الأيادى المصرية البديعة نجحت فى إعادة الحياة لأهم منطقتين داخل معابد الكرنك، وحققت نجاحات عظيمة ظهرت آثارها فى الترويج السياحى العالمى لها وهى "صالة الأعمدة الكبرى" و"كباش الكرنك"، فالنجاح لا يأتى من فراغ فبعد الجمال الذى ظهر من جديد أمام ضيوف العالم بألوان ونقوش بديعة فى صالة الأعمدة، وتنظيم وسحر خاص بالكباش فى الفناء الأول بالمعبد حقق الكرنك زيارات تاريخية تليق بأكبر وأعظم وأقدم دور عبادة فى التاريخ بمساحة تزيد عن 247 فدانا كاملة، وشارك فى بنائها عدد من ملوك القدماء المصريين.
فى هذا الصدد يرصد "اليوم السابع" التفاصيل الكاملة للنجاحات التى تم تحقيقها بأيد مصرية خالصة فى المشروع الأبرز بمعابد الكرنك، وهو صالة الأعمدة الكبرى التى تمت إعادة الحياة لها من جديد، حيث كشف الطيب غريب مدير بمعابد الكرنك، أن المشروع يعتبر من أهم مشروعات الترميم التى تمت فى مصر العليا وخاصة معابد الكرنك، وفند أهم مظاهر التلف التى كانت متواجدة بها، وأهم العوامل التى تأثر عليها، وكذلك عمليات العلاج والترميم التى تمت، حيث تضمن المشروع توثيق مظاهر التلف، وتنظيف طبقة الطلاء، وإعادة لصق الأجزاء المنفصلة من الحجر، وحقن الشروخ، وتدعيم الأجزاء الضعيفة من الحجر والبلاستر، وأخيراً تثبيت طبقة اللون.
ويضيف الطيب غريب فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن صالة الأعمدة الكبرى تحتوى على 134 عموداً فى 16 صفاً؛ الصفان الأوسطان أعلى من الصفين الآخرين ويبلغ ارتفاعهم حوالى 20 متر، وتأخذ تيجانها شكل زهرة البردى المفتوحة وتمثل الصحن الرئيسى للصالة، أما عن باقى الأعمدة فيبلغ ارتفاعهم حوالى 14 متر، وتأخذ تيجانها شكل نبات البردى، وزينت جدران القاعة والأعمدة بنقوش بارزة وعلى الجانب الخارجى للجدار الجنوبى نقش عليه معركة قادش.
أما عن مظاهر التلف فى صالة الأعمدة، فيقول المدير بمعابد الكرنك، إنه قبل العمل كانت هناك العديد من مظاهر التلف الظاهرة فى الأعمدة، ومن أهمها تمت تغطية النقش وطبقة الطلاء بطبقة من الغبار، مما يجعل النقش مخفياً وغير مرئى للزوار، وظهور تأثير الرطوبة واضحاً جداً على الأعمدة والجدران ويتمثل فى تزهر الأملاح على الأسطح السفلية للأعمدة ونزيف للحجر الرملى والتفكك الحبيبى الناتج عن فقد المادة الرابطة للحبيبات، وهناك بعض أجزاء الحجر انفصلت ولا تزال فى مكانها الأصلى بسبب ضغط حمولة الحجر وتحتاج إلى إعادة لصقها، وهناك أجزاء من طبقة البلاستر منفصلة بالإضافة إلى أن بعض المناطق بها تفكك حبيبى للبلاستر، ومن مظاهر التلف الهامة أيضا الأضرار البيولوجية التى تصيب السطح مثل فضلات الطيور ودماء الخفافيش، والأعشاش الطينية لبعض أنواع الحشرات، ومونة الترميم السابقة المكونة من الأسمنت الأسود التى استخدمت سابقا فى استكمال الأماكن الناقصة من الأعمدة، والتى تحتوى على نسبة عالية من الأملاح بالإضافة إلى صلابتها التى تؤثر على الحجر الرملى.
وأكد الطيب غريب، إنه بدأ العمل منذ سنوات بتوثيق جميع الأعمدة من خلال تصوير كافة الأعمدة قبل الترميم، وعمل نسخة ثلاثية الأبعاد لكل عمود قبل وبعد أعمال الترميم، كما تم أيضاً عمل خريطة التلف التى لحقت بكل عمود وخريطة لأعمال الترميم والمعالجة التى تمت، وبعد ذلك تم تدعيم الطبقات المنفصلة مسبقاً وتقويتها تقوية أولية باستخدام الورق اليابانى بمادة C.M.C ثم حقنها بمادة الأكريل AC33، وتقوية المناطق الضعيفة فى الاجزاء المنفصلة من الحجر وازالة مونة الترميم القديم المكون من الأسمنت الأسود واستبداله بمونة جيرية مناسبة، ثم تمت أعمال التنظيف الميكانيكى للنقوش باستخدام الفرش المختلفة، وإزالة أعشاش الدبابير بالفرر والمشارط بعناية فائقة، وتمت إعادة لصق الاجزاء المنفصل من الأحجار بمادة الأرالدايت، وتمت أعمال التنظيف الكيميائى باستخدام الكمادات ثم التنظيف بالماء المقطر لإزالة تأثير المواد الكيميائية، وبعد الانتهاء من أعمال الترميم والمعالجة تم تقوية وتثبيت طبقة الألوان، وتم ملئ الفواصل واستكمال الأجزاء المفقودة بمونة الجير المناسبة للحجر الرملى.
كما يرصد "اليوم السابع" تفاصيل المشروع الثانى الأبرز بمعابد الكرنك، فيقول صلاح الماسخ مدير بمعابد الكرنك، أن مشروع ترميم تماثيل أبو الهول خلف الصرح الأول بالكرنك والتى بلغ عددها فى الجهتين الشمالية والجنوبية 48 تمثالاً، يعتبر أهم المشروعات القومية داخل المعبد حيث أن ظهرت الحالة المزرية لتماثيل أبو الهول قبل الترميم فى الفترة السابقة وأثناء أعمال مشروع الصوت والضوء بالكرنك، فتم عمل ترميم لهذه التماثيل باستخدام الأسمنت الأسود والطوب الأحمر والذى يحتوى على نسبة عالية من الأملاح وهو شديد الصلابة، فلذلك تم استبداله بمونة حديثة مناسبة.
ويضيف صلاح الماسخ فى تصريح لـ"اليوم السابع"، إنه كانت من أهم مظاهر التلف التى وجدت فى التماثيل وجود تفتت ونزيف فى الكثير من الأجزاء بسبب الرطوبة والأملاح، ووجود شقوق وانفصال فى بعض الأجزاء، ووجود الكثير من الأجزاء المفقودة من تماثيل الكباش، والأجزاء المنفصلة مدعمة بالمعدن مع مرور الوقت تآكل المعدن، وهناك مونة ترميم سابقه بالأسمنت الأسود والطوب الأحمر، ونمو النباتات بين الأجزاء المنفصلة والشقوق، ووجود طبقة من الغبار تغطى سطح تماثيل أبو الهول بالكامل، بالإضافة إلى بعض بقايا الطيور بسبب وجود تماثيل أبو الهول فى منطقة مفتوحة، وكانت هناك تأثيرات للحشرات التى تتغذى على بعض المعادن فى تركيب الحجر.
ويؤكد مدير بمعابد الكرنك، إنه شملت أعمال الترميم نقل التماثيل من مكانها الأصلى إلى موقع العمل ثم تمت إزالة الأسمنت الأسود والطوب الأحمر الموجود فى قاعدة التماثيل، وبعد ذلك تم استبدال التربة الموجودة أسفل القاعدة بتربة جديدة وعمل قاعدة جديدة، وأخيراً تم نقل التماثيل إلى القاعدة الجديدة بعد الترميم، وتمت أعمال الترميم عبر توثيق جميع التماثيل قبل أعمال الترميم بالتصوير الفوتوغرافى والتقارير المكتوبة ورسم خرائط التلف، وتم التنظيف الميكانيكى للفواصل وأسطح الأجزاء باستخدام فرش ومشارط مختلفة، وإزالة بقايا مونة الترميم القديم باستخدام الأزاميل الصغيرة، وتمت تقوية الأجزاء الضعيفة من التماثيل وحقن الأجزاء المنفصلة وإعادة لصق الأجزاء الصغيرة معاً، وتم وضع القطع الكبيرة على القواعد الجديدة وتسليحها مع بعضها باستخدام اسياخ الاستانليستيل المقاوم للصدأ، وتم إستكمال الأجزاء المفقودة من التماثيل باستخدام مونة الجير المكون من الرمل والجير وبودر الحجر الرملى، مع إضافة بعض الأكاسيد اللونية لتكون قريبه من شكل الحجر الأصلى لتجانس الرؤية البصرية بمستوى منخفض عن سطح الأثر للتمييز بين الاصلى والاستكمال على حسب ما نصت عليه المواثيق الدولية.
وعقب نهاية العمل فى تلك المشروعات القومية بالكرنك، يقول الدكتور مصطفى الصغير مدير عام معابد الكرنك وطريق الكباش، أن تلك المشروعات القومية أثرية تمت بأيدى مصرية خالصة حققت مرادها فى إعادة رسم المشهد من جديد أمام سياح العالم داخل معابد الكرنك دار العبادة الأكبر والأقدم فى العالم بمساحة 247 فدانا، وساهمت فى إحداث طفرة كبيرة من زيارات السائحين من حول العالم للاستمتاع بسحر الحضارة المصرية القديمة وسحر الترميمات وتغيير المشهد أمام عيونهم خلال زيارتهم للمعبد الأكبر فى العالم، حيث إنه لا يزال السحر الخاص بمعابد الكرنك عقب سلسلة من مشروعات التطوير والتجديد لخدمة السائحين، تجذب الأفواج الكبيرة القادمة من مختلف دول العالم على محافظة الأقصر عاصمة الحضارة المصرية القديمة، والتى تستمتع بمعرفة التاريخ المصرى القديم وحضاراته المختلفة، داخل المعبد الأقدم والأكبر فى العالم لعبادة الثالوث المقدس فى فترة التاريخ الفرعونى.
ويضيف الدكتور مصطفى الصغير فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن أعمال التشييد التى أجريت داخل معابد الكرنك استمرت لأكثر من 2000 عام، وقد بدأ الملك "تحتمس الثالث" (1500 ق.م) بتشييد 3 مقاصير لثالوث "طيبة" المقدس على أنقاض ذلك المعبد القديم، وما زالت مقاصير "تحتمس الثالث" موجودة فى فناء الملك "رمسيس الثاني" بالمعبد، واشترك فى إنشاء وإقامة هذه المعابد كل من "توت عنخ آمون" والملوك "آي"، و"حور محب"، و"سيتى الأول"، كما أجرى الملك "رمسيس الثاني" توسعات فى المعبد، موضحاً أن مدخل المعابد هو "طريق الكباش" الملىء بتماثيل لحيوان كان رمزاً للقوة لدى الفراعنة، والمعابد داخل الكرنك بنيت بدايةً من الأسرة الـ11 حوالى فى العام 2134 ق.م، وكانت محاطة بأسوار من الطوب اللبن ترتبط ببعضها بممرات تحرسها تماثيل متراصة على صفين لأبى الهول، ويضم حالياً مجموعة معابد تصل لـ11 معبدًا، وأشهرها "معبد آمون وخونسو وأخناتون وموت وبتاح ورمسيس الثالث ورمسيس الثانى"، موضحاً إنه سمى مؤخراً بهذا الإسم بعد الفتح الإسلامى لمصر لكون كلمة "الكرنك" تعنى الحصن أو المكان الحصين.
استمتاع السياح بقلب صالة الأعمدة فى الكرنك
اقبال سياحى كبير فى معابد الكرنك
الألوان والنقوش البديعة فى صالة الأعمدة الكبرى
الألوان والنقوش تظهر فى مشروع صالة الأعمدة الكبرى
الترميمات بأيدي مصرية تعيد كباش الكرنك لحالتها
الكباش فى الصرح الأول بمعابد الكرنك
النقوش والألوان فى قلب صالة الأعمدة بالكرنك
النقوش والألوان فى معابد الأقصر
ترميم كباش الكرنك أبرز المشروعات فى المعبد
جانب من ظهور الألوان فى صالة الأعمدة الكبرى
جانب من ظهور النقوش والألوان على صالة الأعمدة
زيارات سياح العالم لمعابد الكرنك
زيارات عظيمة لمعابد الكرنك أقدم وأكبر دور عبادة في التاريخ
سحر الألوان فى صالة الأعمدة يجذب السياح
سحر خاص فى كباش الكرنك عقب ترميمها بالمعبد
كيف حقق رجال فرق الترميم بمعابد الكرنك أبرز نجاحات
مشاهد كباش الكرنك عقب نهاية ترميمها بالمعبد
مشهد ساحر لكباش الكرنك عقب ترميمها وصيانتها
معابد الكرنك تشهد إقبال سياحى كبير للأفواج القادمة
نقوش وألوان بديعة فى صالة الأعمدة الكبرى
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة