سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 9 ديسمبر 1990.. الرئيس الأمريكى جورج بوش «الأب» يقنع إسرائيل بعدم التدخل فى الحرب ضد العراق حتى لو نفذ صدام وعده بضرب «تل أبيب» بالصواريخ

الإثنين، 09 ديسمبر 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 9 ديسمبر 1990.. الرئيس الأمريكى جورج بوش «الأب» يقنع إسرائيل بعدم التدخل فى الحرب ضد العراق حتى لو نفذ صدام وعده بضرب «تل أبيب» بالصواريخ    جورج بوش الأب

كان الرئيس الأمريكى جورج بوش «الأب» وإدارته يواصلون تهيئة الظروف أمام التحالف الدولى والعربى بقيادة واشنطن لضرب العراق، نتيجة احتلال جيشها الكويت فى أغسطس 1990، وكانت أنظار الأطراف العربية مهتمة بشكل خاص بموقف إسرائيل مما يجرى، خاصة أن الرئيس العراقى صدام حسين هدد بأن «تل أبيب» ستكون تحت تهديد صواريخه، مما وضع الأنظمة العربية فى حرج وقتئذ، خاصة أن جميعها كان على عداء معلن معها، باستثناء مصر التى ترتبط معها باتفاقية سلام، فكيف تصرف «بوش» أمام ذلك؟

يجيب الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل عن هذا السؤال فى كتابه «حرب الخليج وأوهام القوة والنصر»، مشيرا إلى أن إسرائيل كانت طرفا طلب إليه أن يشارك فى الأزمة من وراء الستار فى صمت، لأن ظهوره من شأنه أن يحرج الأطراف العربية فى التحالف، ويزيد من قلق الشعوب العربية التى كانت مشاعرها متيقظة على الآخر أثناء أزمة الخليج، وكانت إسرائيل تلح على أن يظهر دورها كشريك كامل وظاهر فى التحالف، ومن المفارقات أن ذلك كان قصد العراق أيضا.

يذكر هيكل، أن رئيس الوزراء الإسرائيلى إسحاق شامير قبل إلحاح «بوش» ووزير خارجيته «جيمس بيكر» أن يتذرع بالصبر، ويترك الأمور تسير دون أن يعقدها بأكثر مما هى معقدة، وقبل شامير بالنصيحة لبعض الوقت، ولكنه تصور أن فرصته جاءت للظهور العلنى على المسرح حينما أعلن مجلس قيادة الثورة العراقى فى 23 سبتمبر 1990 بأن العراق سوف يضرب إسرائيل ومنشآت النفط الكويتية بالصواريخ إذا تعرض للهجوم.

يوضح «هيكل» سبب رغبة العراق فى أن تكون إسرائيل طرفا معلنا، وهدف إسرائيل من أن تكون كذلك أيضا، قائلا: «كان هدف العراق توسيع نطاق المعركة المحتملة بحيث تدخلها إسرائيل كطرف ظاهر بدل بقائها كطرف خفى، ثم يؤدى ظهورها بدورها الحقيقى إلى ردة الفعل الطبيعية إزاء ذلك فى موقف الشعوب العربية، ومن ثم تضطر الدول العربية فى التحالف إلى مواجهة حالة جديدة تماما، وكان بين مقاصد إسرائيل أن تدخل عضوا كاملا وظاهرا فى التحالف، مما يعطيها شرعية فى التعاون مع دول المنطقة خلال أزمة من نوع معقد، تنفذ منها، فإذا هى شريك شرعى ومعترف به فى مصائر المنطقة، ومن هنا انتهز شامير فرصة البيان العراقى وكتب إلى «بوش» بأن إسرائيل سوف تعطى نفسها حرية العمل عسكريا ضد العراق منفردة إن لم تجد لنفسها مكانا ترضاه فى التحالف».

أدت رغبة شامير إلى أن يدعوه بوش للقائه، ويذكر هيكل: «يوم 9 ديسمبر، مثل هذا اليوم، 1990، كان هذا اللقاء الموعود بين الاثنين فى البيت الأبيض، واستطاع فيه «بوش» أن يحصل على تعهد صريح من «شامير» بأن إسرائيل لن تتدخل فى أى حرب قادمة حتى وإن حاول العراق استفزازها بتوجيه ضربات إليها، والدليل على نفاذ هذا الاتفاق هو أنه تحقق فعلا أثناء الحرب، فقد تعرضت إسرائيل لـ39 صاروخا «سكود» ولم ترد عليها، وهى التى تعودت فى المنطقة أن ترد على طلقة رصاص واحدة بغارة جوية كاملة».

يؤكد «هيكل» أنه إذا كان من الصعب على أحد أن يصل إلى التفاصيل الدقيقة لما دار بين «بوش» و«شامير»، أثناء اجتماعهما فى البيت الأبيض يوم 9 ديسمبر، فإن هناك إشارات كافية لرسم إطار عام لهذا الحوار، وبين هذه الإشارات، تصريح لبوش يوم 11 ديسمبر، وقد سئل عما إذا كانت إسرائيل تعتبر عضوا فى التحالف ضد العراق، وكان رده: إن إسرائيل حقيقة فاعلة فى الشرق الأوسط، ولا بد أن يكون لها رأى ودور فى أزماته، ولكن المسألة هى: كيف؟، وإن الولايات المتحدة تتمثل مصالح إسرائيل فى كل تصرفاتها، وفى الوقت الحالى فإن الأحداث تجرى لصالح إسرائيل دون أن تفرض عليها تضحيات لا داعى لها، وهذا يناسبها أكثر.

يضيف هيكل، أن بوش أشار إلى اتصالات الأمير بندر بن سلطان سفير السعودية فى أمريكا مع زعماء المجالس اليهودية فيها، وقال ما مؤداه أن إسرائيل أمامها أن تفقد أعصابها وتتدخل فى معركة معقدة وتضاعف من تعقيداتها، أو تضبط أعصابها وتنتظر لتدخل بعد ذلك شريكا كاملا فى مستقبل الشرق الأوسط بعد الحرب، ومن خلال التسوية العامة المنتظرة فى أعقابها، وقال شامير إنه يشك فى أن وعود الأمير بندر للزعماء اليهود قابلة للتنفيذ بسبب أوضاع تقليدية فى السعودية، وكان تقدير الرئيس بوش أن السعودية مستعدة، وكانت نصيحته «عدم تضييع فرصة لن تعود مرة أخرى إذا ضاعت». يؤكد هيكل، أنه من المرجح أن شامير خرج من البيت الأبيض وهو يعرف موعد الهجوم بالضبط، وكان ذلك ما قاله هو بنفسه لعدد من أعضاء وزارته قبل اجتماع استثنائى عقدته الوزارة الإسرائيلية يوم 19 يناير 1991.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب