المستشارة ياسمين موسى صوت مصر والعرب أمام محكمة العدل الدولية تكشف لـ«اليوم السابع» كواليس مواجهة الاحتلال فى «لاهاى»: إسرائيل لا تحترم قرارات الشرعية الدولية.. ونعانى ازدواجية فى المعايير تجاه الوضع فى غزة

الإثنين، 07 أكتوبر 2024 02:00 م
المستشارة ياسمين موسى صوت مصر والعرب أمام محكمة العدل الدولية تكشف لـ«اليوم السابع» كواليس مواجهة الاحتلال فى «لاهاى»: إسرائيل لا تحترم قرارات الشرعية الدولية.. ونعانى ازدواجية فى المعايير تجاه الوضع فى غزة المستشارة ياسمين موسى
حوار - أحمد جمعة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

** المرافعة الشفهية كانت آخر محطة فى عملية استمرت عدة أشهر

 

فى الحياة اختبارات ثقيلة ومسؤوليات جسام، إلا أن المهام حينما تصادف أهلها، يكون التوفيق حليفا، والنصر حاضرا، مهما امتلك أهل الباطل من منابر إعلامية تبرر، ومراكز ضغط دولية تدعم، ولما كان الاختبار ثقيلا، حيث حصدت آلة القتل الإسرائيلية أرواح عشرات الآلاف من أبناء قطاع غزة، كانت الدولة المصرية حاضرة كما كانت، وداعمة كما اعتادت، لتعلن الانضمام إلى جنوب أفريقيا فى الدعوى المقدمة لمحكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، ليقع حينها الاختيار على المستشارة ياسمين موسى، لتقود فريق مصر فى تلك المواجهة التى انتهت بانتصار مدو فى ميادين القانون، وقرارات كان لها صدى واسع، قادت الولايات المتحدة الأمريكية لعرقلة مسارات تنفيذها عبر الفيتو، وعبر وسائل أخرى.. عن الكواليس والحيثيات، والمواجهات القانونية المرتقبة مع دولة الاحتلال، ورؤيتها لكيفية تعزيز قرارات المحاكم الدولية وتدعيمها بقوة الفعل، كان لنا هذا اللقاء مع المستشارة ياسمين موسى.. وإلى نص الحوار:

 

ما الآثار القانونية المترتبة على جرائم الاحتلال الإسرائيلى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة؟

وفقا للرأى الاستشارى، الصادر عن محكمة العدل الدولية فى يوليو 2024، فإن الجرائم الإسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة لا تشكل انتهاكا للقانون الدولى الإنسانى فحسب، ولكنها تشكل أيضا انتهاكا لمبدأ عدم جواز الضم والاستيلاء على الأراضى بالقوة، وبالتالى فهى تمثل خرقا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وحق تقرير المصير، وهو الأمر الذى يؤكد عدم شرعية استمرار الاحتلال الإسرائيلى، ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضى الفلسطينية المحتلة فى أقرب وقت، والكف الفورى عن أنشطة الاستيطان وإجلاء كل المستوطنين من الأراضى الفلسطينية المحتلة، وبتعويض الفلسطينيين عن الأضرار التى لحقت بهم، كما أكدت المحكمة التزام كل الدول بعدم الاعتراف بالأوضاع الناشئة عن هذا الاحتلال غير الشرعى وبالأنشطة الاستيطانية.

ما هى العناصر الأساسية التى استندت لها كلمة مصر خلال مرافعتك أمام محكمة العدل الدولية؟

العناصر الأساسية التى استند إليها البيان المصرى أولا: سياسة إسرائيل اللاإنسانية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وانتهاكها لكل حقوق الشعب الفلسطينى من خلال احتلالها الممتد للأراضى الفلسطينية، وثانيا: حق الشعب الفلسطينى المشروع فى دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وثالثا: الإيمان بعدالة القضية الفلسطينية والحقوق الفلسطينية المشروعة، ورابعا: موقف مصر الثابت والقوى تجاه القضية الفلسطينية.
وتضمن البيان استعراض انتهاكات الاحتلال الإسرائيلى بما فى ذلك سياسات الاستيطان وضم الأراضى وهدم المنازل والتهجير القسرى، والممارسات الإسرائيلية التى تهدف إلى تهويد القدس، ومخالفة ذلك لأربعة مبادئ أساسية من مبادئ القانون الدولى، أولها: قوانين وأعراف الحرب والقانون الدولى الإنسانى، وثانيا: مبدأ حظر ضم الأراضى والاستيلاء على الإقليم بالقوة، وثالثا: انتهاك حق تقرير المصير، ورابعا: خرق الاحتلال الإسرائيلى لمبدأ حظر التمييز والفصل العنصرى.
ولقد سعدت كثيرا أنه عندما صدر الرأى الاستشارى لمحكمة العدل الدولية، كان متضمنا لعدد كبير من الدفوع والفقرات الواردة بالبيان المصرى.

هل أحكام العدل الدولية ملزمة.. ولماذا ترفض إسرائيل الخضوع لأحكامها؟

وفقا لميثاق الأمم المتحدة والنظام الأساسى لمحكمة العدل الدولية، تكون أحكام محكمة العدل الدولية ملزمة لأطراف الدعوى، ويمكن اللجوء لمجلس الأمن لإنفاذها، إلا أنه يتعين التفرقة بين الدعاوى المنظورة أمام المحكمة بين الدول من جهة، والآراء الاستشارية التى تطلبها المنظمات الدولية من جهة أخرى، ففى حالة الآراء الاستشارية، فإنها ليست ملزمة فى حد ذاتها، وإن كانت تحمل قيمة أدبية كبيرة، بحيث يكون لعدم احترامها كلفة سياسية كبيرة فى أغلب الأحوال.
وكثيرا ما رفضت إسرائيل احترام قرارات الشرعية الدولية، ضاربة بعرض الحائط بقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن، غيرها من المنظمات الدولية، وعليه ليس من المستغرب أن تتجاهل إسرائيل الآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية منتهجة سياسة الأمر الواقع.

هل هناك ازدواجية فى تعامل المجتمع الدولى تجاه الكارثة الإنسانية فى غزة؟

مما لا شك فيه أن هناك ازدواجية فى المعايير فى التعامل مع الوضع الإنسانى الكارثى فى قطاع غزة، ومن شواهد ذلك الاختلاف الكبير فى تعامل الغرب مع كل من قضية أوكرانيا والقضية الفلسطينية، فمثلا عارضت الكثير من الدول الغربية ملاحقة المسؤولين الإسرائيليين فى المحكمة الجنائية الدولية فى الوقت الذى شجعت فى هذه المحكمة على ملاحقة المسؤولين الروس اتصالا بالوضع فى أوكرانيا، وذلك فضلا عن استخدام حق الفيتو أكثر من مرة لتعطيل صدور قرار عن مجلس الأمن بوقف إطلاق النار فى غزة، كما شنت الدول الغربية حملة شرسة على وكالة غوث اللاجئين، بما أثر سلبا على إمدادات المساعدات الإنسانية وفاقم من الوضع الإنسانى.

ما تداعيات ضرب بعض الدول أحكام المحاكم الدولية عرض الحائط؟

التداعيات هى تأجيج وتفاقم الصراعات والتأثير سلبا على مصداقية القانون الدولى والنظام الدولى بأسره.
ما دلالات انضمام مصر لدعوى جنوب أفريقيا فى العدل الدولية؟
أعلنت مصر فى مايو 2024 اعتزامها التدخل فى هذه الدعوى، وهو ما يعكس الموقف الثابت للدولة المصرية بدعم القضية الفلسطينية، والعمل على عودة حقوق الشعب الفلسطينى، وجاء ذلك على خلفية تفاقم حدة الاعتداءات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين، وتدمير البنية التحتية فى قطاع غزة، ودفع الفلسطينيين للنزوح والتهجير، مما خلق أزمة إنسانية غير مسبوقة فى القطاع، وبما يهدد أمن وسلم المنطقة بأسرها.

هل يمكن أن تكون هناك مواجهة قانونية أخرى مع الاحتلال.. وهل كان هناك تنسيق مشترك فى العدل الدولية سواء مع الوفدين الفلسطينى والجنوب أفريقى؟

صدر أول رأى استشارى من محكمة العدل الدولية تناول الانتهاكات الإسرائيلية عام 2004، عندما أكدت المحكمة عدم شرعية الجدار العازل، وستستمر المواجهات فى مختلف المحافل القانونية والقضائية ما دام قد استمر هذا الاحتلال غير الشرعى، والإمعان الإسرائيلى فى انتهاك حقوق الشعب الفلسطينى.
بطبيعة الحال، كان هناك تنسيق رسمى وغير رسمى سواء مع الوفد الفلسطينى، أو وفود الدول العربية فى إطار الإعداد للرأى الاستشارى.

لماذا ننجح فى انتزاع أحكام قانونية ونفشل فى تطبيقها؟

إن نجاحنا فى انتزاع الأحكام يرجع إلى صلابة المواقف الفلسطينية من الناحية القانونية، وتعنت الجانب الإسرائيلى وتملصه من التزاماته الدولية.

ما تداعيات عدم احترام الدول أحكام القانون الدولى؟

إن ذلك يؤثر سلبا على فاعلية ومصداقية النظام الدولى.
فى رأيك هل نحن بحاجة للقيام بإصلاحات فى مجلس الأمن وبعض المحاكم الدولية كى يتمكن العالم من ملاحقة الدول التى تنتهك القانون الدولى؟
قطعا النظام الدولى بأسره يحتاج إلى مراجعة، أخذا فى الاعتبار ازدواج المعايير فى تطبيق القانون الدولى، وتسيير الدول الكبرى للمنظمات الدولية وفقا لأهوائها، ومن أهم الملفات التى تعمل عليها مصر الآن هى ملف إصلاح وتوسيع مجلس الأمن بما فى ذلك ممارسة حق الفيتو، وهو ملف غاية فى الأهمية، إذا أردنا نظاما دوليا عادلا قائما على احترام الحقوق وسيادة القانون.
كما يتعين العمل على ضمان أمثال الدول لأحكام وقرارات محكمة العدل الدولية، وهو الأمر الذى إن لم يتحقق فلن يطال فقط دور وسلطة محكمة العدل الدولية وإنما المنظومة الدولية القائمة بكل مؤسساتها.

ما هى كواليس التحضير لكلمة مصر أمام العدل الدولية.. وكيف استقبلت الإشادات الكبيرة من الشارع المصرى والعربى بلباقتك وتميزك فى إلقاء كلمة مصر؟

المرافعة الشفهية كانت آخر محطة فى عملية استمرت لأشهر، تضمنت إعداد مذكرتين قانونيتين للمحكمة، وتكللت بالمرافعة الشفهية فى لاهاى، وجاءت المرافعة المصرية على هذا النحو على ضوء موقف مصر الواضح والثابت تجاه القضية الفلسطينية.
كان رد الفعل مفاجأة كبيرة لم أكن أتوقعها، وطبعا شعرت بالامتنان الشديد لله سبحانه وتعالى أننى نلت هذا القدر من الرضا، وأننى استطعت أن أؤدى المهمة التى كلفت بها على أكمل وجه، وكنت عند حسن ظن من وثق بى لتمثيل بلدى فى هذا الحدث الجلل، وكانت من أكثر المواقف تأثيرا عقب إلقائى البيان مباشرة، هو قيام الوفد الفلسطينى برئاسة وزير الخارجية بالاتجاه نحوى لتهنئتى والإعراب عن التقدير الفلسطينى لبيان مصر أمام المحكمة.

هناك إشادة واسعة من سيدات مصر على تميزك اللافت باعتبارك نموذجا مشرفا للمرأة المصرية.. بما تعلقين على ذلك؟

أنا فخورة بأننى أول سيدة مصرية تمثل مصر أمام محكمة العدل الدولية، وذلك فى الوقت الذى نلاحظ فيه ضعف تمثيل السيدات فى المؤسسات القضائية الدولية، سواء كقاضيات أو كممثلات لدولهن فى المرافعات، وحقيقة فإن ذلك ليس غريبا على مصر التى كثيرا ما كانت رائدة فى مجال تمكين المرأة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، كما أنه ليس غريبا على وزارة الخارجية المصرية، التى أفرزت العديد من السفيرات والوزيرات القديرات والمتميزات فى كل المجالات.

كيف كان استقبالك نبأ اختيارك لإلقاء كلمة مصر أمام العدل الدولية؟

كان حلما لى منذ دراستى القانون الدولى أن أمثل مصر فى محكمة العدل الدولية، فإن تكليفى بهذه المهمة كان شرفا عظيما، خاصة أن أمثل مصر فى هذا الرأى الاستشارى المهم الخاص بالممارسات الإسرائيلية غير المشروعة فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، قضية قريبة من وجدانى ووجدان كل مصرى ومصرية.

من هى المستشارة ياسمين موسى.. وما هى البعثات المصرية التى عملت بها بالخارج؟

أنا أم لطفلين، دبلوماسية بمكتب وزير الخارجية، وسبق لى العمل فى البعثة الدائمة لمصر لدى الأمم المتحدة فى جنيف، وفى ديوان الوزارة فى عدد من الإدارات، منها مكتب نائب وزير الخارجية والقطاع القانونى وقطاع العلاقات متعددة الأطراف، وذلك فضلا عن فترات تدريسى بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وجامعة كامبريدج بإنجلترا عقب حصولى على شهادة الدكتوراه من هذه الجامعة.

 

المستشارة ياسمين موسى

أول سيدة مصرية تمثل مصر أمام العدل الدولية

دبلوماسية بمكتب وزير الخارجية المصرى

عملت فى بعثة مصر الدائمة لدى الأمم المتحدة فى جنيف

عملت بالتدريس فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة و«كامبريدج» بإنجلترا عقب حصولها على الدكتوراه

 

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة