثيرا عما رصدته المنظمات السابق ذكرها، فقد أكدت أيضا أن 103 حالات اغتصاب وقعت فى جنوب دارفور وغربها منذ اندلاع الحرب بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع، كما رصدت مبادرة «ناجيات حرب 15 أبريل» ما يزيد على 80 حالة اغتصاب، بينهن أربع قاصرات فى الخرطوم وحدها، وأخريات تم احتجازهن واغتصابهن لأيام، وبعضهن تعرضن لاغتصاب جماعى منذ بداية الحرب، وبحسب المبادرة، فقد توفيت ثلاث نساء بسبب الاعتداءات الجنسية، ولم يتسنَّ لعناصر المبادرة الوصول إلى دارفور بسبب سوء الأوضاع.
 
الظاهرة المقيتة والموجعة للإنسانية، فى السودان المكلوم، مستمرة وفى تصاعد مستمر، وهو ما اتفق عليه كل المنظمات الحقوقية المحلية والإقليمية والدولية.
 
الشاهد من هذا الرصد الموجع والمؤلم، والمنشور فى تقارير المنظمات، والصحف السودانية ذاتها، أن الفوضى نار إذا اشتعلت، لن تزر لها وازرة، وستقضى على كل وسائل الحياة، والقتل سيكون على الهوية، والدماء تُغرق الشوارع، وستندثر المرجعية، فلن تكون هناك مرجعية محل إجماع وثقة من الجميع، يمكن اللجوء لها لبث الأمن والأمان، وستكون الكلمة العليا والوحيدة، للميليشيات المسلحة والعصابات والبلطجية، فمن ينجو من الموت قتلا، فلن ينجو من الموت غرقا عند الفرار والهروب!
 
كل الأزمات والصعوبات يمكن تجاوزها، بالجهد والعمل والإرادة والتكاتف، إلا نار الفوضى، عندما تشتعل ستقضى على الأخضر واليابس، وتستمر عقودا طويلة، وربما تزيل الوطن من فوق الخريطة!






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة