تظهر عدة مؤشرات على الخلافات المتزايدة بين الرئيس الأمريكى جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بعد مرور 5 أشهر على بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، حيث تكشفت التوترات بعد أن تحدث الرجلان بفارق يوم واحد ولكن فى عوالم بعيدن تعكس التوتر المتزايد، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز.
تناول بايدن ونتانياهو "مستقبل المعركة فى غزة"، تحدث نتنياهو عن الحرب وكيف ستستمر حتى لو كان هناك وقف مؤقت لإطلاق النار لضمان إطلاق سراح الرهائن، لكنه “تأخر إلى حد ما"، وتحدث بايدن عن السلام وكيف يمكن للهدنة أن تؤدى إلى إعادة تنظيم أوسع من شأنها أن تنهى الصراع المستمر.
لدى نتنياهو مصلحة ملحة فى إطالة أمد الحرب لتأجيل يوم الحساب عندما سيواجه المساءلة لفشله فى منع طوفان الأقصى، ولدى بايدن حافز قوى لإنهاء الحرب فى أقرب وقت ممكن لإخماد الغضب فى الجناح اليسارى لحزبه قبل حملة إعادة انتخابه عندما سيحتاج إلى كل الدعم الذى يمكنه الحصول عليه.
وفى الوقت نفسه، لدى كل منهما سبب للاعتقاد بأنه قد يحصل على صفقة أفضل إذا خسر الآخر منصبه، ويدرك مستشارو بايدن أن حكومة نتنياهو قد تسقط ردًا على الهجوم الإرهابى، بينما قد يفضل رئيس الوزراء الإسرائيلى، شراء الوقت حتى نوفمبر فى حال استعاد الرئيس السابق دونالد ترامب السلطة.
قال فرانك لوينشتاين، المبعوث الخاص السابق للسلام فى الشرق الأوسط فى عهد باراك أوباما: "من العدل تمامًا القول أن بايدن ونتنياهو لديهما جداول زمنية مختلفة فيما يتعلق بحرب غزة وأعتقد أن هذا جزء متزايد الأهمية من المعادلة".
وتظهر الأهداف المتباينة هذا الأسبوع حيث يحاول المفاوضون التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن قبل بدء شهر رمضان وقال بايدن يوم الاثنين أن المحادثات التى توسطت فيها الولايات المتحدة تقترب من التوصل إلى اتفاق، وأنه يتوقع أن يبدأ وقف إطلاق النار بحلول نهاية نهاية هذا الأسبوع لكن هذا يعتمد على موافقة نتنياهو على صفقة مع حماس.
كانت العلاقة بين بايدن ونتنياهو معقدة خلال الأشهر الأربعة الماضية، فبينما تعانقوا على مدرج مطار فى تل أبيب عندما جاء بايدن لزيارة إسرائيل بعد أيام قليلة من عملية طوفان الأقصى، أصبحت مكالماتهم الهاتفية حادة مع مشاجرات متعددة حول العملية العسكرية الإسرائيلية التى تسببت فى استشهاد اكثر من 30 ألف فلسطينى غالبيتهم أطفال ونساء.
فى ديسمبر احتدمت المحادثة لدرجة أن بايدن أعلن أنه انتهى وأغلق الهاتف، وهى حادثة سبق أن أبلغ عنها موقع أكسيوس. وفى العلن، قاوم بايدن أى قطيعة أكثر صراحة، واستمر فى دعم حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها، وما زال يصف نفسه بأنه صهيونى، كما فعل مرة أخرى يوم الاثنين، حتى عندما اشتكى من أن "هناك الكثير من الأبرياء الذين يتعرضون للقتل".
على الجانب الاخر كان نتنياهو أكثر استعدادًا لتحدى بايدن علنا وهو الموقف الذى يسمح له بالقول أنه الشخص الوحيد القادر على مواجهة الضغوط الأمريكية من أجل حل الدولتين للنزاع الفلسطينى وبالتالى يجب الاحتفاظ به فى منصبه، مهما كانت الإخفاقات التى سبقت السابع من أكتوبر.
قال ألون بنكاس، القنصل العام الإسرائيلى السابق فى نيويورك: "كلما ابتعد نتنياهو عن السابع من أكتوبر، قلّت مسؤوليته ومساءلته، فى رأيه ومع اقتراب الوقت من السابع من أكتوبر، يقترب أيضًا من الخامس من نوفمبر، الانتخابات الأمريكية التى قد تعيد ترامب إلى السلطة"
وأضاف: "لكن الأمر أعمق من ذلك أعتقد أن نتنياهو يسعى إلى مواجهة مباشرة مع بايدن لأن ذلك مفيد لمصالحه السياسية. أنه يحاول تغيير السرد"
قالت نيويورك تايمز أن لعبه نتنياهو محفوفة بالمخاطر، حيث اصبح من الواضح أكثر من أى وقت مضى مدى اعتماد إسرائيل التى تعمل بمفردها على الولايات المتحدة - ليس فقط بالنسبة للذخائر التى تستخدمها فى حربها ضد ولكن للدفاع عنها على الساحة الدولية، حيث استخدمت واشنطن حق النقض ضد قرارات الأمم المتحدة المتكررة امام قرارات مجلس الأمن ودعمت إسرائيل فى محكمة العدل الدولية ضد دعوات الانسحاب الأحادى الجانب من الضفة الغربية.
هناك خلافات بين نتنياهو وشخصيات سياسية أخرى بشأن مسألة الرهائن. ويرى مسؤولو إدارة بايدن أن ذلك وسيلة لدق إسفين بين نتنياهو وبقية حلفائه فى حكومة الحرب ومن وجهة النظر هذه، فإما أن يقبل رئيس الوزراء صفقة الرهائن مقابل وقف إطلاق النار، أو أنه سيخسر الدعم الحاسم الذى اعتمد عليه للتشبث بالسلطة.
من جانبه، لدى نتنياهو مصلحته الخاصة فى فصل بايدن عن ائتلافه السياسى، قال لوينشتاين: "قد يحقق نتنياهو مكاسب من خلال دق إسفين بين بايدن والمجتمع الأمريكى العربى من خلال تهميشهم سياسيًا أن لم يكن هزيمة بايدن" وهو ما حدث يوم الثلاثاء فى ميشيجان، حيث كان الناخبون الأمريكيون العرب وغيرهم من المؤيدين للفلسطينيين يصوتون “غير ملتزمين” فى الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطى احتجاجًا على دعم بايدن لإسرائيل.
وقالت مارا رودمان، النائبة السابقة للمبعوث الخاص لسياسة الشرق الأوسط فى عهد أوباما، إن نتنياهو سيعتبر لعب دور فى إزاحة بايدن فوزا مربحا للجانبين، مهما كان ذلك يتعارض فى الواقع مع مصالح الشعبين الإسرائيلى والفلسطيني”.
وفقًا لبعض المحللين الإسرائيليين إذا لم يتمكن من إزاحة بايدن، فقد يتمكن من إلقاء اللوم عليه، قد يكون هدف نتنياهو المعلن فى كثير من الأحيان بتدمير حماس غير واقعى عسكريا، وفقا لمحللين أمنيين، وبالتالى إذا فشل فى تحقيق ذلك، يمكن لرئيس الوزراء أن يشير إلى الضغط الأمريكى باعتباره السبب.
قال ميتشل باراك، خبير استطلاعات الرأى والمحلل الإسرائيلى الذى عمل كمساعد لنتنياهو فى التسعينيات: "بايدن يخسر الأصوات، والناس يصرخون فى وجهه بالإبادة الجماعية أينما ذهب ونتنياهو لا يقدم له أى دعم لأن بايدن هو كبش فداء جيد لسبب عدم تحقيق نتنياهو النصر الكامل”.
وأضاف: "نحصل على مستوى غير مسبوق من الدعم من بايدن عسكريا ومعنويا وعاطفيا وعالميا ومن جهتنا نردها بالحجج التافهة والإعلانات السياسية الداخلية واصطياد التطرف لإثارة غضب الناس".