أمام السيدة الدبلوماسية الهولندية "سيجريد كاغ " مهمة صعبة أشبه بالمستحيلة، بعد أن صدر قرار فى نهاية ديسمبر الماضى من الأمم المتحدة بتعيينها منسقة للإشراف على شحنات الإغاثة الإنسانية إلى غزة، وهو القرار الذى اتخذه مجلس الأمن الدولى منذ أسبوعين لزيادة المساعدات الإنسانية.
القرار تضمن أيضا أن السيدة سيجريد مسئولة ومنسقة أيضا لإعادة إعمار غزة، طبعا عقب انتهاء "الحرب العبثية والمجنونة" التى تقودها إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة منذ أكثر من 3 شهور.
حسب المتابعين والمراقبين للسلوك الإسرائيلى المتعنت والرافض لدخول أية مساعدات إلا النذر اليسير فقط، فالمتوقع أن تجد السيدة كاغ نفسها فى مأزق وأمام مهمة غاية فى الصعوبة، خاصة فى التعامل مع طرف لا يعترف بلغة سوى لغة الدم والقتل والهدم والتدمير بلا أخلاق، ولا تردعه أية مواثيق أو معاهدات قانونية أو إنسانية ويفرض الحصار والتجويع على أكثر من مليونى مواطن فلسطينى.
سوابق العدو الصهيونى منذ بداية الحرب مع المساعدات الإنسانية ودخول الدواء والغذاء الى غزة تدفع الى مزيد من حالة الإحباط والتشاؤم من نجاح مهمة الدبلوماسية الأممية سيجريد كاغ رغم كارثية الأوضاع الإنسانية فى غزة وشبح الجوع والموت الذى يسيطر على كافة أفراد الشعب الفلسطينى فى القطاع، فهناك أكثر من 100 ألف جريح و24 ألف شهيد غالبيتهم من النساء والأطفال، والصور والمشاهد الموجعة فى كافة أنحاء غزة تؤرق ضمائر الشعوب الحرة فى العالم.. فما يحدث اتفق عدد كبير من الدول على أنه جريمة إبادة لشعب بأكمله ويقف أمام نظام دولى بمؤسساته الدولية عاجز وربما فاشل تماما فى وقفه بسبب مظلة الحماية الأمريكية.
فماذا ستفعل منسقة الأمم المتحدة السيدة سيجريد أمام هذا الواقع البائس؟
النشاط والحماس الذى بدا على هيئة السيدة سيجريد أثناء زيارتها إلى العريش ومعبر رفح يلمح إلى بعض التفاؤل والأمل الذى تتمسك بتلابيبه منسقة الأمم المتحدة، ربما مبعثة مهامها المتعددة فى منطقة الشرق الأوسط فقد كانت منسقة خاصة للأمم المتحدة فى لبنان عام 2015 إلى عام 2017. وقبلها ومن عام 2013 إلى عام 2015، عملت منسقة خاصة مشتركة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية وبعثة الأمم المتحدة فى سوريا.
كما شغلت منصب مساعد الأمين لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى فى الفترة بين 2010 إلى 2013، ومنصب المدير الإقليمى لمنظمة اليونيسف لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى الأردن فى الفترة بين 2007 إلى 2010. اذن فالسيدة كاغ تتمتع بخبرة واسعة فى الشئون السياسية والإنسانية والتنموية، والدبلوماسية أيضا فقد شغلت منصب النائب الأول لرئيس الوزراء، وكانت أول وزيرة للمالية فى الحكومة الهولندية منذ يناير 2022.وقبل ذلك، شغلت منصب وزيرة التجارة والتعاون الإنمائى فى هولندا فى الفترة من أكتوبر 2017 حتى مايو 2021، ووزيرة للشئون الخارجية حتى سبتمبر 2021. وتم انتخاب سيجريد كاغ زعيمة للحزب الاشتراكى الليبرالى فى سبتمبر 2020، ثم استقالت من هذا المنصب فى أغسطس 2023 بعد أن قادت حزبها للفوز فى انتخابات مارس 2021.
الأكثر من ذلك أن المنسقة الأممية حاصلة على درجة الماجستير فى الآداب فى دراسات الشرق الأوسط من جامعة إكستر يمادورا الإسبانية، وماجستير الفلسفة فى العلاقات الدولية من جامعة أكسفورد، وبكالوريوس الآداب فى دراسات الشرق الأوسط من الجامعة الأمريكية بالقاهرة.
كما أن السيدة سيجريد تتحدث 6 لغات هى الهولندية والألمانية والفرنسية والإنجليزية والإسبانية واللغة العربية، فالمعلومات الشخصية تشير إلى أنها متزوجة من إحدى الشخصيات الفلسطينية منذ 30 عاما وهو ما يبرر تعاطفها مع القضية الفلسطينية وأبدت ذلك فى عدة مواقف وتصريحات ضد الاستيطان الصهيونى.
عموما إذا كان هناك بريق أو بصيص أمل أو حتى أهداب تتعلق بها السيد سيجريد فنحن معها وندعمها رغم صعوبة الوضع الكارثى باعتراف مسئولى المنظمات الإنسانية الدولية، بسبب العدوان الاجرامى لآلة الحرب الاسرائيلية التى تمنع وصول المساعدات الإنسانية للقطاع.
فالهمة وفق قرار الأمم المتحدة أنها -أى سيجريد- ستتشرف على استحداث آلية أممية "لتسريع شحنات الإغاثة الإنسانية إلى غزة عبر دول ليست طرفا فى النزاع". وكما قالت سيجريد إنها ستعمل على إدخال أكبر قدر ممكن من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة خلال الأيام القليلة المقبلة. ولم تنس الإشادة بدور الهلال الأحمر المصرى فى تجميع الكم الهائل من المساعدات، وتثمينها للدور المصرى فى إدخال المساعدات إلى قطاع غزة.
نجاح السيدة سيجريد كاغ فى مهمتها الصعبة للغاية يعنى الانتصار على البلطجة الإسرائيلية وفضح أكاذيب تل أبيب أمام العالم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة