سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 27 يناير 1971.. الزعيم الصينى «شوين لاى» يفاجئ وفدا مصريا رفيعا يزور بكين بسؤال: «لماذا مات جمال عبدالناصر؟»

السبت، 27 يناير 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 27 يناير 1971.. الزعيم الصينى «شوين لاى» يفاجئ وفدا مصريا رفيعا يزور بكين بسؤال: «لماذا مات جمال عبدالناصر؟» الزعيم الصينى شوين لاى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
استقبل رئيس الوزراء الصينى، شوين لاى، الوفد المصرى فى مكتبه بالعاصمة بكين يوم 27 يناير، مثل هذا اليوم، 1970، وذلك أثناء جولته لدول الشرق الأقصى ليشرح سبب عدم تمديد وقف إطلاق النار بين مصر وإسرائيل لأجل غير مسمى، حسبما يؤكد محمد حسنين هيكل فى كتابه «عبدالناصر والعالم ».
 
كان اللقاء بعد رحيل جمال عبدالناصر يوم 28 سبتمبر 1970، ويكشف «هيكل »: رحب شوين لاى بالوفد الذى يرأسه لبيب شقير رئيس مجلس الأمة، ومحمد عبدالسلام الزيات وزير الدولة للشؤون البرلمانية، وبعد أن جلسوا وتبادلوا التحيات الرسمية، اندفع «شوين لاى » فورا إلى الخوض فى مسألة وفاة عبدالناصر، وقال لأعضاء الوفد:  «هل تستطيعون الإجابة عن سؤال يحيرنى أود أن أطرحه عليكم، وسؤالى هو: لماذا مات عبدالناصر؟ وشعر أعضاء الوفد بالحيرة، لكنه مضى يلح فى استجوابه: متى ولد عبدالناصر؟ أجابوا: فى 15 يناير1918، سأل: ومتى توفى؟ أجابوا: فى 28 سبتمبر 1970، قال: إذن مات عن اثنين وخمسين سنة وثمانية أشهر وثلاثة عشر يوما، فهل هذا ممكن؟».
 
يؤكد «هيكل» أن الذهول ظل مسيطرا على الوفد المصرى وردوا بأن عبدالناصر مات نفاذا لإرادة الله وقضائه، وهنا قال لهم «شوين لاى »: «يجب ألا نحمل الله مسؤولية ما نفعل، لا بد من سبب، عبدالناصر مات شابا فى الثانية والخمسين، هى سن صغيرة. إننى الآن فى الثانية والسبعين، ولا أزال أعمل وأنا كما ترون فى صحة جيدة ».
 
أضاف «شوين لاى»: «لا أستطيع أن أتصور كيف مات، كان رئيس دولة وزعيما للعالم العربى، وتتوفر له أفضل العناية الطبية، فكيف سمحتم له بأن يموت؟»، يؤكد «هيكل»: «خيم الصمت على أعضاء الوفد، إذ لم يكونوا يملكون جوابا على السؤال، ولم يطل البحث عن الجواب فقد كان جاهزا لدى «شوين لاى»، وقال: «سأوضح لكم السبب، لقد مات من الحزن والقهر، مات كسير القلب، خدعه السوفيت، ودفعوه إلى مأزق ثم تخلوا عنه، وتركوا فؤاده يتحطم وينكسر».
 
وفقا لـ «هيكل»: «رد أعضاء الوفد محتجين بأن الاتحاد السوفيتى لم يتخل عن مصر، وأنه يمدها بالسلاح، فرد «شوين لاى»: يبيع لكم السلاح تقصدون؟ وراح أعضاء الوفد يناقشون قائلين: هذا ليس صحيحا، والاتحاد السوفيتى عوض مصر بكل الأسلحة التى فقدناها فى معارك يونيو 1967 وبلا ثمن، فمصر لا تدفع سوى ثمن الأسلحة الجديدة، ورد «شوين لاى»: كيف تستطيعون الشراء؟ يجب ألا تشتروا، فمن غير المتصور أن تهبط الدولة الاشتراكية الأولى إلى مقام تاجر أسلحة».
 
يعلق «هيكل»: «كانت المناقشة للموضوع تنطوى- بالطبع- على جميع أصداء النزاع الصينى السوفيتى الذى كان «شوين لاى» يمارسه على الطريقة الصينية، ولكن حقائق الموقف تختلف عما ذكره وأكثر تعقيدا مما يبدو».
 
يلقى «هيكل» الضوء على العلاقة الخاصة بين عبدالناصر وشوين لاى، قائلا: «كانت صداقة حميمة بشكل خاص، فقد كانا يستمتعان بصحبة كل منهما الآخر، ويجلسان الساعات الطوال متناولين فى حديثهما الكثير من الأشياء، وكانا يرتحان كلاهما إلى الآخر ومع الآخر، وكان عبدالناصر معجبا بشكل خاص بتصميم شوين لاى وفكره المرتب، وبطريقته الكاملة فى التنظيم التى كان يعالج بها أى موضوع يطرقه أو يريد أن يفعله، وأحسب أنهما أمضيا معا فعلا 74 ساعة من الجلوس والحديث معا، وذات مرة فى أثناء زيارة للقاهرة قام بها شوين لاى يونيو 1965 استغرقت 12 يوما، تقابلا فيها 16 مرة للنقاش والحديث، وروى شوين لاى لعبدالناصر أن صلته الأولى بمصر ترجع إلى اليوم الذى مر فيه عبر قناة السويس فى طريق عودته من باريس للبدء فى عمله الثورى فى الصين».
 
كانت المرة الثانية عام 1954 فى طريق عودته إلى الصين من مؤتمر جنيف الخاص بالهند الصينية، كان عائدا عن طريق الهند، ووضعت الحكومة الهندية طائرة تحت تصرفه، وذهب السفير الهندى لاستقباله فى مطار القاهرة، حيث لم يكن فى استقباله من الجانب المصرى- باستثناء سلطات المطار- سوى أحد موظفى التشريفات فى الخارجية المصرية، كانت تلك بداية غريبة فى ضوء الصداقة التى ربطته فيما بعد بـ«عبدالناصر»، وفى تلك المناسبة بعث «شوين لاى» ببرقية من الطائرة يقول فيها: إنه إذا كانت الطائرة ستزود بالطعام، فيأمل أن يكون طعاما مصريا، وتسلم السفير الهندى البرقية، وبعث من المطار يطلب «كباب وطحينة » لرئيس الوزراء الصينى.
 
يؤكد «هيكل» أن أول اجتماع لـ «عبدالناصر وشوين لاى» كان فى رانجون، عندما كانا فى طريقهما لمؤتمر دول عدم الانحياز فى باندونج، وكان الصينيون حريصين على هذا الاتصال، فقد كانت مصر بدأت تبرز كزعيمة للعالم العربى، وكان الصينيون يراقبون عن كثب مسلك مصر لأن موقفها من الصين كان يعنى موقف منطقة بأسرها.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة