يحتاج الزخم المتنوع من مسلسلات رمضان المقبل إلى خطة محكمة للتفضيل والاختيار، وهنا يقع المشاهد فى حيرة من أمره، فعلى أى أساس يكون الانتقاء؟ أم يتصرف بعشوائية ويشاهد ما يتصادف عرضه على الشاشة فى أوقات تناسبه؟
شخصيا لا أترك الأمر للظروف أو المشاهدة العشوائية، فأيام رمضان مزدحمة بالأحداث والتفاصيل، وعدد الأعمال المرشحة كبير، وقدرة المواطن على استيعاب كل المعروض محدودة، وتزيد أو تقل وفق شخصيته واهتماماته.
بحكم الخبرة، لم أعد أقع فى خدعة انتقاء ما أشاهده تحت إغراء اسم النجم أو النجمة، ولكن تعودت الاهتمام بمؤلف المصنف الفنى، خاصة إذا كانت سابقة أعماله تشهد بالجودة، ثم يأتى اسم المخرج، فمنهم من أثق فى حسن اختياره للنص الذى يقدمه، وللنجوم المناسبين وفريق العمل المساند فى العملية الإبداعية.
وفقا لهذه المحددات، العمل الأول الذى أضعه على قائمة جدول مشاهدتى هو «عتبات البهجة»، فهو عن نص أدبى للكاتب إبراهيم عبدالمجيد، وهو أديب حققت أعماله نجاحات سابقة شديدة التميز، إضافة لاسم نجم العمل يحيى الفخرانى، الذى يعد من أهم عوامل الجذب، لأنه من النجوم القلائل الذين نادرا ما يسيؤون الاختيار، واسمه من علامات الجودة، ثم إنه ليس لديه هلع الوجود على خريطة رمضان كل عام، وإذا لم يجد ما يثير اهتمامه وغدد إبداعه يتوقف عن العمل، وفوق كل هذا فإن مسلسل «عتبات البهجة» 15 حلقة، بمعنى أن كاتب السيناريو مدحت العدل لن يلجأ للشد والمط ليزيد عدد الحلقات عنوة ويفسد الدراما.
كما أن العمل يمنح مساحة كبيرة لنجوم شباب، وآخرين مخضرمين لهم ثقل فى عالم الدراما، وضف إلى ذلك أن مخرج العمل مجدى أبوعميرة سبق أن قدم مع يحيى الفخرانى أكثر من مسلسل ناجح، مثل «يتربى فى عزو» الذى أحدث نجاحه دويا هائلا من وقت عرضه للآن.
من المسلسلات التى أنتظرها بكل تفاؤل واهتمام، وأكاد أراهن عليها من الآن، «الحشاشين» واسم مؤلفه عبدالرحيم كمال من أهم أسباب الجذب، وأعماله السابقة تشهد بأنه أصبح خلال السنوات الأخيرة من فرسان الكتابة الدرامية، ويكفى أن قائمة أعماله تضم المسلسل الفاخر «الخواجة عبدالقادر»، و«جزيرة غمام»، ومع «الحشاشين» الذى يمتد لـ30 حلقة نعود للدراما التاريخية. والمثير فى الأمر أنه اختار فترة لم يقترب منها أى من المبدعين سابقا، رغم أهميتها وغزارة أحداثها المفصلية فى التاريخ.
«الحشاشين» طائفة شيعية قادمة من فارس، ظهرت لضرب الدولة الفاطمية فى القرن الـ11 الميلادى، وكانت نقاط تجمعهم فى فارس والشام، أسس الطائفة الحسن بن الصباح الذى اعتمد على الاغتيال للتخلص من معارضيه ومنافسيه، وفرض نفوذه وسيطرته على المنطقة، ولم يكسر شوكة طائفته إلا بعض المماليك الذين كانوا يسعون بدورهم للسيطرة على كثير من الأراضى العربية مثل مصر والشام والعراق.
الأحداث شديدة الثراء والإثارة، والمسلسل يلعب بطولته كريم عبدالعزيز وفتحى عبدالوهاب، وهو ما يبشر بمباراة ساخنة فى الأداء، خاصة مع وضع تجارب المخرج بيتر ميمى السابقة والناجحة فى الحسبان.
المخرجة الشابة نادين خان قدمت تحديات فنية مميزة، رغم قلة أعمالها للسينما والتليفزيون، وأشهرها مشاركتها فى المسلسل المدهش «سابع جار، ليه لأ، ومين قال؟»، لذا أتوقع أن تقدم مزيدا من النجاح المدعم بروح شبابية إبداعية مختلفة عن السائد مع مسلسل «مسار إجبارى»، بطولة عصام عمر الذى ينتظر أن يقفز للمرة الثانية نحو النجاح الذى يستحقه بعد تألقه فى مسلسل «بالطو»، وأحمد داش، ومجموعة من الممثلين المحترفين من فئات عمرية مختلفة.
يدفعنى الفضول لمتابعة مسلسل «إمبراطورية ميم» المأخوذ عن قصة لإحسان عبدالقدوس، أحد كبار الكتاب اللامعين الذين ما زالت السينما والتليفزيون تنهل من مؤلفاتهم، وسبق أن قدمت فاتن حمامة نفس القصة للسينما فى فيلم أخرجه حسين كمال وصادف كثيرا من النجاح، رغم أنه حول نقطة الثقل والشخصية المحورية إلى أرملة تقوم بتربية أبنائها الـ6 فى أعمار مختلفة، وتفرض عليهم سيطرتها بصفتها الأم وصاحبة النفوذ ومصدر التمويل الوحيد لاقتصاد الأسرة.
فى المسلسل الذى يخرجه محمد سلامة، وكتب له السيناريو محمد سليمان عبدالملك، تعود الأمور إلى نصابها، أى أن البطولة ونقطة الثقل تصبح للأب/ بطل الرواية الرئيسى، ويلعب دوره خالد النبوى، مع فريق من النجوم الشباب بينهم ابنه «نور»، الذى بدأ صعود سلم الشهرة وحقق نجاحا ملحوظا من خلال فيلم «الحريفة»، ويتوقع أن يناقش المسلسل مشاكل الشباب وصدامهم الدائم مع السلطة الأبوية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة