طارق البرديسى

الرؤية المصرية والضرورة الإنسانية

الإثنين، 21 أكتوبر 2024 04:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ألم يَأنْ للأسرة الدولية أن تخشع قلوبُها وتُوقِف هذه الحرب التى أتت على الأخضر واليابس فى غزة؟ لا نتحدث الآن فى سياسة دولية أو موازين قوى أو قواعد عدالة أو ترتيبات مصالح، لا.. نحن نتحدث فى هذه اللحظة التاريخية المأساوية عن ضرورة إنسانية، وحاجات حياتية، وضمير عليه أن يتحرك رغم أطماعه وظلمه وخطاياه إلى الإشفاق على أوضاع لا تُرضى حتى الطواغيت والجبابرة عبر التاريخ والعصور.
إنهم قوم لا يكادون يفقهون قولا.. إننا نعلم أن أعينهم فى غطاء عن القانون والعدالة وسنة التاريخ وأمثلته التى تترى، فلا يستطيعون سمعا، لقد ضل سعيُهم الاستراتيجى وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، إنهم يتخذون القانون الدولى والمعاهدات والعرف وكل ما تواضعت عليه الأسرة الدولية هزوا!
الانحياز الكامل الأعمى والالتصاق المطلق بفكرة يدور الشخص فى رحاها، فلا يستطيع الابتعاد عنها فتجده يدور معها مهما كانت الظروف والمستجدات، متحملا مشاق ذلك التخندق وذاك التشرنق يشكل عُصابة على العين، لكن التعصب والتجبر له حدود وعليه أن يقف من تلقاء ذاته عند الضرورات الإنسانية.
إن معاناة أهل غزة تخطت كل الحدود وكل التصورات، فهروب النوم وعدم أخذك قسطا وافرا منه يؤثر على صحتك وأعصابك، فما بالك بمن لا ينامون ولا يأكلون ولا يشربون ولا يجدون الشاش ولا الأقطان ولا الأكفان.. ما حالهم؟!
من أى نبت طيب وشجر مبارك وجبال راسيات وأطواد شامخة قدت شخصياتُهم!
العزة والفخر والفخار لكم وبكم يا أهل غزة
رغم الفواتير الباهظة والأثمان الفادحة.. صبرا آل غزة، فإن الصبح قريب بإذن الله.
بعد مرور عام على السابع من أكتوبر كيف يمكن أن نرى ما مضى وما سيكون؟
هل سترسم ملامح خريطة توازن قوى جديدة ومعادلات أمنية لم تكن موجودة؟
بشىء من القراءة الموضوعية المتأنية، خاصة فى ضوء التطورات المتلاحقة والعواصف الكاسحة غير المسبوقة وغير المتوقعة نستطيع إدراك أن الهيبة الإسرائيلية، التى سقطت فى غزة وعلى مدار عام ولم تتمكن فيها فيما يبدو أنها بدت متمكنة الآن بعد استراد هيبتها  فى لبنان وحتى الآن لا يمكن أن نعتبر هذه نهاية بل بداية، وهذا منطق الأشياء وفكرة المقاومة التى أبدا لا تموت، فمن تبهره القوة الإسرائيلية ويتغنى بتقدمهم التكنولوجى وتفوقهم الاستخبارى، ويبث روح الهزيمة واليأس بيننا ولا يرى فينا إلا الوهن والضعف، ويطالب دوما بنهج الانبطاح مرحليا ونهائيا، ويرى المقاومة حمقا وإجراما ولا يرضيه إلا مقاربة الاستسلام والإذعان، زاعما حكمة هذه الرؤية الكلية ومنافعها، متناسيا أنه لا جديد فى طرحه، فجميعنا على اختلاف توجهاتنا، نعرف حقيقة أن التفوق الغربى المقدم لإسرائيل موجود ومكفول، لأنهم «الأمريكيون والأوروبيون» يعتبرونه موطء قدمهم فى الشرق الأوسط وقاعدتهم المتقدمة، لم يكن أبدا تحالفا بل اندماج سياسى وتوحد استراتيجى، فالغرب والإسرائيلين وجهان لعملة الاستعلاء!
لكن مصر دوما هى الدولة الوتد
فى الملمات والزلازل الاستراتيجية وبراكين الاضطرابات ينادى الكل:
ويحك مصر أَقْدم! «كما يقول الشاعر العربى»
مصر هى الدولة الموثوق فى رؤيتها وسياساتها الرامية للسلام والاستقرار، تؤذن مصر فى المجتمع الدولى لكن القوى الكبرى الفاعلة لا تفهم النداء، ولا تستوعب عصارة حكمة مصر التى تؤكد أن الذى يجلب الأمن والأمان هو السلام وليست القوة المفرطة منزوعة الأسس القانونية والأخلاقية.
هذه جولة تتلوها جولات ومعركة فى مسلسل صراع لم ينته ولن ينتهى كما يريد الصهيونى الهوليودى أن يصور، ما زال هناك حلقات فى أجزاء أخرى، فما يحدث لا يعدو كونه مشاهد دموية تهيئ الأجواء لمشاهد مستقبلية أشد ضراوة وأفدح فى نتائجها الكارثية.
مصر لا تتوانى فى تكثيف الاتصالات والتحركات إقليميا ودوليا، وعلى جميع الصعد، وهى تعى أن القضية لها مستويات عدة تعمل مصر فيها جميعا وبالتوازى.
آن الأوان للاستجابة للرؤية المصرية
فمصر تقدم تشخصيا دقيقا وروشتة علاج وافية شافية، لأنها تتصدى لجذور المرض وأساس الداء.
إن الإنسانية كلٌ لا يتجزأ ولا ينبغى تطبيق القانون فى موضعٍ وإغفاله فى مواضع أخرى.
التطرف والحماقة وظلم الإنسان لأخيه الإنسان يجعلنا فى أحط مرحلة تشهدها البشرية، رغم ادعاء حداثتها ومدنيتها ومنجزاتها الحضارية،
مصر ستظل الصخرة التى يتحطم عليها أطماع المعتدين، فقواتها المسلحة الباسلة عمودُ خيمة الاستقرار ووتد خيمة السلام ودرع المصريين.
الدولة المصرية قيادة وحكومة وشعبا لا تريد إلا إسكات نعيق بوم الخراب والشرور، وتعمل ليل نهار من أجل حماية الاستقرار.
إذا أردنا سماع طيور السلام وتراتيل السلام فليتوقف فورا عدوان نتنياهو، وليشرع المجتمع الدولى بإزالة الركام والأنقاض، وغرس شجيرات السلام فى غزة بعد نعيق غربان الدمار على أطلالها.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة