خالد عزب

هل المصريون شعب يقرأ؟

الثلاثاء، 08 أكتوبر 2024 06:23 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تمثل مصر حالة يمكن من خلالها اختزال المشهد العربي للقراءة ليس لتوسط موقعها المنطقة العربية، بل لكونها تتوسط الحراك الثقافي العربي بين مشرق ومغرب الوطن العربي، إننا نستطيع أن نؤكد أن القراءة تلقت تدفقًا في ظل المشروع الثقافي للدولة المصرية في الخمسينيات والستينيات، لكن كان ذلك مشروع الدولة الذي شهد تحولات عديدة منذ السبعينيات، حيث كان المشهد توجيهيًا من الدولة سواء عبر قصور الثقافة أو مكتبات المدارس، جاء انتشار الإذاعة ثم التلفاز بصورة كبيرة في مصر مع السبعينيات ثم صعود النشر الخاص بتوجهاته المختلفة إلى تغير في المنتج المقدم للقارئ.


مع ظهور مشروع مكتبة الأسرة في مصر بدأت مصر في تكوين قراء من أعمار جديدة وبدا وكأن هناك تصاعدًا في القراءة، بدأت مصر تجني ثماره مع انتشار شبكة الإنترنت والإقبال عليها لكن لدينا عدة معطيات يمكن القياس عليها هي:
شبكة المكتبات العامة في مصر والتي ترتكز على ما يلي:
- مكتبات قصور الثقافة 
- مكتبات الجمعيات الأهلية "الشبان المسلمين" على سبيل المثال
- مكتبات مصر العامة 
-  مكتبات الأفراد في القرى
ثم أنه لا يخلو مسجد في مصر من مكتبة تتيح القراءة والاستعارة منها، هذا كله يخلق فضاءات للقراءة الورقية تجعل من القراءة أمرًا منتشرًا بين المصريين ، لذا كيف اتجه أهل مصر للقراءة ؟
رموز أدبية وفكرية وثقافية حققت إنجازات بحيث صارت قدوة محفزة للأجيال الجديدة على تحصيل العلم والمعرفة، فقد جاء فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل في الأدب لكي يعطي دفقات متتالية لحركة الكتابة الأدبية في مصر، تواكبت مع صعود جيل من القراء جديد، فضلاً عن ظهور مبدعين جدد منذ الثمانينيات سرعان ما سيكون لدينا جيل آخر مع بدايات القرن 21م، بحيث صارت الرواية في مصر لها مبدعين بالمئات، كما جاء فوز الدكتور أحمد زويل بجائزة نوبل أيضًا ليطرح تساؤلات علمية فولد هذا اهتمامًا على جانب آخر، أضف إلى ذلك رموز عديدة يعدوا أمثلة يمكن الاحتذاء بهم مثل: عباس محمود العقاد، طه حسين، أحمد شوقي، حافظ إبراهيم، مصطفى صادق الرافعي وغيرهم.


مثل انتشار التعليم الجامعي في مصر وخاصة في محافظات الدلتا والصعيد حافزًا على ظهور حركة النشر للكتب في مدن مثل: طنطا، المنصورة على سبيل المثال، هذا ما أدى إلى ظهور كُتاب من خارج نطاق نخبة متمركزة في القاهرة والإسكندرية، صار لهم جمهورهم وقرائهم، تواكب هذا مع ظهور مبدعين خارج دائرة الضوء الرسمية مثل الدكتور أحمد خالد توفيق الذي عاش ومات في طنطا، ليقدم أدب الرعب أو الأدب الممزوج بالخيال العلمي، ويقدم شخصيات عاش معها رواد أدبه عبر عدد من ابداعاته المتدفقة.


كان توزيع الكتاب في مصر يرتكز على منافذ دور النشر الخاصة وعلى سلسلة مكتبات الهيئة المصرية العامة للكتاب ودار المعارف والأهرام وأخبار اليوم، حتى أحدثت سلسلة مكتبات خاصة اختراقًا كبيرًا بنجاحات غير مسبوقة وهي: ألف/ ديوان/ الشروق، مكتبة الدار المصرية اللبنانية، لتشهد صعود سلاسل: عصير الكتب/ ميكرفون، آليات جديدة في الانتشار والتسويق تعتمد على وسائط التواصل الاجتماعي، والعلاقة عبرها بين المؤلف والقارئ، ثم بناء مجتمعات القراءة وحفلات التوقيع.
كما قدم بعض الشباب شبكات خاصة لتوزيع الكتب عبر شبكة الإنترنت.

مَثل الكتاب المستعمل ودورته فضاءًا كاشفًا لحركة القراءة إذ تزدهر هذه النوعية من الكتب حتى تعددت مصادر وجودها، فهي قديمًا كانت تتمركز في القاهرة "سور الأزبكية" وفي الإسكندرية "سور النبي دانيال" الآن هي متعددة، بدأت في أسوار الجامعات الإقليمية، ثم مع شبكة الإنترنت صارت هناك تجارة واسعة لها، بل إن العديد ممن يمتلكون مكتبات خاصة يطرحون مكتباتهم للتوزيع المجاني لمن يرغب في القراءة، بل إن مكتبات مصر العامة دخلت على هذا المضمار بطرح الكتب الزائدة لديها للبيع للجمهور.


هناك عدد من الظواهر تتعلق بالشباب في ريف مصر، إذ كان حتى الثمانينيات يجري تبادل الكتب بينهم برزت هذه الظاهرة مع انتشار سلاسل مثل "المغامرون الخمسة – الشياطين 13 – ميكي جيب" لكنها زادت وتطورت مع وسائط التواصل الاجتماعي في الريف المصري خاصة لتشمل عناوين كثيرة.

 

فماذا يقرأ المصريون إذًا؟

إن رصد حركة القراءة في مصر يقتضي أن يكون هناك بنية من الاحصائيات التي تقدم أرقامًا واضحة، وفي حقيقة الأمر إن من يقدم بيانات دقيقة هو مكتبات مصر العامة من خلال أرقام المشتركين وحركة القراءة والاستعارة بها ومكتبة الإسكندرية، جاءت مجموعات القراءة وبرامج مثل الحق في القراءة في مكتبات مصر العامة لتعزز جمهورها من القراء، خاصة أن الجمهور من 9 سنوات إلى 35 سنة يمثل ما يقرب من 68% من عدد المترددين على هذه المكتبات، كما أن ارتباط مكتبات مصر العامة بالمدارس حولها يعزز من قدرات القراءة لدى الأجيال الجديدة، في عام 2020م قامت مكتبات مصر العامة بإعارة 263050 كتاب، فيما بلغ عدد القراء داخل المكتبات 69327 كتاب، وجاء عدد الزوار 1285147، وذلك في 13 فرع للمكتبات.


وفي حين آخر أغلقت مكتبات جمعية الشبان المسلمين أبوابها أمام القراء في القاهرة والإسكندرية، زاد الإقبال على حركة تبادل الكتب أو إهدائها على شبكة الإنترنت، وهنا يظهر لنا أن شرائح القراء المصريين يركزون على ما يلي:


- حركة الأدب الجديد التي يقودها فصيل من الشباب الكُتاب، وراءهم دور نشر ناشئة، هنا نحن نتحدث عن جيل بين 15 إلى 35 عام، ويتجه هؤلاء إلى قراءة السير الذاتية، وكتب التاريخ وبدرجة اقل كتب الفلسفة وعلم النفس.
- قراءة الكتب الأدبية والتاريخية وهنا نتحدث عن جيل بين سن 25 إلى 40 عامًا، وهو الجيل الذي بدأ القراءة مع مشروع "القراءة للجميع" الضي انطلق عام 1994م، هذا الجيل يفضل الأدباء المشهورين مثل: بهاء طاهر، نجيب محفوظ، إحسان عبدالقدوس، مع إطلالات لاكتشاف الكُتاب الجدد، فضلاً عن قراءته للأجيال القديمة مثل: طه حسين، عباس العقاد، الرافعي.. إلخ.
- هناك شريحة واسعة من سن 15 إلى كبار السن هؤلاء يقرؤون الكتب الدينية والأدب الكلاسيكي، ويشكلون نسبة كبيرة من القراء ويتمركزون خارج القاهرة والإسكندرية، وهناك كتب يعاد طباعتها عدة مرات مفضلة لديهم أشهرها "رياض الصالحين"، ومن هنا نرى كتب التراث التي تطبعها الهيئة العامة لقصور الثقافة مفضلة لدى قطاعات واسعة من هذه الشريحة.
إن انتشار أندية القراءة في مصر منذ عام 2011م، أدى إلى وجود ثقافي موازي للمؤسسات الرسمية، نجح في إحداث حراك لمناقشة الكتب، والتعرف على المؤلفين، فصارت جسر بين القارئ والمؤلف، وكانت سببًا في ازدهار القراءة نسبيًا في مصر.


 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة