قالت الكاتبة الأمريكية ميجان ستاك في مقال بصحيفة نيويورك تايمز إن إدارة جو بايدن استخدمت ما أطلقت عليه "أسلوب الرفض الساذج" فيما يتعلق باتهام إسرائيل امام محكمة العدل الدولية بارتكاب إبادة جماعية في غزة، واتخذت مصطلح "لا أساس لها" للدفاع مقابل ملف ملئ بالأدلة الدامغة قدمته جنوب افريقيا لاثبات انتهاك تل أبيب اتفاقية منع الإبادة الجماعية .
أشارت الكاتبة الأمريكية الى أن الوثيقة المقدمة لمحكمة العدل الدولية تم توثيقها وضبط مصادرها بدقة، وقال العديد من الخبراء القانونيون ان الحجة فيها قوية للغاية.
وقد قدمت كلمات المسؤولين الإسرائيليين دليلا على النوايا، بدءا من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يحث الإسرائيليين على تذكر رواية العهد القديم عن مذبحة عماليق مشددا على "لا تعفوا عن أحد بل اقتلوا الرجال والنساء"، إلى وزير الدفاع يوآف جالانت الذي تعهد بأن غزة لن تعود إلى ما كانت عليه من قبل قائلا: "سوف نزيل كل شيء" ووزير الطاقة والبنية التحتية بتعهده لن يحصلوا على قطرة ماء أو بطارية واحدة حتى يغادروا هذه الدنيا".
ومقابل هذه التصريحات والأدلة، تقف الولايات المتحدة إلى جانب حليفتها على حساب الفلسطينيين، ولفتت الكاتبة الى تصريحات وزير الخارجية انتوني بلينكن في تل ابيب التي قال فيها: "تهمة الإبادة الجماعية لا أساس لها كم الصحة"، وقول متحدث مجلس الامن القومي جون كيربي عن القضية: "لا قيمة لها وتؤدي لنتائج عكسية ولا أساس لها في الواقع مطلقا"، وقالت ستاك ان موقف اللامبالاة الذي تنتهجه إدارة بايدن يوحي بالسذاجة.
وترى الكاتبة الامريكية انه من خلال التحدث علنا عن تدمير غزة وتشتيت سكانها، نجح القادة الإسرائيليون في نشر ما تم إخفاؤه أو إنكاره في حالات أخرى من الإبادة الجماعية، إلا أن جلسات محكمة العدل الدولية لن تجيب عن كون إسرائيل ارتكبت أو لم ترتكب إبادة جماعية، ولكن إذا اقتنعت لجنة القضاة بأن الاتهام بالإبادة الجماعية أمر معقول، فعليها أن تأمر "على وجه السرعة القصوى" إسرائيل بوقف هجومها من أجل حماية الفلسطينيين والحفاظ على الأدلة.
وقالت ان التأكيد على أن الأدلة تشير إلى حدوث إبادة جماعية من شأنه أن يجبر المجتمع الدولي على حماية سكان غزة الذين يعانوا من الصدمة والجوع، من خلال المطالبة بوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات، وعلى المدى الطويل يمكن أن تضع هذه القضية الأساس المبكر لفرض عقوبات على إسرائيل أو محاكمة مسؤوليها.
وتتابع الكاتبة بأن هذه الإجراءات هي بالنسبة للولايات المتحدة أيضا ذات معنى لأن إدارة بايدن هي الراعي الذي لا غنى عنه لهذه الحرب، حيث قامت بتسليح وتمويل إسرائيل وحمايتها دبلوماسيا على الرغم من التقارير المتزايدة عن قتل وتهجير الفلسطينيين، وبالتالي إذا تبين أن العنف في غزة يمثل إبادة جماعية، فقد تتهم واشنطن بالتواطؤ في الإبادة الجماعية، وهي جريمة في حد ذاتها.
واستشهد المسؤولون الإسرائيليون والامريكيون بـ"الدفاع عن النفس" لتفسير أعمال العنف في غزة، لكن هذه الحجة لا يمكن أن تبرر أعمال الإبادة الجماعية، خاصة أن الهجوم الإسرائيلي على غزة يشكل رد غير متناسب على عملية طوفان الأقصى في السابع من اكتوبر وصفها خبراء بانه "رد مبالغ فيه".
وفي مقطع تلفزيوني إسرائيلي استشهدت به جنوب أفريقيا في دعواها، تحدث العقيد يوجيف بار شيشيت من غزة قائلا: "من يعود إلى هنا -إذا عاد إلى هنا بعد ذلك- سيجد الأرض المحروقة، لا منازل ولا زراعة ولا شيء، ليس لديهم مستقبل".
وقال راز سيجال، المؤرخ الإسرائيلي وخبير الإبادة الجماعية، إن تصرفات إسرائيل في غزة هي بالفعل "حالة نموذجية من الإبادة الجماعية".